تميم وأردوغان وقاعدة تركيا بقطر.. انتهازية السلطان برعاية الإخوان
أردوغان اعتاد سياسة التناقض وانتهاز الفرص؛ فلم يترك الأزمة الخليجية تمر دون الاستفادة منها لخدمة أجندته الخاصة
محور الشر والملاذ الآمن للإرهاب.. هكذا توصف قطر وتركيا؛ لما يقدمه الجانبان من دعم مالي وإعلامي واستضافات للتنظيمات المتشددة؛ فالأمير الشاب الباحث عن دور والرئيس الحالم بعودة عصر العثمانيين لم يجدا غايتهما وأهدافهما سوى في دعم تلك الجماعات والتدخل في شؤون الدول.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتاد هو الآخر على سياسة التناقض وانتهاز الفرص؛ فلم يترك الأزمة الخليجية تمر دون الاستفادة منها لخدمة أجندته الخاصة.
التنظيم الظلامي يجمع قطر وتركيا
جماعة الإخوان الإرهابية، التي تسعى منذ عقود لإيجاد موطئ قدم لها داخل السلطة في أكثر من دولة عربية، فشلت في تنفيذ مخططها، لتجد نفسها شريدة بدون حاضن، ولتتحول قطر وتركيا إلى الحاضن الأكبر لتلك الجماعات الظلامية لتنفيذ مخططاتها في إشاعة الفوضى بالمنطقة، حيث ذكرت صحيفة "الرياض" السعودية أن قيادات التنظيم الإرهابي اجتمعوا في تركيا بحضور عدد من الشخصيات الرسمية التركية، وذلك في أول رد فعل للتنظيم على قرار قطع عدد من الدول العربية علاقتها مع قطر.
واتفق الطرفان على استمرار دعم التنظيم، ودعم الحكومة القطرية وأميرها تميم بن حمد آل ثاني في سياسته التحريضية ضد دول الجوار.
كما صدرت أوامر لعناصر التنظيم الموجودة في قطر بسرعة مغادرة الأراضي القطرية والتوجه إلى تركيا بهدف تخفيف الضغوط الدولية التي تتعرض لها قطر لاستضافتها عناصر إرهابية كما حدث في أزمة مارس/آذار 2014.
وعن القاعدة العسكرية التركية في قطر "الريان"، أكد يوسف بدر، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، لـ"العين"، أن أنقرة تكرر نفس أدبيات طهران بأن هذه القاعدة لا تستهدف دولة بذاتها وأنها لصالح أمن المنطقة، بينما الحقيقة أن إنشاء القاعدة يأتي في إطار مصالح متبادلة، من جانب تحمي القاعدة قطر الحليف في معسكر تركيا، الداعم للجماعات المتطرفة، وكذلك تستفيد تركيا من وجودها في منطقة غرب آسيا واحدة من أهم محاور العالم السياسية والاقتصادية، وهذا الوجود يفرض عليها الحضور بفاعلية في قضايا الإقليم.
وعن الرفض الخليجي والعربي للقاعدة العسكرية التركية في قطر، أكد يوسف، أن دول الجوار تنزعج من هذا الوجود الذي يضر بالتوازن الإقليمي؛ فالقاعدة العسكرية تمثل خروجا على إرادة مجلس التعاون؛ لأن هذا الوجود يفتح الباب أمام وجود قوات أخرى.
وتابع قائلا: "الرفض التركي للتخلي عن الوجود العسكري في قطر بسبب قلقها من التغيير السياسي في قطر؛ لأن هذا يجعلها تعمل منفرده في دعمها للجماعات المتطرفة، وبالأخص جماعة الإخوان الإرهابية.
وأشار بدر إلى أن هذه الأزمة أوضحت أن مجيء الأمير تميم بعد الأمير الأب حمد لم يغير كثيرا في سياسة قطر، وأن الأمير الأب ما زال يعمل من وراء الستار، وأن قطر تريد استمرار ارتباطها بجماعة الإخوان الإرهابية؛ لضمان نفوذ دولي عبر لوبي الإخوان بالخارج، وكذلك لاستخدامها كأداة تهديد لدول الجوار، وإلا لماذا تستمر قطر حتى الآن في دعم المعارضة الإخوانية في منطقة الخليج؟
وأكد بدر أهمية تركيز دول المقاطعة على الضغوط الدولية حتى تفوّت الفرصة على قطر التي عملت على تدويل الأزمة بمشاركة حلفائها تركيا وإيران.
العسكرة التركية
لا يزال التحدي والمكابرة هما شعار المرحلة من الجانب القطري، بعد قرار الدولة العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية معه، أزمة دبلوماسية استغلها الجانب التركي، لتمرير أجندته في المنطقة، وبالأخص بعد أن استعانت قطر بالوجود العسكري التركي.
الانتهازية السياسية.. هكذا وصف الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، الوضع التركي الحالي، خلال تصريحاته لـ"العين"، حيث أكد أن القواعد العسكرية التركية وبالأخص في قطر ليست من أجل مساندة حليف، ولكن هدفها هو التسويق لفكرة القواعد العسكرية وضمان الوجود في منطقة الشرق الأوسط، بخلاف تحقيق المصالح الاقتصادية الخاصة بها.
وأضاف أن أنقرة تسعى للحصول على دور أكبر والدخول مع الدول الكبرى التي تملك قواعد عسكرية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
- سفير السعودية في تركيا يدعو أنقرة للحياد بشأن أزمة قطر
- وزير خارجية ألمانيا: على الدوحة التوقف عن دعم الإرهاب لحل الأزمة
حيث سارع البرلمان التركي إلى إقرار قانون يسمح بنشر جنود أتراك في قاعدة الريان العسكرية التركية في قطر، وأكد الجيش التركي في أحد بياناته الصادرة عقب الأزمة، أن الاتفاقية التي وقعت بين الدوحة وأنقرة حول إقامة القاعدة دخلت حيز التنفيذ في 15 يونيو/حزيران الماضي.
يعود تاريخ تلك القاعدة في أكتوبر/تشرين الأول 2015؛ حيث صدّق أردوغان على نشر القوات التركية، وبعد الأزمة الخليجية العربية مع قطر، قامت تركيا بنشر قوات تقدر بـ5 آلاف جندي.
وتعنى القاعدة العسكرية التركية في قطر، الكثير لأنقرة على صعيد توسع دورها وتمدد نفوذها في المنطقة، حيث ستمنحها إطلالة على الخليج العربي، ووجودا عسكريا مباشرا.
لم تكن القاعدة العسكرية التركية في قطر هي الوحيدة؛ فالصومال أيضا لم تسلم من عسكرة أردوغان؛ ففي عام 2015 خلال زيارة قام بها أردوغان إلى الصومال، تم الاتفاق على إنشاء القاعدة، وفي مارس/آذار الماضي، قام رئيس الأركان الصومالي على رأس هيئة عسكرية بزيارة القاعدة والتقى الجنود الأتراك.
التوافق الأيديولوجي بين قطر وتركيا وتنظيم الإخوان الإرهابي هو المحرك الأساسي، اتفق في هذا الرأي محمد حامد، الباحث في الشؤون التركية، خلال تصريحاته لـ"العين"؛ حيث أكد أن تركيا تسعى إلى انتهاز كل موقف لتمرير أجندتها الخاصة، مؤكدا أن السياسة الخارجية التركية منذ 2010 تستدعي في جميع تحركاتها التاريخ العثماني؛ محاولةً إحياء هذا العصر المنتهي.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA== جزيرة ام اند امز