من يلعب هذه اللعبة في قطر يظن أن المسألة شخصية بينه وبين آل سعود
من حصر الخلاف على درجة التمثيل في القمة نسي أن لنا أبناء يحاربون في الجبهة لن نقبل أن نستهين بتضحياتهم.
أهلنا في الخليج العربي، مثقفينا، كتابنا، مفكرينا، انسوا جميع ما سبق من خلافنا مع قطر، انسوا جميع ما تم تبادله وتراشقه من ألفاظ نابية في الإعلام، واتركوا عنكم التعليق على مناكفات وسائل التواصل الاجتماعي، وانسوا حتى أننا أهل وأقارب وأخوان، انسوا مجلس التعاون، انسوا السنع والأدب وأصول الضيافة، وكل ما يشغل بالكم الآن، فما تلك سوى شرر يتطاير، ركزوا فقط مصدر النار على مسألة واحدة هي أساس الخلاف، وهو أساس يزيد خطورة يوماً بعد يوم، وأنتم مشغولون عنه بالمناكفات، ركزوا على أمنكم فقط، على أمن دولكم لا على أمن دول مجلس التعاون.
لا أحد يريد أن نفترق نحن والقطريون، ولا أحد يريد أن يتفكك المجلس، ولا أحد يريد أن ينفك عقد هذا الاتحاد، إنما نحن نتحدث عن تهديد حقيقي خطير مسَّنا منه الكثير، وأنتم تتركون من يهدد أمننا وتقفون عند بروتوكولات ومراسم.
قطر تساند المشروع الإيراني في كل من البحرين والسعودية واليمن والكويت، هذا أمر جلل، تلك مسألة حياة أو موت، هذه ليست تخرصات ولا مهاترات ولا اتهامات بلا أدلة، مسألة راحت أرواح مقابلها، من لا يرى موقف قطر من أحداث اليمن فإنه أعمى، من لا يرى خطورة ما تفعله قطر على أمن دول مجلس التعاون كافة هو إما مُغيَّب وإما لا يهمه أمن دولته ووطنه، ناهيكم عن أمن مجلس التعاون، التعاون القطري الحوثي واضح وضوح الشمس وأنتم لاهون بالمناكفات.
ما سينهي المجلس ليس كرامة فلان وحشيمة علان وقمة عُقِدت أم لم تُعقَد، لا تجعلوا الأمر كعبارة الطبيب الذي قال العملية نجحت لكن المريض مات، الأمر ليس ضيافة وحسن ضيافة، الأمر كبير وخطير، وأنتم مشغولون بالصور وبالورود وبالفواكه التي قدمت و و و.
يا أهلنا في الخليج إن كانت مساعدة الحوثيين للسيطرة على اليمن، أي مساعدة إيران للسيطرة على اليمن، أي مساعدة إيران للوصول للحد الجنوبي في المملكة العربية السعودية، مسألة ثانوية تحل بحب الخشوم بالنسبة لكم؛ فتستحقون إذاً ما سيجري لكم.
اصحوا، الأمر ليس خلافات ثانوية، وزوبعات في فناجين، والمسألة ليست من يلقى نكات سمجة أفضل من الثاني، والقصة ليست (قطات) هذا أخف دم من ذاك؟
دول الخليج الثلاث التي تقاطع قطر لا تستعرض عضلات أو تبحث عن المشاكل أو لا تعرف السنع أولا تعرف العيب، دول الخليج الثلاث تدخل حرباً نيابة عن الجميع وتفقد أرواحاً و تفتح مجالس العزاء لأبناء سقطوا من أجل الدفاع عن أمننا جميعاً، ماذا نقول لأم الشهيد البحريني أو الإماراتي أو السعودي؟ ماذا نقول لأمهات وزوجات وبنات وأبناء المقاتلين من دول الخليج الثلاث الآن في اليمن؟ المسألة جد وليست لعباً، لم يتخلف أي من الدول الثلاث عن أي من القمم سابقاً، المسألة أخطر وأكبر وأهم من مجرد سلام وأغنية خليجية ودهن عود وبخور، إيران تمتطي قطر لاحتلالكم وأنتم مشغولون بتوافه الأمور.
حتى من يلعب هذه اللعبة في قطر لا يعرف أنه يلعب مع الأفاعي، ومصيره مصير من لعب قبله معهم، إنه يلقي بقطر وبالخليج برمته بين أسنان الذئب دون أن يرفّ له جفن، علاقة قطر تتجاوز فتح خطوط الطيران، علاقة قطر تعاون استخباراتي مع الحوثي أي مع إيران.
من يلعب هذه اللعبة في قطر يظن أن المسألة شخصية بينه وبين آل سعود، وثأر شخصي مع آل خليفة وكسرعظم مع آل زايد، إنه يبيع نفسه للشيطان من أجل نزعات وعُقَد شخصية، ولا يهم إن كان يعلم أولا يعلم أنه يلقي بالقطريين إلى التهلكة ويلقينا كلنا معه للهاوية، المهم أنه يلعب بالنار وسيحرقنا معه.
إيران لا تلعب، إيران لديها مشروعها للإطاحة بكم جميعاً دون استثناء، لا كويتي سيبقى ولاعماني ولا سعودي ولا قطري ولا بحريني، العنصر الفارسي هو من سيسود لا العربي، حتى وإن كان شيعياً، هذه ليست مبالغات أنتم تشهدون هذه الحقيقة بأنفسكم في اليمن وفي العراق وفي الأهواز وداخل إيران نفسها لكنكم لاهون بتوافه الأمور.
لا أحد يريد أن نفترق نحن والقطريون، ولا أحد يريد أن يتفكك المجلس ولا أحد يريد أن ينفك عقد هذا الاتحاد، إنما نحن نتحدث عن تهديد حقيقي خطير مسَّنا منه الكثير، وأنتم تتركون من يهدد أمننا وتقفون عند بروتوكولات ومراسم، وإن لم نوقف هذا الجنون والتهور فإننا كلنا للهاوية.
إيران دخلت إلى عقر دارنا الآن مستغلة قصر النظر ومستغلة الطموح الشخصي، ومستغلة العُقَد النفسية ومستغلة الرغبة الجامحة عند قيادة هذه الدولة، والدول الثلاث مصرة أن تأخذ الأمر على محمل الجد حتى لو أدى ذلك إلى زعل من عُزِل، فلا مصلحة تعلو على مصلحة أمن أوطاننا. قد لا ألوم حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، قد لا ألوم كتَّاب أعمدة هنا أو هناك، ولكنني أرى حتى من صُنِّف مفكراً ومن صُنِّف مثقفاً ومن صُنِّف عالماً ومضطلعاً، وحتى من صُنِّف سياسياً ومُحنّكاً؛ غافلاً أو يتغافل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء موقفنا من قطر، مازال واقفاً في خانة (الهون أبرك ما يكون) ولا تعطوا أعداءنا فرصة للشماتة، ياعمي أعداؤنا وصلوا لغرف نومنا وأنتم جلّ ما همكم أغنية أنا الخليجي أصبحت حزينة!!
نقلاً عن " الوطن" البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة