"قطرائيل".. دموع الدوحة المزيفة على القدس تجففها تل أبيب
سياسة قطر الخارجية اعتادت ركوب الأمواج وليس أفضل من استغلال الغضب العربي والإسلامي على قرار ترامب لتذرف الدوحة دموع التماسيح على القدس.
سارعت قطر وأميرها تميم بن حمد آل ثاني إلى تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من التداعيات الخطيرة لخطوة نقل سفارة واشنطن إلى القدس، فهل الدوحة صادقة في دفاعها عن فلسطين، أم هناك حقائق لا بد من كشفها لتوضيح المواقف.
يبدو رد فعل قطر طبيعيا في إطار سياسة خارجية تنتهجها اعتادت فيها على المراوغة و ركوب الأمواج، وليس أفضل من استغلال حالة الغضب العربي والإسلامي ورفض المجتمع الدولي لقرار ترامب لتذرف الدوحة دموع التماسيح على القدس وعلى الشعب الفلسطيني، ولكن يد تل أبيب تسارع إلى التربيت على كتف تميم لتذكره بالعلاقات الدافئة والمتواصلة بين قطر وإسرائيل.
وقد سعت قطر على مدى سنوات إلى إبراز نفسها كنصير للقضايا العربية، لكن برقيات سرية صاغها دبلوماسيون أمريكيون، واطلعت عليها "بوابة العين" الإخبارية، كشفت ما كانت تخشى الدوحة ظهوره للعلن.
برقيات أمريكية تفضح قطر
برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أمريكيون حول قطر كشفت عن العلاقة بين الدوحة وإسرائيل، بعض تلك البرقيات تضمنها تقرير للكونجرس الأمريكي، نشر في موقع التسريبات الشهير "ويكليكس".
التقرير كشف عن المستور، بدءا بتحريض الدوحة على الدول العربية الكبرى، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر، وصولاً إلى حماية إسرائيل، مبرزا "دبلوماسية قطرائيل".
التقرير يشير إلى أن قطر كانت سباقة في العلاقة مع تل أبيب، مستعرضا زيارات قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى العاصمة الدوحة.
وجاء في نص التقرير الذي وُزع على أعضاء الكونغرس عام ٢٠٠٨ أنه: "على الرغم من أن قطر وإسرائيل ليس لديهما علاقات دبلوماسية رسمية، فإن الدوحة كانت السباقة في المحادثات العربية الإسرائيلية بتوسيع العلاقات الاقتصادية خلال فترات التقدم في عملية السلام".
وأضاف التقرير "استضافت قطر مجموعات العمل العربية الإسرائيلية متعددة الأطراف، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في إبريل/نيسان 1996".
كذلك "وافقت قطر على إنشاء بعثة تجارية إسرائيلية في الدوحة، رغم تباطؤ العلاقات بعد تراجع عملية السلام عام 1996".
وينفي التقرير أن تكون قطر قد أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي فعلاً، وقال: "بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 ادعت قطر أنها أغلقت المكتب؛ ومع ذلك، وفقا للمسؤولين القطريين، استمر العمل على مستوى منخفض جدا".
وتابع: "قبل البدء بعملية تحرير العراق (الغزو الأمريكي عام 2003) أغلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية البعثة التجارية في الدوحة وأجلت 3 مبعوثين إسرائيليين وأسرهم".
مستدركاً: "وعدت إسرائيل بإعادة فتح المكتب بعد ذلك، وعلى الرغم من ضغوط بعض الدول العربية الأخرى فقد استضافت قطر المؤتمر الاقتصادي بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني 1997".
وكشف التقرير أن "وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني رفضت دعوة قطر للمشاركة في مؤتمر الديمقراطية بالدوحة في أكتوبر/تشرين أول 2006 بسبب وجود ممثلين عن حماس، واكتفت تل أبيب بالمشاركة عبر وفد مكون من مسؤولين أقل مرتبة من وزارة الخارجية".
علاقة وطيدة مع إسرائيل
وتطرق التقرير إلى زيارة "نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز إلى قطر في فبراير/شباط 2007، ورفضه الاقتراح الذي قدمه الأمير بالتفاوض المباشر بين إسرائيل وقطر".
وفي هذا الصدد، فقد اعتبر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في لقاء مع أعضاء في الكونجرس بالعاصمة الدوحة، يوم الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2007، بصفته ولياً للعهد، أنه ينبغي على المنطقة بأكملها أن تتفاوض مع إسرائيل.
وقال تميم، حسب البرقية الأمريكية: "نعتقد أن السلام مع إسرائيل هو الحل الوحيد، وأن الناس في المنطقة بدأوا يفهمون بأن التقدم في عملية السلام يتطلب علاقات مع تل أبيب، وهو ما فعلته قطر وما ينبغي على الدول الأخرى أن تفعله أيضاً، سواء اتفقت هذه الدول مع إسرائيل أم لا، فإنه ينبغي على المنطقة بأكملها أن تتفاوض معها".
تكشف الوثائق عن علاقة وطيدة، استحقت مديح وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، بين الدوحة وتل أبيب.
وفيما أعلنت قطر عن تجميد مكتب التمثيل الإسرائيلي فإن برقية سرية أمريكية كشفت أن الدوحة عرضت بعد أقل من شهر، على تل أبيب، إعادة فتح المكتب، ولكن الأخيرة رفضت هذا العرض.
وتبرز البرقية أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، تسيبي ليفني، قدّرت دعوة قطر لها لزيارة الدوحة في عام 2008 "في وقت لم يفعل فيه معتدلون عرب آخرون أي شيء ملموس لدعمها سياسياً"، وفق قولها.
وفي برقية سرية يوم 13 فبراير/شباط 2009 كتبت السفارة الأمريكية بتل أبيب أن قطر قدمت عرضاً لإسرائيل بإعادة فتح مكتبها التجاري ولكن الأخيرة رفضت هذا العرض.
تعطيل المصالحة
سعت الدوحة لاستغلال علاقتها بحركة حماس في تعطيل المصالحة الفلسطينية، وإلقاء اللائمة في ذلك على مصر، لتصوير الأخيرة ورئيسها الأسبق محمد حسني مبارك أمام الولايات المتحدة والعالم على أنها عقبة في طريق السلام والاستقرار في المنطقة.
فقد أفشى رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني عن مكنونات صدره تجاه مصر، في جلسة مغلقة عقدها مع السيناتور الأمريكي حينها جون كيري.
"بن جاسم" وفقاً لبرقية سرية كتبها السفير الأمريكي الأسبق لدى الدوحة جوزيف لابرون في 24 فبراير/شباط 2010، قال لكيري إن "مصر معنية بإطالة أمد جهودها في المصالحة بين الفلسطينيين لأطول فترة ممكنة، باعتبار أن وساطتها هذه هي المصلحة الوحيدة التي تجمعها مع الولايات".
وزعم بن جاسم أن مصر والمملكة العربية السعودية لم تشجعا الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون على الدفع باتجاه اتفاق سلام فلسطيني-إسرائيلي، رغم رغبته بذلك وطلبه منهما المساعدة دون أن يحصل عليها.
واستهل حديثه بتوجيه النقد للرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلاً: "لقد صعد على الشجرة عندما طرح موضوع الاستيطان ولا يمكنه النزول عنها".
وتكشف البرقية الأمريكية أن "بن جاسم قال إنه التقى في الدوحة مؤخراً وفداً إسرائيلياً وأخبره أنه من الخطأ العمل مع طرف فلسطيني واحد، (فتح)، وتجاهل حماس".
وأضافت البرقية "بن جاسم أشار إلى أنه كان واضحاً من محادثات أجراها مع قيادة حماس أن الحركة جاهزة للقبول بحق إسرائيل في الوجود، ولكن هذا القبول يجب أن يتم تدريجياً وليس في يوم واحد".
وفي محاولة لتقديم مصر والسعودية على أنهما العقبة في طريق السلام، قال بن جاسم "التقدم بطيء، وتقريب الطرفين باتجاه المصالحة تعوقه السياسة العربية، يمكن أن تتم المصالحة، ولكن فقط إذا سمحت البلدان الأكبر في المنطقة بذلك".
مؤتمرات قطر الوهمية
وتحدثت برقية سرية أخرى كتبتها السفارة الأمريكية في الدوحة في يناير/كانون الثاني 2009، عن أن الهدف من المؤتمر الذي عقدته قطر حول غزة خلال حرب 2009، لم يهدف إلى خلق جبهة عربية معادية لإسرائيل وإنما لإظهار قطر كبطلة للعرب، مشيرة إلى أن المؤتمر أخفق في تحقيق النصاب القانوني المطلوب.
ولفتت البرقية الأمريكية إلى أنه "من الواضح أن قمة الدوحة الطارئة في 16 يناير من ذلك العام لم تهدف إلى محاولة خلق موقف عربي موحد حول العملية الإسرائيلية في غزة، لقد كانت القمة المقتطعة تعبيراً عن المشاعر القطرية والأنا (الذاتية) والإيديولوجية".
وأضافت "وفي وضع نفسها في قيادة هكذا موقف، فإن قطر تعتقد أنها ستحسن مكانتها في الرأي العام العربي، وينظر إليها باعتبارها بطلة العرب".
وكشف زيارة قام بها وفد من حركة حماس الفلسطينية برئاسة صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، الشهر الماضي إلى طهران للقاء مسؤولين، محاولات قطر لإفساد المصالحة الفلسطينية التي نجحت مصر في إتمامها في أكتوبر الماضي.
مراقبون رأوا أن زيارة وفد حماس إلى إيران خطوة مدعومة من جانب قطر في محاولة لإفساد المصالحة الفلسطينية، التي تمت بجهد مصري إماراتي، ودعم سعودي.
ويتوقع البعض أن يحظى هذا النهج بدعم كل من قطر وتركيا وإيران وإسرائيل، من أجل إحباط المصالحة التي تضع كل هؤلاء في موقف محرج.
فالقطريون لا يريدون نجاحا لأية خطوات تتخذها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين، خاصة في ملف مهم وحساس مثل المصالحة الفلسطينية.
والأتراك يعز عليهم أن يروا نجاحا مصريا في قطاع غزة الذي فشل رجب طيب أردوغان في أن يطأ بقدمه عليها.
قطرائيل وتمويل سد النهضة
ملف سد النهضة كان ولا يزال أحد الملفات المهمة على الساحة المصرية، باعتباره القضية الأهم في الوقت الحالي، ولاقت القاهرة دعما عربيا في كل المحافل الدولية خاصة من الإمارات.
لكن قطرائيل دائما ما تستهدف النيل من مصالح مصر ومجالها الحيوي، وفي ذلك يقول الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد المائية بمعهد الدراسات الإفريقية، إن هناك دولا تدفع مليارات لإلحاق الضرر بمصر.
وأكد في حديث لـ"بوابة العين" أنه حدث تدخل من بعض الدول مثل إسرائيل وقطر التي تعتبر الممول المهم والرئيسي للسد، والهدف من هذا الدعم وضع مصر تحت ضغط بشكل مستمر والتلاعب في حصة مصر من مياه النيل، والدليل على ذلك واضح عندما طار رئيس وزراء إثيوبيا إلى قطر عقب توقف المفاوضات مع مصر بساعات وحصل على دعم وتمويل.
وأشار إلى أن إسرائيل لها دور في بناء سد النهضة، من خلال تحريض دول حوض النيل، كما أنها تسعى إلى بناء ممر موازٍ لقناة السويس من خلال إنشاء خط بين البحر الميت والبحر الأبيض وهي القناة الموازية لقناة السويس، وهذا سيسبب ضررا لمصر، وهو المشروع الذي تمت منه المرحلة الأولى، والتي تمثلت في توقيع اتفاقية نقل المياه من البحر الأحمر إلى خليج العقبة.
لكل قضية رجالها
دوما كانت القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للوطن العربي والعالم الإسلامي، ولكن لكل قضية رجالها، فعلى سبيل المثال أخذت المملكة العربية السعودية على عاتقها الدفاع عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وحماية المقدسات الإسلامية، وهو ما تجسد جليا في مبادرة السلام العربية التي أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود عام 2002، بهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة.
كما كان دور دولة الإمارات العربية المتحدة فاعلا في مناصرة الحق الفلسطيني، ونجدة الشعب الفلسطيني، والدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية في القدس، منذ عهد مؤسس الدولة حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مرورا بكل قادة الإمارات.
ولا أدل على موقف الإمارات حكومة وشعبا من القضية الفلسطينية، الداعي لتحرير الشعب والأرض وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، من مقولة رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان: "إن دولة الإمارات العربية هي جزء من الوطن العربي، وقضية الشعب الفلسطيني المناضل هي قضيتنا، والأرض هي أرضنا".
وقبلها امتلأت صفحات التاريخ بدور مصر في دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني، وليس آخرها نجاح القاهرة في إطلاق المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني التي استمرت لعقد من الزمان.
وكانت حماس وفتح وقعتا في 12 أكتوبر/تشرين الأول اتفاق مصالحة برعاية مصرية، وبموجب هذا الاتفاق يفترض أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة.
وبالعودة لقضية سد النهضة فقد وجه رئيس المجلس العربي للمياه، الدكتور محمود أبوزيد الشكر للدول العربية التي تدعم موقف مصر في المحافل الدولية وفي مقدمتها دولة الإمارات، مؤكدا أن الإمارات يمكنها مساعدة مصر في هذا الملف، خاصة أن لديها نفوذا اقتصاديا وكلمتها مسموعة في إثيوبيا.
aXA6IDUyLjE1LjE4NS4xNDcg جزيرة ام اند امز