المصالحة الداخلية الفلسطينية وتوحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية هي الطريق نحو حل القضية الفلسطينية.
لقد تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الأموال القطرية التي أدخلت لقطاع غزة والتي تخدم الاستراتيجية الإسرائيلية في تعزيز وتغذية الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومن المعروف أن هذه السياسة القطرية ليست سياسة وليدة اللحظة بل تعود إلى عام 1995، وهو العام الذي شهد مرحلة ما بعد انقلاب حمد بن خليفه على والده والذي كان جل اهتمامه الوصول إلى البيت الأبيض والحصول على الثقة الأمريكية، لقد كان حمد بن خليفه ينظر لإسرائيل بأنها البوابة أو الجسر نحو العبور إلى البيت الأبيض في ظل ما تشكله إسرائيل من مكانة لدى السياسة الأمريكية، ونشاط جماعات الضغط التابعة لإسرائيل في السياسة الأمريكية والرأي العام في الداخل الأمريكي، وفي المقابل كانت إسرائيل تنظر إلى حمد بن خليفه المندفع إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأنه الوسيلة نحو تحقيق الاستراتيجية الإسرائيلية في تغذية وتعزيز الانقسام الداخلي الفلسطيني.
لقد سعت الدوحة لتوظيف قضية فلسطين في خدمة علاقاتها مع الدول الإقليمية مثل إيران وإسرائيل، ولذلك نجد أن الدوحة تحاول الإبقاء على القضية الفلسطينية متأرجحة بين التصعيد الذي تسعى إيران إلى الاستفادة منه ومن ثم التهدئة الذي يخدم علاقة الدوحة بإسرائيل
إن المصالحة الداخلية الفلسطينية وتوحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية هي الطريق نحو حل القضية الفلسطينية، ولذلك ترى إسرائيل أن من مصلحتها الإبقاء على حالة التنافر والصراع بين الأطراف الفلسطينية، فمنذ عام 1995 أصبحت الدوحة هي أداة إسرائيل للعبث بالقضية الفلسطينية والإبقاء على حالة الانقسام الداخلي، في مقابل أن تخفف إسرائيل من الضغط الأمريكي على قطر، وهذا ليس بالأمر المخفي فقد سبق وصرح حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق "ساعات إذا وجدنا الضغط زاد علينا، إسرائيل تخفف علينا الضغط".
القضية الفلسطينية في العقلية القطرية هي مجرد أداة لتحقيق طموحات وأهداف سياسية، وليست قضية حقوق، لقد سعت الدوحة لتوظيف قضية فلسطين في خدمة علاقاتها مع الدول الإقليمية مثل إيران وإسرائيل، ولذلك نجد أن الدوحة تحاول الإبقاء على القضية الفلسطينية متأرجحة بين التصعيد الذي تسعى إيران إلى الاستفادة منه، ومن ثم التهدئة الذي يخدم علاقة الدوحة بإسرائيل. ومنا هنا تخرج قطر بأنها القادرة على ضبط الوضع الفلسطيني عبر علاقتها مع حركة حماس، ولذلك نجد أن الدوحة ترى في المصالحة الداخلية بأنها قطع للطريق امام استمرارية التوظيف السياسي للقضية الفلسطينية وفق ما يخدم أهدافها. وسعت من هذا المنظور إلى توظيف المال القطري في ضرب المصالحات وإجهاضها وإعادتها إلى مربع الصفر؛ لأن حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني لا تخدم الاستراتيجية الإسرائيلية فقط بل تخدم قطر التي تقتات على القفز على الشرعيات وتغذية الانقسامات الداخلية.
لقد تعاملت قطر مع القضية الفلسطينية بتجاوز الشرعية الفلسطينية، والعمل على تغذية الانقسام في الداخل الفلسطيني، ففي ظل حالة التفاؤل وارتفاع التوقعات بانفراجه وشيكة في فلسطين خلال الفترة المقبلة فيما يخص ملف المصالحة الداخلية، نجد أن الأموال القطرية التي دخلت إلى قطاع غزة مؤخرا وعبر مطار بن غوريون وبرعاية إسرائيلية الهدف الرئيسي منها إجهاض الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الداخلية والإبقاء على حالة الانقسام الداخلي والقفز على الشرعية الفلسطينية.
ونحن نتحدث عن القضية الفلسطينية نجد أن المناوشات الأخيرة بين قطاع غزة وإسرائيل عبر إطلاق صاروخين من قطاع غزه إلى إسرائيل يوم الخميس الماضي، والتي تأتي بعد دخول الأموال القطرية إلى قطاع غزه، هو أمر لا يمكن النظر إليه إلا بأنه يأتي في سياق استمرارية التوظيف السياسي للقضية الفلسطينية لتحقيق مصالح أطراف عديدة، فهي من جهة توفر فرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه منافسة قوية في الانتخابات إلى جانب ملفات قضايا الفساد التي تلاحقه، فيسعى إلى توجيه الإنظار نحو قطاع غزة، ولذلك كان الرد ما يقارب المائة غارة جوية مقابل صاروخين. وهذا يعكس بحث نتنياهو عن ذرائع للإقدام على هذه الخطوة، وهو ما يأتي في سياق استمرارية المحاولات القطرية لاستهداف وإجهاض الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتحقيق التهدئة والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة