قطر تنزف المليارات واقتصادها يفقد ثقة المستثمرين
"شك وعدم يقين" هي ما وصل إليه حال الاقتصاد القطري منذ المقاطعة العربية للدوحة لدعمها الإرهاب.
يعيش الاقتصاد القطري حالة من الشك وعدم اليقين مع تدهور مؤشراته الكلية والجزئية، استمرارا للمقاطعة العربية التي بدأت منذ يونيو/حزيران الماضي.
وأدى تعنت الدوحة بقيادة أميرها تميم بن حمد، برفضها تصحيح سياساتها الخارجية، إلى تعرض الاقتصاد المحلي لضربات موجعة محلية وخارجية.
يأتي ذلك، بينما كانت قطر تبحث عن تعزيز ماليتها العامة وإيراداتها الضريبية، لتنفيذ الاستحقاقات المقبلة وأبرزها استضافة كأس العالم 2022.
وتشتت تركيز الدوحة، بين البحث عن قنوات لتمويل نفقات كأس العالم، وسباق التسليح بعقد صفقات مع دول كالولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وغيرها، وبين إنقاذ ما تبقى من أرقام ومؤشرات للاقتصاد المحلي.
سقوط السياحة
وهبطت المقاطعة العربية بالسياحة الوافدة إلى قطر بنسبة 18% على أساس سنوي، خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضي 2017.
وفقدت الدوحة نحو 380 ألف سائح وافد لقطر في الشهور التسعة الأولى من 2018.
ووفق أرقام صادرة عن الهيئة العامة للسياحة في قطر، تراجعت السياحة الوافدة لقطر إلى 1.81 مليون سائح، نزولا من 2.19 مليون سائح في الفترة المقابلة من 2016.
كان توقف غالبية السياحة الخليجية عن زيارة قطر منذ يونيو/حزيران الماضي، السبب الرئيسي لهبوط صناعة السياحة في البلاد لهذه المستويات الكبيرة.
وحاولت قطر خلال الربع الثالث من العام الماضي تعويض السياحة الخليجية التي فقدتها، بإعلانها إلغاء التأشيرة عن 80 دولة حول العالم ووضع تسهيلات لجذب السياحة العالمية.
واعترفت الهيئة العامة للسياحة في تقريرها بالخسائر التي تعرضت لها نتيجة للمقاطعة العربية وأثرها على عدد الزوار، ما أدى إلى تراجع الزوار بنسبة 52% خلال فترة الصيف فقط.
وخسرت الدوحة من السوق الخليجية 384 ألف سائح من دول الخليج خلال الشهور التسعة الأولى من 2017 مقارنة مع الفترة المناظرة من 2016.
ووفق الأرقام، بلغ عدد السياحة التي صدرتها دول مجلس التعاون الخليجي لقطر خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضي 2016، نحو 1.087 مليون زائر.
لكن الرقم تراجع بنسبة 35% خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري 2017، إذ بلغ عدد السياحة الخليجية الوافدة إلى قطر 703 آلاف سائح.
عربيا، فقدت السياحة لقطر نحو 30 ألف سائح عربي خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضي، مقارنة مع ذات الفترة من 2016.
وانعكس التراجع أيضا على السياحة الوافدة من الدول العربية كافة، بنسبة 18% من 166.5 ألف سائح حتى سبتمبر/أيلول 2016 إلى 136.4 ألف حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2017.
تسلح
ونفذت قطر عمليات تسليح بقيمة تقترب من 40 مليار دولار أمريكي، موزعة على 5 صفقات مع شركات أمريكية وفرنسية وإيطالية وبريطانية.
وبعد أسبوع من المقاطعة العربية، وقعت قطر والولايات المتحدة الأمريكية على صفقة شراء لطائرات مقاتلة من طراز إف 15 بقيمة بلغت 12 مليار دولار.
كذلك، وقعت الدوحة وإيطاليا على إبرام صفقة عسكرية مع إيطاليا لشراء 7 سفن تابعة للبحرية الإيطالية بقيمة 5 مليارات يورو (5.95 مليارات دولار).
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت قطر خطاب نوايا لشراء 24 طائرة حربية من طراز تايفون من شركة "BAE Systems" العسكرية البريطانية، دون الإعلان عن قيمة الصفقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلنت الإدارة الأمريكية موافقتها على صفقة تسليح جديدة لقطر بقيمة 1.1 مليار دولار، لتوفير خدمات لوجستية وصيانة لمقاتلات إف 15 اشترتها قطر من الولايات المتحدة.
وبقيمة 12 مليار يورو (13.5 مليار دولار)، وقّعت قطر الشهر الماضي عقودا لشراء 12 طائرة رافال قتالية على الأقل من مجموعة داسو الفرنسية، و50 طائرة إيرباص "اي 321".
كأس العالم
وأظهر مسح لبوابة العين الإخبارية أن قطر بحاجة إلى 78 مليار دولار أمريكي خلال 3 سنوات مقبلة، تحضيرا لكأس العالم 2022.
واستند المسح إلى تصريحات أعلنها وزير المالية القطري علي العمادي خلال وقت سابق من العام الماضي.
العمادي، قال إن بلاده تنفق أسبوعيا نحو 500 مليون دولار على مشاريع استضافة قطر لكأس العالم 2022، "الإنفاق سيستمر بهذا المستوى لـ3 أو 4 سنوات مقبلة".
وأورد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أن إجمالي نفقات قطر على كأس العالم 2022 قد تتجاوز حاجز 180 - 200 مليار دولار أمريكي، وهو أعلى رقم في تاريخ المسابقة العالمية.
كذلك، تواجه الدوحة اتهامات من مؤسسات حقوقية وعمالية، بهدر حقوق العمالة الأجنبية الوافدة، العاملة في أعمال الإنشاءات لمرافق كأس العالم.
سيولة ونقد
وسحبت قطر من احتياطات النقد الأجنبي لديها لتوفير السيولة المالية لإنقاذ عملتها، والإنفاق على مشروعاتها ومؤسسات الدولة.
وأظهر تقرير لمصرف قطر المركزي الشهر الماضي أن الأصول الأجنبية تراجعت إلى 134.4 مليار ريال (36.8 مليار دولار) بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
كان إجمالي الأصول الاحتياطية لمصرف قطر المركزي بلغ في مايو/أيار الماضي (قبيل المقاطعة العربية بأيام)، 166.5 مليار ريال (45.6 مليار دولار أمريكي).
أيضا، تقرير حديث صدر الأسبوع الماضي كشف عن تسييل قطر لنحو 77% من استثماراتها في سندات وأذونات الخزانة الأمريكية منذ المقاطعة.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية التي أوردت التقرير، إن إجمالي استثمارات قطر في سندات وأذون الخزانة الأمريكية بلغت 320 مليون دولار أمريكي فقط بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأشار تقرير الخزانة الأمريكية إلى أن إجمالي استثمارات الدوحة، كانت تبلغ بنهاية مايو/أيار الماضي، نحو 1.381 مليار دولار أمريكي.
وتذبذب سعر الريال القطري في السوق المحلية منذ يونيو/حزيران الماضي، مع تخارج استثمارات وودائع، الأمر الذي دفع الحكومة والبنك المركزي لضخ ودائع في البنوك.
انهيار التصنيف
وسقطت الدوحة بشكل متوالٍ في تقارير مؤسسات التصنيف العالمية منذ نهاية مايو/أيار الماضي.
ونهاية مايو/أيار الماضي، خفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني لقطر إلى AA3 من AA2، نتيجة ضعف المركز الخارجي للبلاد والضبابية التي تحيط باستدامة نموذج النمو.
وفي يونيو/حزيران 2017، خفضت "ستاندرد آند بورز"، التصنيف الائتماني للديون القطرية الطويلة الأجل، درجة واحدة من (AA) إلى (-AA).
وفي أغسطس/آب الماضي، خفضت وكالة "فيتش" العالمية للتصنيف الائتماني، تصنيف قطر من (AA) إلى (-AA)، مع نظرة مستقبلية سلبية، جراء الأزمة المستمرة للشهر السابع.
وقبل نحو أسبوعين، نفذت "ستاندرد آند بورز" خفضا في تصنيفها الائتماني للديون القطرية الطويلة الأجل إلى (AA-)، ووضعت الديون القطرية الطويلة الأجل على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية.