قطر تستجدي الحوار.. والسعودية ترد بحزم وشروط
6 دعوات قطرية للحوار خلال الـ5 أيام الماضية فقط، دون أن يقابلها على أرض الواقع أية جهود جدية للتعامل مع جذور الأزمة ومسبباتها.
مع دخول المقاطعة العربية لقطر عامها الرابع، بدا لافتا محاولات قطر المتواصلة لاستجداء الحوار لحل أزمتها، والردود السعودية الحاسمة والحازمة والواضحة ردا على تلك المحاولات.
ولا يكاد يمر يوم منذ دخول المقاطعة التي بدأت 5 يونيو/حزيران 2017 ودخلت عامها الرابع، إلا ويخرج مسؤول قطري، مؤكدا استعداد بلاده للحوار لحل الأزمة.
6 دعوات قطرية للحوار خلال الخمسة أيام الماضية فقط، دون أن يقابلها على أرض الواقع أية جهود جدية للتعامل مع جذور الأزمة ومسبباتها، الأمر الذي ينبئ بإصرار الدوحة وضع رهانها على معيار الوقت لحل أزمتها دون التعامل مع مسبباتها.
هذا التناقض الواضح قوبل برد قوي من السعودية، لم يكن في حسبان النظام القطري، حيث رد السفير عبد الله بن يحيى المعلمي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة على محاولات استجداء الحوار، واستغلال عامل الوقت، مؤكدا أن " القضية ليس قضية حوار، بل قضية مبادئ يجب الالتزام بها".
وشدد على أن "نظام قطر يقوم بالمماطلة واللعب بالوقت وهذا أمر كلنا في غنى عنه، لا يوجد لدينا وقت لمثل هذه المحاولات".
- حوار وزير خارجيتها بذكرى المقاطعة.. 10 دلائل تفند أكاذيب قطر
- عام المقاطعة الثالث.. بنوك قطر تعيش على الاقتراض
وحذر من أنه "يمكن إضافة شروط جديدة على قطر من قبل دول الرباعي العربي لو طرأ حدث طارئ جديد على الأرض في قطر يبرر وضع شرط جديد"، في إشارة إلى محاولات الدوحة المستمرة لانتهاج سياسات وعقد تحالفات تضر بأمن واستقرار المنطقة.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها إحدى الدول المقاطعة لقطر عن إضافة شروط جديدة لحل أزمتها، في مؤشر على أن رهان الدوحة على معيار الوقت مع استمرارها في نفس السياسات يساهم في تعميق أزمتها ويعقد من فرص الحل، الأمر الذي يربك مخططات نظام الدوحة.
كما يوجه رسالة واضحة لقطر أن الأمر ليس متروك لها على الغارب وأن أي سياسات جديدة تضر بأمن المنطقة، ستقابل بشروط جديدة حاسمة.
الحوار.. دعوات متكررة ومزاعم متجددة
وخلال الأسبوع الجاري، رصدت "العين الإخبارية" 3 حوارات أجراهم وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على مدار 3 أيام متتالية، إضافة إلى حوار لولوة الخاطر مساعدة وزير الخارجية القطري والناطق الرسمي باسم الوزارة، وحوار لسفير قطر في تركيا، ثم تصريحات لعلياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة.
وأجرى محمد عبدالرحمن آل ثاني حوارا مع قناة "الجزيرة" وجريدة لوموند الفرنسية، وشبكة سكاي نيوز البريطانية، فيما أجرت لولوة الخاطر حوار مع إذاعة مونت كارلو الدولية.
كما أجرى سالم مبارك آل شافي سفير قطر لدى تركيا حوارا مع وكالة "الأناضول" الحكومية التركية، وأدلت السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لقطر لدى الأمم المتحدة، بتصريحات في جلسة حوارية افتراضية التي نظمتها سفارة قطر في واشنطن بالتعاون مع مركز "ستيمسون" للبحوث والدراسات.
وكان اللافت في جميع الحوارات والتصريحات، تمسك قطر بنفس الخطاب الساعي لتزييف الحقيقة، وتكرار المزاعم نفسها، ومحاولة اختزال سبب الأزمة في التصريحات التي نشرتها وكالة الأنباء القطرية في 24 مايو/أيار 2017 لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والتي أعلن فيها رفض تصنيف جماعة الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية، وكذلك دافع عن أدوار حزب الله وحركة حماس وإيران والعلاقة معها، وزعمت قطر بعد ذلك أن الوكالة تم اختراقها.
أيضا كان التناقض السمة الأبرز في تلك الحوارات، ففي حين أعرب مسؤولي نظام الدوحة في حواراتهم الستة عن استعداد بلادهم لحل الأزمة من خلال حوار يحترم سيادتها ودون التدخل في شؤونها الداخلية، تجاهلوا تماما أنهم رهنوا سيادة بلادهم عبر الارتماء في أحضان تركيا وإيران.
كذلك يقولون أنهم يرفضون التدخل في شؤونهم، في حين أنهم يتدخلون في شؤول الدول العربية لإثارة الفتنة آناء الليل وأطراف النهار.
أيضا من الملاحظات اللافتة إصرار مسؤولي قطر إعطاء حجم لبلادهم أكبر من جحمها الطبيعي، ومحاولة الإيحاء- على غير الحقيقة- أن مقاطعة بلادهم تسببت في عرقلة مجلس التعاون الخليجي عن القيام بدوره، حتى أن وزير خارجية قطر وصفه في حواره مع صحيفة " لوموند" أنه أصبح "مشلولا".
كذلك كان من الأمور اللافتة في تلك الحوارات، هو يقطة الإعلام العالمي ورصده لممارسات الإعلام الممول من نظام قطر، وهو ما ظهر في حوار لولوة الخاطر مع إذاعة مونت كارلو الدولية، حيث أحرجتها المذيعة قائلة: "إن من يتابع وسائل الإعلام القطرية لا يشعر أن قطر لديها رغبة لحل أزمتها".
وعندما حاولت المتحدثة باسم الخارجية القطرية التهرب، أعادت عليها السؤال مجددا، مؤكدة أن حالة التأزيم التي يخلقها الإعلام القطري لا تساعد على خلق أجواء المصالحة.
ومرارا أكدت الدول المقاطعة لقطر أنه لن يكون هناك حل للأزمة في ظل تعنت النظام القطري الحاكم وإصراره على دعم الإرهاب وتوظيف قناة "الجزيرة" وإعلامه لإثارة الفتنة وتزييف الحقائق، والتدخل في الشؤون الداخلية العربية.
رسائل كبيرة للإمارة الصغيرة
كل المزاعم التي ساقها المسؤولون القطريون في حواراتهم، فندها بالحجة والمنطق السفير عبد الله بن يحيى المعلمي مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في حوار مع قناة "روسيا اليوم".
المعلمي استهل حواره بالتأكيد على النتائج التي حققتها المقاطعة على مدار الثلاث سنوات الماضية، وبين أن "التدخلات القطرية في الشأن الداخلي للدول الشقيقة التي مارست مقاطعة قطر تقلصت إلى حد كبير وتراجع الدور التخريبي للدوحة في أماكن مختلفة في العالم رغم أنه لم ينته تماما، فمازالت هناك ممارسات نشتكي منها ونواجهها".
كما بين أن المقاطعة "أعادت قطر إلى ما يقارب حجمها الطبيعي".
وفي رده على المزاعم القطرية بشأن تأثر مقاطعة قطر على نشاط مجلس التعاون الخليجي، أكد المعلمي إن تلك الأزمة لم تؤثر على المجلس، وقال: "المجلس مستمر في نشاطه على كل المستويات، مستوى القمة والمستويات الوزارية وما دون ذلك، قطر دولة صغيرة لا يمكن أن تؤثر على مسار التعاون بين الأشقاء في دول مجلس التعاون".
وعن مدى استعداد المملكة للدخول في حوار مع قطر لحل أزمتها، أكد الدبلوماسي السعودي دعم الوساطة الكويتية، مثمنا الجهود الكبيرة التي يبذلها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
ولكنه بين أن "الحوار الناجح له متطلبات لا تتوافر في الحالة القطرية"، قائلا في هذا الصدد: "المملكة منفتحة على الحوار بشكل مباشر وغير مباشر ومستمر منذ بداية الأزمة بل قبل الأزمة وتمت جلسات حوار عديدة وتم توقيع اتفاقيات في الرياض على مستوى القمة وعلى مستويات أخرى، لم يكن هناك شح في الحوار".
وأردف :" ولكن الحوار ينبغي أن يصل إلى نتيجة أو يتوقف ، لقد توقف لأنه وضح أن ليس هناك رغبة في الاستجابة والتنفيذ ، قطر وقعت على عدد من الاتفاقيات وأكدت أنها ستلتزم أمام القمة وأمام أمير الكويت وفي مجالات متعددة ولكنها لم تنفذ، فالقضية ليست استمرار الحوار، ولكن القضية التوصل إلى نتائج إيجابية وتنفيذها".
وفي رده على مزاعم قطر بأنها تريد حوارا يحترم سيادتها، قال المعلمي :"تحاورنا كثيرا واتفقنا كثيرا ووصلنا لنتائج ووقعوا عليها كدولة بكامل سيادتها وبقيادتها كل ذلك ثم لم يتم التنفيذ، ما فائدة الحوار على أي المستويات إذا لم يتبعه تنفيذ".
وأردف: "القضية ليس حوار القضية قضية مبادئ، إما هم ملتزمون بهذه المبادئ بما فيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخر بما فيها عدم إيجاد مساحة من الأرض والفضاء للمخربين والإرهابيين وللمنظمات التي تسعى لقلب نظام الحكم في مصر وغيرها، إما هم ملتزمون بذلك وهي مبادئ نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، وإما أنهم يمارسون المماطلة واللعب بالوقت وهذا أمر كلنا في غنى عنه، لا يوجد لدينا وقت لمثل هذه المحاولات".
وحذر الدبلوماسي السعودي المخضرم من إمكانية فرض شروط جديدة على قطر، قائلا: "لو طرأ اليوم حدث طارئ جديد على الأرض في قطر يبرر شرط جديد يمكن إضافة شروط جديدة حسب الحاجة ، تطور في الشروط حسب تطور الأوضاع والأحوال على الطبيعة".
لأول مرة
وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها إحدى دول الرباعي العربي عن إضافة شروط جديدة لحل أزمتها، في مؤشر على أن رهان الدوحة على معيار الوقت مع استمرارها في نفس السياسات يساهم في تعميق أزمتها ويعقد من فرص الحل.
كما يوجه الدبلوماسي السعودي بذلك التصريح رسالة واضحة لقطر أن "الأمر ليس متروك لها على الغارب في أن تعيث في الأرض فسادا وأن تعقد تحالفات تضر بأمن المنطقة، وأن أي سياسات جديدة تضر بأمن المنطقة، ستقابل بشروط وإجراءات جديدة".
وهي رسائل تعكس السخط العربي والدولي على استمرار نظام الدوحة في نفس سياساته القديمة، في الوقت الذي يواصل فيه استجداء الحوار.
ويمكن القول أن "تلك الرسائل ستسبب إرباكا لمخططات نظام الدوحة، كونها تضع قواعد جديدة لحل الأزمة، في إطار ما يطرأ من مستجدات، في وقت كان يراهن فيه على تحفيف الشروط مع مرور الوقت".
ويعد هذا ثاني حوار لمندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي، في مستهل عام المقاطعة الرابع، بعد حوار أجراه قبل أيام مع "بي بي سي"، ويظهر أيضا إصرارا سعوديا على كشف المغالطات والأكاذيب والتناقضات القطرية أمام العالم.
كما يؤكد مجددا أن هناك إجماع من دول الرباعي العربي أنه لن يكون هناك حل لأزمة قطر، مهما طال الوقت إلا بعلاج أسبابها، وذلك عبر استجابتها لمطالب الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وتوقّفها عن دعم الجماعات المتطرفة.
وفي 5 مارس/آذار 2014 أعلنت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، لعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالعاصمة السعودية الرياض، ووقّعه أميرها تميم بن حمد آل ثاني، بحضور العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأيده بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
وانتهت الأزمة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بتوقيع قطر اتفاقا جديدا في اليوم نفسه، وتعهدها بالالتزام بكلا الاتفاقين (اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014).
وأبرز بنود الاتفاقين اللذين تعهد تميم آل ثاني بالالتزام بهما: (وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر، وعدم إيواء عناصر من دول مجلس التعاون تعكر صفو العلاقات الخليجية، وعدم تقديم الدعم لأي تنظيم أو فئة في اليمن يخرب العلاقات الداخلية أو مع الدول المحيطة).
كما تعهد تميم أيضا بالالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر.
ووافت المنية العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم 23 يناير/كانون الثاني 2015 وانقلبت قطر كليا على تعهداتها وأطلقت الحبل على الغارب لدعم الإخوان، وإيواء الإرهابيين وتوفير ملاذات آمنة لهم، وتنفيذ أجندات مشبوهة تضر بالأمن القومي الخليجي والعربي بالتعاون مع حلفاء الشر (تركيا وإيران).
وبعد أن استنفدت دول الرباعي العربي كل الوسائل لإقناع قطر بالرجوع إلى طريق الحق والالتزام بما تعهدت به ووقف دعمها للإرهاب، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يوم 5 يونيو/حزيران 2017 قطع علاقتها مع قطر، بسبب إصرار الأخيرة على دعم التنظيمات الإرهابية في عدد من الساحات العربية.
وفي 22 يونيو/حزيران 2017، قدمت الدول الأربع إلى قطر، عبر الكويت، قائمة تضم 13 مطلبا لإعادة العلاقات مع الدوحة، كلها تدور في فلك ما سبق أن تعهد به أمير قطر في إطار اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014.