بعد مرور يومين على انتهاء قمم مكة، دولة قطر تعلن تحفظها وتراجعها عن مخرجات القمم، خبر تناولته أغلب وأكبر وكالات الأنباء العالمية.
بعد مرور يومين على انتهاء قمم مكة، دولة قطر تعلن تحفظها وتراجعها عن مخرجات القمم، خبر تناولته أغلب وأكبر وكالات الأنباء العالمية.
يبدو أن قطر تطبق حرفياً المثل الذي يقول (خالف تعرف) لكن يا ترى لماذا تفعل كل ذلك؟ فمن يتابع سياسة قطر منذ عام ١٩٩٦ وتولي حمد بن خليفة الحكم بعد الانقلاب الشهير، يجدها مختلفة تماماً عن سياسات دول العالم وهي حالة فريدة عالمياً.
تعودنا من حكومة قطر الإخلال بالاتفاقيات ونقض ونكث العهود والمواثيق والالتزامات وتحريفها للحقائق ليس مستغرباً، لكنه في الوقت نفسه دليل للشعب القطري الشقيق أن دولته لا تملك قرارها بيدها، لأن الدول تملك قرارها عندما تشارك في المؤتمرات وتعلن مواقفها وتحفظاتها في إطار الاجتماعات ووفق الأعراف المتبعة وليس بعد انتهاء الاجتماعات.
الكثير يرى أن النظام القطري يحاول اللعب على كل الحبال- أي نظام (براغماتي)- ويحاول يعيش الدور مهما كانت النتائج والعواقب؛ فهي تتدخل لمجرد التدخل وتعترض لمجرد الاعتراض، لأنها تعيش عقدة النقص التي تلازمها لصغر حجمها وكثر مالها، هذا كله يُظهر تناقض سياساتها، وحقدها على جيرانها خصوصاً المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف والكبيرة حجماً وصاحبة التأثير على العالم سياسياً واقتصادياً ودينياً.
قطر حاولت لعب دور ليس بدورها نتيجة محاولة إثبات قدرتها بأنها منافسة قوية للمملكة، لهذا وجد بها الأعداء فرصة مناسبة لتحقيق أهدافهم عبرها، فكانت بعد ذلك الخنجر المسموم الذي طعنت به كل جيرانها وأشقائها من العرب، وغردت خارج السرب والإجماع العربي والإسلامي ولم تتراجع عنه حتى هذه اللحظة.
ما حدث اليوم من تحفظ على بيان قمم مكة إنما هو تأكيد لما ذكرناه، وأنها ربما تعيش حالة انقسام داخلية غير معلنة، أو أن هناك من يسيطر على سياسة قطر الخارجية في وجود عزمي بشارة وحمد بن جاسم اللذين أعلنا صراحة رفضهما بيانات قمم مكة.
يمكن قراءة تحفظ قطر، ضمن سياق التبعية التي أرادته لنفسها وتأرجح مؤشر السيادة الإقليمية، وهذا يعكس الارتباك في الموقف واختيار الأنسب لها، واستمرار موقف محاولة الاسترضاء لإيران التي كانت تراهن على فشل القمتين.
التراجع القطري عن موقفها من مخرجات القمم الثلاث في مكة المكرمة لا يعني شيئاً وهو ليس بالأمر المهم، فالقيمة الحقيقية لمثل هذا النظام وحجمه هو العزل وعدم الاهتمام سواء أعلن الرفض أو التأييد أو التحفظ لمخرجات وبيانات هذه القمم، وهو ما يؤكد أحقية الدول المقاطعة لها، وصحة أسباب المقاطعة الرباعية للدوحة، فسياستها الخارجية تقف بشكل صارخ ضد مصالح جيرانها، فإذا لم يكن هذا اصطفاف مع الخصوم فما هو؟ وما الحاجة لعلاقات مع دولة سياستها تنخر في محيطها؟
التحفظ أو الرفض القطري يتطابق في المدلول فهو في نهاية المطاف، تأكيد واضح على خروج النظام القطري عن منظومة مجلس التعاون، بل العمل ضده، ويؤكد أن المقاطعة كانت وما زالت مستندة إلى مسوغ قانوني وهو معارضة سياسة مجلس التعاون والعمل ضد المصالح المشتركة له بدعم الإرهاب واحتضانه. والتحفظ يعني أنها تعلن وقوفها بجانب إيران، ورفضها إجماع العرب والمسلمين الذي أكد التمسك بالقضية الفلسطينية والقدس، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، ومحاربة الإرهاب، ورفض التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية.
عموماً تعودنا من حكومة قطر الإخلال بالاتفاقيات ونقض ونكث العهود والمواثيق والالتزامات وتحريفها للحقائق ليس مستغرباً، لكنه في الوقت نفسه دليل للشعب القطري الشقيق أن دولته لا تملك قرارها بيدها، لأن الدول تملك قرارها عندما تشارك في المؤتمرات وتعلن مواقفها وتحفظاتها في إطار الاجتماعات ووفق الأعراف المتبعة وليس بعد انتهاء الاجتماعات، وليس بالهروب من الباب الخلفي من كل القمم العربية ومن ثم التحفظ والرفض على ما وقعت ووافقت عليه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة