مؤلفون عرب يناقشون "أزمة الشك" مع الناشرين
الروائية والقاصة الإماراتية مريم الزعابي تؤكد أن العلاقة بين المؤلف والناشر في العالم العربي تحمل داخلها الشك والريبة وعدم الثقة
تبدو العلاقة بين المؤلف والناشر "تكاملية"، إلا أنها تعتبر علاقة شائكة ومرتبكة بين الطرفين في العالم العربي وتحمل داخلها الشك والريبة وعدم الثقة بينهما، ولا تزال تفتقر إلى وجود قواعد ثابتة ومتعارف عليها بين الطرفين، إذ إن معظمها تجارب ميدانية واجتهادات شخصية.
"العين الإخبارية" استطلعت أراء بعض المؤلفين حول هذا الأمر، حيث قالت الروائية الفلسطينية صابرين فرعون إن معظم البلاد العربية تعمل بنظام نشر يحمي حقوق المؤلف والناشر معاً كونهما طرفين في عقد النشر.
وأضافت: "يحدث أن يتحمل المؤلف التكاليف المادية للطباعة وبالمقابل يتكفل الناشر بالفنيات والنشر والمشاركة بالمعارض الدولية والتسويق، وفي حالة انتهاء الطبعة أو المدة المتعاقد عليها، للمؤلِف كامل الحقوق في طبعات أخرى مع الناشر نفسه أو تغيير دار النشر مع مراعاة الأمور المالية المترتبة على الطباعة والنشر.
وتابعت: "يُسمح للمؤلِف أن يتوجه للمكتبة الوطنية لطلب رقم ISPN إيداع ثم التعاقد مع مطبعة بتكلفة أقل مما يدفع لدار النشر، لكنه سيواجه مشكلتين، الأولى: أنه سيضطر للقيام بالتسويق لكتابه من خلال شبكة من العلاقات الشخصية لتوفير نسخٍ من كتبه في المعارض الدولية ومتاجر الكتب الإلكترونية، وهذا ليس بالأمر السهل. والثانية عدم وجود عقد للمؤلف، وبالتالي ستسهل السرقة وتزوير النسخ وبيعها في الأسواق".
وترى الروائية والقاصة الإماراتية مريم الزعابي أن العلاقة بين المؤلف والناشر هي علاقة تكاملية، مؤكدة أن ظهور قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية حفظ الكثير من الحقوق للطرفين، مشيرة إلى أن العلاقة بين المؤلف والناشر في عالمنا العربي مرتبكة بين الطرفين وتحمل داخلها الشك والريبة وعدم الثقة من جهة المؤلف تجاه الناشر.
وتدعو الزعابي إلى أن يعمل الطرفان على الارتقاء بصناعة النشر، وتقول: "المؤلف في حاجة إلى الناشر الذي يتولى إخراج عمله في شكل مادي (كتب) إلى القراء، ويحصل على عائد مادي، ويتفرغ هو للفكر والإبداع، والناشر في حاجة إلى المؤلف الذي يوفر له عمله الإبداعي كي يستثمر ماله وجهده فيه، ويحصل على عائد مادي من وراء المؤلف".
وقال الروائي الأردني صبحي فحماوي: "قد تنشر لك دار النشر وتقبض منك ثمن النشر، مع منع النشر لدى دار أخرى وعدم التزامها بطباعة ألف نسخة، بل قد تكتفي بـ100 نسخة أو 200 على الأكثر، فتعطيك منها 100، وتبيع منها 100 أخرى على 5 سنوات، فهناك سوء تفاهم أو خيانة حقيقية للنشر، ويكون الكاتب هو المتضرر الأول والأخير".
وأضاف فحماوي: "من عيوب النشر الحالية أن كل من يملك ألف دولار يستطيع أن يطبع كتاباً، وأصبحنا نبحث بشقاء لنجد كتابا جيدا".
من جانبه قال الكاتب والشاعر الجزائري رفيق طيبي: "في بيئة عربية محكومة بالمشافهة، ظلت كل العقود بأنواعها الكثيرة رهينة الشكلية، حيث لا نملك عقدا له روح، وتناقش بنوده بناءً على الأثر المتخيل الذي ستحدثه في المستقبل القريب أو البعيد، وحتى شكليا حين ننظر في عقود النشر الأجنبية نكتشف الفرق العميق بين عقود الكتاب العرب وعقود الأجانب".
وأضاف: "نجد مثلا في عقد مع دار غربية حيثيات شديدة الدقة، تتعلق بمواعيد مضبوطة تحدد حركة الكاتب تبعا لنشر كتابه، ومواعيد سنوية تتعلق بإحصاء الأرباح والنسب المستفاد منها وغيرها من بنود تغيب عن دور نشر عربية توصف بالكبيرة".
وقال الروائي والكاتب العراقي محمد حيّاوي: "لا يمكن أن نطلب من الناشر ضمان حقوق الكاتب الذي لا تباع كتبه ويتحول إلى عالة على دار النشر".
وتابع حياوي: "أنا شخصيًا تعاقدت مع دور نشر عربية وهولندية وفرنسية وإيرانية وأخيرًا إنجليزية، وفي الغرب، يولون عناية فائقة لقضية حقوق المؤلف، تبلغ تلك العقود عشرات الصفحات التفصيلية التي لم تترك شأنًا أو زاوية إلّا وغطتها بمنتهى الدقّة، بدءًا من نوع الحرف الذي سيطبع فيه الكتاب والقطع والتصميم إلى حصّة الكاتب من سعر الغلاف مرورًا بآلية التسويق ونظام الدفع وحقوق الترجمة إلى اللغات الأخرى وتحويل النص إلى السينما وغيرها الكثير".