قانون الانتخابات ينص على أن يُودَع التصريح بالترشح في ظرف 45 يوماً على الأكثر التالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن الدعوة للانتخابات.
كشفت وزارة الداخلية الجزائرية في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، عن عدد طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل/نيسان المقبل، والذي بلغ 62 مرشحا محتملا، وضمت القائمة 12 حزباً سياسياً و50 شخصية ترشحت بشكل حر.
- انتخابات الجزائر تعمق الصراعات داخل صفوف الإخوان
- مراقبون يكشفون لـ"العين الإخبارية" سيناريوهات رئاسيات الجزائر المقبلة
وتنص المادة 141 من قانون الانتخابات الجزائري، بأن "يودع التصريح بالترشح في ظرف 45 يوماً على الأكثر التالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن دعوة الناخبين للانتخابات، على أن يفصل المجلس الدستوري في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار في أجل أقصاه 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح".
ويفرض قانون الانتخابات على المرشح للانتخابات الرئاسية، أن يجمع عددا معيناً من التوقيعات؛ إذ تنص المادة 142 من القانون ذاته أنه "يقدم المرشح إما قائمة تتضمن 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس شعبية بلدية أو ولائية أو برلمانية على الأقل، وموزعة عبر 25 ولاية على الأقل، وإما قائمة تتضمن 60 ألف توقيع فردي على الأقل، لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية، ويجب أن تجمع عبر 25 ولاية على الأقل، وينبغي ألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1500 توقيع".
ووفقاً لقائمة المرشحين المؤقتين التي حصلت عليها "العين الإخبارية"، فإن غالبية المرشحين "غير معروفين" للرأي العام الجزائري، مع وجود أسماء سبق لها المشاركة في انتخابات رئاسية سابقة وأخرى شكّل إعلان ترشحها مفاجأة "قد تخلط الكثير من الأوراق" في الانتخابات المقبلة، كما أشار إلى ذلك محللون سياسيون لـ"العين الإخبارية".
ومن بين الأسماء "الثقيلة" كما تسميها الأوساط السياسية في الجزائر التي أعلنت ترشحها، علي بن فليس رئيس الوزراء الجزائري الأسبق (1999– 2004) ورئيس حزب طلائع الحريات المعارض وأحد أكبر خصوم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في رئاسيات 2004 و2014.
وضمت قائمة المرشحين أيضاً أسماء شخصيات سياسية مثيرة للجدل، مثل الناشط السياسي المعارض رشيد نكاز الذي فشل في الترشح في انتخابات 2014، إضافة إلى النائب البرلماني الحر السابق الطاهر ميسوم الذي اتهم وزير التجارة الجزائري الأسبق عبدالسلام بوشوارب "بالفساد وبالعمالة لفرنسا"، ومنع من الترشح في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2017.
وتتداول الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر أخبارا تتحدث عن احتمال ترشح المزيد "من الأسماء الثقيلة"، التي قد تشكل مفاجأة في انتخابات الرئاسة المقبلة، من بينها رئيسا الحكومة السابقان عبدالمجيد تبون ومولود حمروش، إضافة إلى وزير الطاقة الأسبق المثير للجدل شكيب خليل.
أحزاب الموالاة تتمسك ببوتفليقة
وبعد إعلان الرئيس الجزائري عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، دعت أحزاب الموالاة الممثلة في جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر، الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة إلى الترشح لولاية خامسة.
- بوتفليقة يوجه 3 رسائل سياسية مع قرب انتخابات الرئاسة الجزائرية
- كبرى أحزاب الموالاة تعلن عن تحالف لدعم بوتفليقة في انتخابات الرئاسة
ورأى مراقبون في الجزائر أنه رغم تجديد أحزاب الموالاة دعمها لترشح بوتفليقة، إلا أنها لم "تعلن أن بوتفليقة هو مرشح لكل حزب"، واكتفت بـ"الدعوة" إلى ذلك، على عكس موقف جمال ولد عباس الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) الذي أعلن "أن بوتفليقة هو مرشح الجبهة"، قبل أن تتم إقالته بطريقة أثارت الجدل في الجزائر، واعتبر متابعون للشأن السياسي أن "ولد عباس تسرع في تقديم بوتفليقة مرشحاً وهو ما عجل بإقالته، خاصة أن الرئيس الحالي عرف عنه رفضه أن يكون مرشحاً بمبادرة سياسية من أحزاب الموالاة".
غير أن موقف الحركة الشعبية الجزائرية (من أحزاب التحالف الرئاسي) من ترشح بوتفليقة لولاية خامسة أثار تساؤلات في الجزائر حول موقف رئيس الحزب ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس "الذي لم يعلن عن موقف حزبه من الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولم يطلب من بوتفليقة الترشح"، وهو ما فسره متابعون بـ"التحفظ على فكرة الولاية الخامسة ومحاولة للتقوقع مع مرشح قوي آخر مسنود من جهات نافذة في السلطة".
ومع ذلك، يبقى موقف الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة الذي تنتهي ولايته الرئاسية في في 27 أبريل/نيسان المقبل غامضاً، في وقت أشار فيه مراقبون لـ"العين الإخبارية" إلى أن موقف بوتفليقة من ترشحه لولاية خامسة سيكون المقياس الحقيقي لقوة الانتخابات المقبلة، وبوصلة لمستقبل المشهد السياسي للجزائر بعد 18 أبريل/نيسان المقبل.
جنرال متقاعد يخلط الحسابات
ومن بين الأسماء "الثقيلة" التي أعلنت ترشحها يوجد الجنرال علي غديري الذي أحيل إلى التقاعد عام 2015 بعد 40 سنة من العمل العسكري.
- جنرال متقاعد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية بالجزائر
- انتخابات الرئاسة بالجزائر.. صفعة تخلط أوراق الإخوان وتقسم صفوفهم
وبرز اسم غديري في الشهرين الأخيرين من خلال التصريحات التي أدلى بها لصحف جزائرية، وأثارت الكثير من الجدل، والتي دعا فيها الجيش الجزائري إلى "التدخل لمنع ترشح بوتفليقة لولاية خامسة"، ما استدعى تدخلاً من قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الذي "هدد القادة العسكريين المتقاعدين الذين يتحدثون إلى وسائل الإعلام باللجوء إلى القضاء وتجريده من رتبته العسكرية".
وفي رسالة إعلانه ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، واطلعت عليها "العين الإخبارية"، شن الجنرال المتقاعد "هجوماً لاذعاً على السلطة الحالية في الجزائر"، وحذر من "مستقبل مجهول للجزائر" على حد تعبيره، ووصف قرار ترشحه بـ"التحدي الأكبر الذي فرضته الظروف العويصة التي قد تحمل مخاطر على الأمة".
وأثار دعم المحامي والناشط الحقوقي المعارض مقران آيت العربي، للجنرال المتقاعد علي غديري مفاجأة كبيرة في الشارع الجزائري، خاصة أن الناشط الحقوقي يعد من الشخصيات السياسية التي "حافظت على معارضة ثابتة لكل رؤساء الجزائر منذ إقرار التعددية السياسية عام 1989".
غير أن مراقبين اعتبروا أن مواقف آيت العربي السابقة قد تشكل "الإضافة الكبيرة" للجنرال المتقاعد المترشح، وأعلن الناشط الحقوقي المعارض في بيان مساندة لعلي غديري، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله "مشاركته فعلياُ في حملته الانتخابية"، وعبّر "عن تفاؤله من ترشح غديري لرئاسيات 2019، وإمكانية إحداثه التغيير" كما قال.
وفي الوقت الذي تحدثت فيه وسائل إعلام جزائرية ودولية عن ترشح "4 قادة عسكريين متقاعدين آخرين"، أظهرت القائمة التي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها والصادرة عن وزارة الداخلية الجزائرية "عدم وجود أسماء أخرى لمسؤولين عسكريين سابقين في الجيش الجزائري".
وذكرت المصادر الإعلامية أن كلا من الضابط المتقاعد رمضان حملات والمقدم المتقاعد سليم لطرش، وطبيب متقاعد برتبة عقيد، أعلنوا ترشحهم للانتخابات المقبلة، وهي الأسماء التي لم تظهر في قائمة المرشحين المؤقتين، رغم إشارة مراقبين لـ"العين الإخبارية" إلى احتمال إعلان ترشحهم الرسمي في الأيام القليلة المقبلة.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" كشف المحلل السياسي عبدالعالي رزاقي عن أن "إعلان ترشح الجنرال المتقاعد علي غديري أخلط حسابات حركة مجتمع السلم الإخوانية، وكان ذلك سبباً في إفشال مبادرة تأجيل الانتخابات بالنظر إلى وزن المرشح".
وعن احتمال ترشح مسؤولين عسكريين والأسماء التي طرحها الإعلام المحلي في الجزائر، اعتبر رزاقي "أن ترشح بعض الأسماء سيكون بإيعاز من جهات ما، بهدف التشويش على المرشح علي غديري الذي يبقى أقوى مرشح في الانتخابات المقبلة"، متوقعاً أن يكون "هو الرئيس القادم للجزائر في حال عدم ترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، بالنظر إلى مستواه التعليمي، فهو يحمل شهادة دكتوراه وليس متهماً في قضايا فساد".
ويرى المحلل السياسي أن "الجزائريين يثقون بالأسماء العسكرية أكثر من السياسية"، وقال: "لا يوجد سياسيون في الجزائر، كيف يعقل أن يثق الجزائريون بشخصية ترشحت 3 أو 4 مرات، وهدفها الحصول على الامتيازات المالية التي تمنح للمرشحين في الانتخابات الرئاسية".
أما الدكتور عبدالرحمن بن شريط المحلل السياسي وأستاذ الفلسفة السياسية في جامعة الجزائر، فتوقع في حديث مع "العين الإخبارية" ارتفاع عدد المرشحين المحتملين إلى أكثر من 100 شخص.
وأشار إلى "صعوبة التكهن بحظوظ العسكريين المتقاعدين في الانتخابات الرئاسية، بالنظر إلى غياب المعايير الموضوعية التي تسمح لنا بوضع ترتيب معين لكل المرشحين، إضافة إلى وجود اعتبارات كثيرة تتحكم في نتائج أي انتخابات في الجزائر، خاصة الجانب الجهوي (على حسب المنطقة) الذي يلعب دوراً كبيراً".
ويرى المحلل السياسي "أن التجارب الانتخابية السابقة أشارت إلى أن المصوت الجزائري في الغالب لا يملك الثقافة السياسية الموضوعية التي على أساسها يختار الشخص الذي يختاره أو يدافع عنه، وبالتالي فإن غالبية المترشحين يلعبون في هذا الميدان، من خلال استعمال الخطاب العاطفي واللعب بمشاعر الناس والاعتماد على الخطاب الشعبوي، كما فعل ذلك الإسلاميون في وقت سابق حين تلاعبوا بمشاعر الجزائريين من خلال الارتكاز على العاطفة الدينية".
لذلك –يضيف بن شريط– "فإن أي مختص يريد أن يضع معايير علمية دقيقة لن يجد في المُصوت تلك الهيكلية التي يمكن أن تتوقع نتائج الانتخابات، كما أن التجربة الانتخابية في الجزائر ما زالت تجربة انفعالية وعاطفية وارتجالية في غياب المؤسسات والمشاريع الحزبية، وفي غياب وعي المواطن في حد ذاته الذي لا يعرف ماذا يختار وكيف يتصرف، حتى الطبقة المثقفة والمختصين في السياسة اختلط عليهم الحابل بالنابل في هذه المسائل".
aXA6IDMuMTI5LjY5LjEzNCA=
جزيرة ام اند امز