تمويل قطر لحزب الله.. دور "الجزيرة" وسر التسجيل المسرب
تم الكشف عن تسجيل صوتي مسرب يكشف تورط قطر في تمويل الحزب الإرهابي، وسعيها لتقديم رشاوى لعدم فضح جريمتها
في مؤشر واضح على الاستياء المتنامي من دعم قطر للإرهاب، وخصوصا بعد تفجيرات بيروت، كثف الإعلام العربي والغربي خلال الآونة الأخيرة جهوده لمحاربة إرهاب الدوحة وفضح جرائمها، وآخرها تمويل مليشيات "حزب الله".
وفي هذا الصدد، تم الكشف عن تسجيل صوتي مسرب يكشف تورط قطر في تمويل الحزب الإرهابي، وسعيها لتقديم رشاوى لعدم فضح جريمتها.
التسجيل المسرب والدلائل الموثقة التي تم الكشف عنها تباعا خلال الفترة الماضية في صحف أمريكية وألمانية، أصابت النظام القطري وإعلامه بالخرس.
وصدرت توجيهات لقناة "الجزيرة" وأخواتها من إعلام الفتنة الممولة من قطر بتكثيف حملاتها وافتراءاتها على الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) وعلى رأسها السعودية لمحاولة صرف الأنظار عن جريمة تمويل حزب الله الإرهابي.
تفاصيل القصة
البداية كانت في 2016، حينما بدأ عميل ألماني معروف إعلاميا بـ"جايسون جي" العمل بشكل سري في الدوحة، لصالح أحد أجهزة الاستخبارات الغربية، بهدف جمع المعلومات عن نشاط قطر في تمويل التنظيمات الإرهابية.
المهمة التي استمرت حتى بداية عام 2017، انتهت بحصول "جايسون جي" على ملف وثائق ثمين يشمل معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله، وأموال جمعتها منظمتان قطريتان تعملان تحت غطاء العمل الخيري، لصالح المليشيات اللبنانية، بمعرفة عنصر من العائلة القطرية الحاكمة ومسؤولين حكوميين.
جايسون جي، وهو عميل ذو باع طويل في العمل السري وخدم لمدة 16 عاما في جهاز استخبارات غربي قوي، حصل على الملف من مسؤول أمني قطري كبير نجح في تجنيده كمصدر، حسب ما ذكره العميل نفسه في تصريحات لصحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية.
وبعد عودة "جايسون" لبرلين منتصف عام 2017، حاول استغلال الملف الذي بحوزته، فتوجه إلى شركة WMP Eurocom (شركة علاقات عامة ألمانية كبيرة تعد قطر أحد أبرز عملائها).
وهناك التقى رئيس الشركة مايكل إيناكير، والذي يملك علاقة قوية مع السفير القطري في بلجيكا عبدالرحمن الخليفي.
وفي لقاء في برلين، عرض جايسون ملف الوثائق الذي يدين قطر على إيناكير، وناقشا في الاجتماع السؤال الأهم: كم تبلغ قيمة الملف؟، ووصلت التقديرات حتى 10 ملايين يورو.
ومن ثم، بدأت محاولات التغطية على هذه الوثائق، إذ قدم إيناكير صورة من الملف إلى الخليفي.
وفي مطلع 2019، نجحت وساطة إيناكير في تنظيم أول لقاء بين جايسون والخليفي في بروكسل، لتتوالى اللقاءات بينهم إلى نحو 6 لقاءات.
وأبلغ جايسون صحيفة دي تسايت الألمانية أنه حصل في كل اجتماع مع الخليفي على 10 آلاف يورو، ثم سلمه القطريون بعد ذلك 100 ألف يورو.
وفي بداية 2019، وقع جايسون جي والدبلوماسي القطري مذكرة تفاهم، اطلعت مجلة "شتيرن" الألمانية على نسخة منها، تنص على عمل جايسون كمستشار للدوحة لمدة عام، مقابل ١٠ آلاف يورو شهريا، فضلا عن مدفوعات أخرى حصل عليها في نفس الفترة.
ورغم هذه الكمية من الأموال، احتفظ جايسون بأصل الملف، ولم يمنحه للخليفي، لذلك بدأ الأخير، بوساطة من إيناكير، السعي لتوقيع اتفاقية صمت مع العميل الاستخباراتي.
اتفاقية صمت
ومع بداية 2020، عرض الخليفي على جايسون توقيع اتفاقية صمت مقابل حصول العميل الاستخباراتي على 750 ألف يورو.
وكانت الاتفاقية تلزم جايسون بعدم الحديث عن الملف الذي بحوزته وما فيه من معلومات، وتنص على غرامة ضخمة في حال مخالفته الاتفاق، وفق دي تسايت.
وقع جايسون عقد مع شركة المحاماة بالفعل يوم 18 مايو الماضي، لتكون ممثلة له رسميا، وتبدأ صياغة الاتفاق مع قطر، وفق مجلة شتيرن.
لكن في 13 يوليو/تموز الماضي، أرسل جايسون رسالة بريد إلكتروني إلى مكتب المحاماة، يبلغه فيها بتراجعه عن توقيع اتفاق الصمت مع قطر.
وبرر جايسون رفضه التوقيع في تصريحات لصحيفة "دي تسايت"، حيث قال إنه "أبرم الصفقة الأولى مع القطريين لأنهم تعهدوا بطرد ممولي حزب الله من أوساط السياسة والسلطة" لكنهم لم يفعلوا شيئا، ومن ثم تراجع عن توقيع اتفاق الصمت.
وبعدها، كشف جايسون المعلومات التي بحوزته لصحيفة "دي تسايت" الألمانية، وقال في هذا الإطار "كشفت المعلومات لفضح ممولي حزب الله في قطر والمسؤولين القطريين الذين يوفرون لهم الحماية".
تفجيرات بيروت
مع أن الصحف الألمانية أخذت على عاتقها فضح تمويل قطر لحزب الله الإرهابي خلال حملات مكثفة في شهر يوليو/ تموز الماضي، إلا أن تلك الحملات اكتسبت زخما إضافيا بعد تفجيرات بيروت قبل أسبوع، وتواتر الحديث عن مسؤولية حزب الله عن تلك الكارثة، وتورط قطر بالتبعية لدعمها الميلشيات الإرهابية.
وشهد لبنان، الثلاثاء الماضي، انفجارا هائلا ناجما عن اشتعال 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم (يعادل 1800 طن من مادة "TNT" شديدة الانفجار) في مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل أكثر من 160 شخصا وإصابة ستة آلاف آخرين، وإلحاق الضرر بنصف العاصمة وتشريد أكثر من 300 ألف شخص.
انفجار "الثلاثاء الأسود" أطلق عليه "هيروشيما بيروت"، نظرا لفداحته وشكل سحابة الفطر التي خلفها والدمار الذي لحق به، ما شبهه كثيرون بأنه يضاهي تفجير قنبلة نووية.
ورغم فرضية أن الانفجار كان "عرضيا" فإن ذلك لم يبرئ حزب الله اللبناني أو يخلِ مسؤوليته عن الحادث، في ظل سيطرته "بشكل غير رسمي" على المرفأ وقيامه بأنشطة مشبوهة به، إضافة إلى حوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة المتسببة في الفاجعة في عدة أماكن حول العالم، وكذلك لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الكمية الهائلة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013 رغم مطالبات عدة بإعادة تصديرها والتخلص منها.
وغداة انفجار بيروت، كشف موقع "فوكس نيوز" الأمريكي، الأربعاء الماضي، تفاصيل جديدة حول تمويل قطر لحزب الله الإرهابي اللبناني .
وفي تصريحات صحفية لموقع "فوكس نيوز" ، قال جايسون جي، إن عضوا بالعائلة الحاكمة في قطر هو من سمح بمنح أسلحة إلى حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
تسجيل مسرب
أيضا تم الكشف عن تسجيل صوتي مسرب بين جايسون جي ومايكل إيناكير ، المدير التنفيذي لشركة WMP للعلاقات العامة، حيث جرت خلاله الإشارة إلى السفير القطري لدى بروكسل، عبد الرحمن الخليفي عدة مرات، ومحاولاته منع نشر أخبار تمويل بلاده لحزب الله من خلال رشاوى.
ويضاف التسجيل إلى ملف وثائق يملكه جايسون يثبت تمويل قطر لحزب الله، حصل عليه إبان عمله في الدوحة كعميل سري لأحد أجهزة الاستخبارات ويتضمن الملف معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله.
صمت..وافتراء.. وانتهازية
وأمام الدلائل الموثقة التي تدينها، لم تجرؤ قطر على التعليق على الاتهامات التي وجهت لها أو نفيها، وخصوصا بعد انطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تحملها المسؤولية عن دماء الأبرياء الذين قضوا في تفجيرات بيروت.
ولجأت الدوحة إلى الإعلان عن إرسال مساعدات للبنان في محاولة لغسيل دعمها للإرهاب في تلك الدولة.
ولم يكن اللبنانيون قد انتشلوا ضحايا الانفجار المفجع من تحت الأنقاض، دخل مذيع قناة الجزيرة الإخونجي أحمد منصور بتدوينة عبر حسابه في فيسبوك، زاعما أن العثمانيين هم من بنوا صوامع القمح في ميناء بيروت عام 1880، وهم أصحاب الفضل في التخفيف من آثار الانفجار المدمر بسبب صمود الصوامع.
سريعا ما بددت الحقيقة أضاليل أحمد منصور، بعد أن تناقل اللبنانيون على وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة كان قد نشرها سابقا موقع مركز المعلوماتية القانونية بالجامعة اللبنانية.
الوثيقة كشفت أن الصوامع بنيت بموجب اتفاقية قرض بين لبنان والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، لتمويل مشروع صوامع الغلال في مرفأ بيروت مطلع عام ألف وتسعمائة وسبعين 1970
دفعت الوثيقة مذيع الجزيرة الذي امتهن التزوير إلى تعديل منشوره، ثم وجد نفسه مضطرا إلى حذفه نهائيا، في سلوك أثار السخرية من الذباب الإلكتروني الإخواني الذي دعمه.
ورطت انتهازية مذيع الجزيرة النظام الذي يموله أكثر، فوجه نظام الدوحة قناة الجزيرة وأخواتها من وسائل الإعلام الممولة منه بشن حملة افتراءات وهجمات ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وعلى رأسها السعودية، لصرف الانتباه عن فضائح دعمه للإرهاب.
ولم تجرؤ "الجزيرة" وأخواتها من نشر أخبار الصحف الألمانية والأمريكية والتي تثبت دعم قطر للإرهاب، وآثرت مرغمة بصمت مطبق، جاء بمثابة اعتراف قطري واضح بتورطه في دعم الميلشيات الإرهابية.
aXA6IDE4LjIyMS45MC4xODQg
جزيرة ام اند امز