وجدنا أن قطر قد سلكت مسلكًا مُعاديًا للسعودية، وقامت بتسييس موسم الحج لخدمة مصالحٍ خاصة بالمدّ الطائفي لحساب النظام الإيراني
تسعى المملكة العربية السعودية دائمًا لتقديم كافة الخدمات لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي نفس الوقت نجد أن بعض الدول تحاول نزع خدمة بيت الله الحرام من يد المملكة السعودية، وعلى رأس هذه الدول إيران؛ فقد سعت مرارًا وتكرارًا لإفساد موسم الحج لعدة أعوام متلاحقة، لكن إرادة الله كانت أقوى وأكبر من تلك المخططات الإيرانية.
تمتلك إيران السوابق في استغلال مواسم الحج لإثارة الفتن والفوضى وإحداث الكثير من الصراعات الطائفية والشغب وسط المسلمين في موسم الحج، وقد ورد على لسان المرشد الأعلى علي خامئني باستغلال موسم الحج لإبداء المواقف السياسية في المنطقة وعرض القضية الفلسطينية، بحجة أن موسم الحج هو المكان والوقت المناسبين لعرض هذه القضية والتعبير عن الموقف العام للمسلمين تجاه القضية الفلسطينية التي تهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد تعددت المواقف التي تؤكد تورط إيران في إفساد موسم الحج، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر مظاهرات الحجاج الإيرانيين في عام 1987 والتي أدت إلى حدوث اشتباكات وتدافع كبير تسبب بمقتل أكثر من 400 شخص، علاوة على اكتشاف 51 كيلوجراما من مادة شديدة الانفجار دسّتها المخابرات الإيرانية في حقائب الحجاج الإيرانيين في عام 1986، وقد أطلق إيرانيون غازات سامة أدت إلى وفاة 1426 حاجا من مختلف الجنسيات نتيجة للتدافع هربا من الاختناق بهذا الغاز السام وكان ذلك في عام 1990، ولا ننسى حادث التدافع الكبير في موسم حج عام 2015 والذي نتج عنه مقتل نحو 2300 حاج بينهم 464 إيرانيا بعد التحريض من القيادة الإيرانية.
وقد كان موقف قطر -من تلك الأحداث التي ارتكبتها إيران- مناهضًا ومستنكرًا لهذه الأحداث التي تحاول أن تفسد موسم الحج، آملين في سحب خدمة الحرمين الشريفين من المملكة العربية السعودية على أن تتولى إيران هذه الخدمة، وهو ما يعتبر ضربا من الخيال، وقد كان موقف قطر يتمثل في الرفض التام للتدخل غير المبرر لإيران في إفساد مواسم الحج في المملكة العربية السعودية، وكانت تساند المملكة في كافة الجوانب لإتمام نجاح موسم الحج.
وجدنا أن قطر قد سلكت مسلكًا مُعاديًا للملكة العربية السعودية، وقامت بتسييس موسم الحج لخدمة مصالحٍ خاصة بالمد الطائفي لحساب النظام الإيراني
أمَّا في الآونة الأخيرة، وتحديدًا في العامين الماضيين، وحتى في الوقت الحاضر، فقد وجدنا أن قطر قد سلكت مسلكًا مُعاديًا للملكة العربية السعودية، وقامت بتسييس موسم الحج لخدمة مصالحٍ خاصة بالمد الطائفي لحساب النظام الإيراني، فقد أُذيع مؤخرًا تقرير متلفز عبر قناة الجزيرة القطرية وفيه كلمة للمرشد الإيراني علي خامنئي يدعو فيها الحجاج الإيرانيين إلى التظاهر ضد إسرائيل وأمريكا أثناء أداء مناسك الحج، بدعوى الدفاع عن المسجد الأقصى، وطالب المرشد الأعلى الإيراني المملكة العربية السعودية بحماية الحجاج أثناء التظاهرات، مما يعد فضيحةً سياسيةً لإيران ومعها قطر في سعيهما الدائم إلى استغلال فريضة الحج سياسيًا، مما يدل على مشاركة قطر للدولة الإيرانية في تسييس موسم الحج وإفساد شعائر المسلمين، ودعم قطر لإيران في هذا المخطط أصبح واقعًا ملموسا بالأدلة التي لا تدع مجالًا للشك.
علاوة على ما ذُكر، فقد ورد على لسان وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير أن السلطات القطرية تطلب تدويل الشعائر المقدسة، مشيرًا إلى أن ذلك أمر عدواني وإعلان الحرب ضد المملكة، وبهذا نجد أن قطر تسعى لتسييس فريضة الحج ردًّا على الحصار الذي فرضته عليها دول المقاطعة الأربع، وهذا بمثابة إعلان حرب على المملكة كما وصفه وزير الخارجية السعودي، وللمملكة العربية السعودية كامل الحق في الرد.
وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنَّما يدل على تناقضات قطر مع المملكة العربية السعودية في تلك المواقف مما يدل على أن سلطات قطر تابعة لسياسات دول أخرى، وأن قرارها ليس من رأس قيادتها التي تفقد ثقة الشعب القطري يومًا بعد يوم، وخاصةً بعد أن منعت قطر مؤخرًا الحجاج القطريين من أداء مناسك الحج هذا العام ردًّا على المقاطعة التي أعلنتها الدول الأربع وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وقد ادعت قطر أن المملكة قد منعت الحجاج القطريين من أداء مناسك الحج لهذا العام، وهذا ما نفته وزارة الحج والعمرة السعودية وأكدت الوزارة أن المملكة ترحب دائمًا بالحجاج والمعتمرين من شتى بقاع الأرض بما فيهم الحجاج القطريين.
هذه المواقف التي اتخذتها الدوحة ما هي إلا محاولات، الهدف منها لفت الانتباه لإمكانية نظام قطر في فرض سيطرته على الموقف السياسي الحالي، وخاصةً بعد الحصار الشديد عليه من دول المقاطعة والذي كبّده الكثير من الخسائر المادية والتي ستستمر عواقبها لأوقات طويلة، وليس أمام قطر إلا الاعتراف بما ارتكبته من جرائم ضد الخليج والعالم العربي، والعودة سريعًا إلى الطريق السليم وعدم السعي خلف التوجيهات التي تمليها عليها كل من تركيا وإيران ومن خلفهم الكيان الصهيوني الذي يسعى لإعادة رسم خريطة العالم العربي بما يتناسب مع طموحاته وخيالاته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة