لا غرابة أبدا أن يسير الإعلام القطري في مسيرة الكذب والتلاعب بالمصطلحات وقلب الحقائق، تماما كما تسير استراتيجية القيادة السياسية في قطر
تباكي الإعلام القطري على قطع الأرحام وجهٌ آخر لسلسلة التناقضات والتخبط الواضح للسياسة القطرية، ورغم انكشاف الهدف الرئيس من هذا التباكي، وهو دغدغة مشاعر البسطاء من الناس واستجداء عطفهم، إلا أن من المفيد أن يعرف القطريون أن من يطلب صلة الرحم عليه أن يعرف أولاً أن طعن الأقارب والأرحام في ظهورهم هو أشد وطأة من أي شيء آخر.
من يغذي الإرهاب، ومن أسهم بشكل مباشر في استهداف جنودنا في اليمن، من خلال تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية التي تشن هجمات على قواتنا، لا يحق له إطلاقاً أن يتباكى على قطع الأرحام، فهل كانت هذه الأرحام عائقاً يوماً أمام جنون وتناقضات وعداء السياسة الخارجية القطرية المشبوهة؟!
لا يجيد القطريون الكذب، على الرغم من كثرة كذبهم، وكثرة تلاعبهم بالألفاظ، ولا يستطيعون إقناع المواطن البسيط، رغم الآلة الإعلامية التي يتلاعبون فيها بمشاعر المواطن العربي، ما اضطر الصحافة القطرية إلى الانزلاق إلى منزلق التزوير والفبركات والكذب، من خلال سرقة صور مواطنين إماراتيين من وسائل التواصل الاجتماعي، وتلفيق تصريحات لهم تعبر عن استيائهم من صعوبة التواصل مع عائلاتهم بسبب المقاطعة، وذلك في سقطة مهنية تدل على الإفلاس والتخبط غير المسبوق!
هذا الكذب الإعلامي هو استمرار للتخبط والكذب السياسي القطري، وهو انعكاس لسياسة اللعب على كل التناقضات، فهم يريدون الظهور بمظهر المحافظين على الصلات والروابط الأسرية، وهم السبب في تشتيت شعوب بأسرها، وهم يدعون أنهم مع حرية الشعوب، وهم وراء قتل شعوب وتدمير دول عربية، هم مع إيران وأميركا في آن واحد، تربطهم علاقة حميمة بإسرائيل، ويدعمون «حماس»، يدعون أنهم مع دول مجلس التعاون، وهم يتآمرون على السعودية، ويلعبون دوراً قذراً في البحرين، يُظهرون أنهم مع قوات التحالف العربي في اليمن علناً، ويبطنون تمويل الجماعات الإرهابية المعادية لقوات التحالف سراً، يمولون «جبهة النصرة» في سورية، ويدعمون إيران و«حزب الله» اللذين يقاتلان المعارضة السورية مع بشار الأسد، وهكذا لا حدود أبداً للتناقضات والانفصام في السياسة الخارجية القطرية الغريبة!
لذا، فلا غرابة أبداً أن يسير الإعلام القطري في مسيرة الكذب، والتلاعب بالمصطلحات، وقلب الحقائق، تماماً كما تسير استراتيجية القيادة السياسية في قطر، ولا غرابة أبداً لمن استطاع أن يحول الإرهاب إلى مقاومة أن يحول المقاطعة إلى حصار، ويصرخون للعالم متباكين بأنهم تحت هذا الحصار، وبالنسبة إليهم طعن السعودية والإمارات والبحرين في ظهورها أمر مشروع، وإغلاق الحدود، كردة فعل وإجراء سيادي لهذه الدول، هو حصار وقطع للأرحام!
الدول التي قاطعت قطر، قاطعت حكومة قطر ونظامها العابث، وهي تدرك أن الشعب القطري مظلوم من قبل هذا النظام الذي سلخه من محيطه الخليجي العربي، ويجره جراً نحو عواقب وويلات لا أحد يعرف نهايتها، والحديث عن حصار الشعب القطري كلام ممجوج، هدفه التأثير في الشعب القطري أولاً، وتشتيت انتباهه ليبعدوه عن معرفة الحقيقة الناصعة، فالدول المقاطعة لو أرادت حصار قطر لفعلت ذلك، ولديها كل الإمكانات لتطبيقه، لكن الهدف هو الضغط على الدوحة، لتقويم سلوكها وليس حصارها!
قطر لن يفيدها كذبها، ووعي المواطن الخليجي والعربي حائط صد منيع ضد تحريض الجزيرة، وفبركات الإعلام القطري، الذي يقلب الحقائق، ويفبرك التصريحات، ويصوّر المقاطعة التي هي حق مشروع يدخل ضمن سيادة كل دولة بأنها حصار ضد الشعب القطري، ودول المجلس ماضية دون رجعة لتقويم السلوك القطري، ووضع حد لتمويله الإرهاب، ومحاولاته لتقويض أمن الدول وأمان الشعوب.
twitter@samialreyami
* نقلا عن الإمارات اليوم
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة