بدعم قطري وتركي للإخوان.. نيران المال السياسي تحرق انتخابات تونس
مسألة تمويل الأحزاب السياسية في تونس تتصاعد قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلتين في أكتوبر ونوفمبر 2019.
بين أحزاب تعوم على بحر من الدولارات وأخرى تتشبث بالقوانين في أوجه الإنفاق، باتت الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس مهددة بمدافع التمويل القطري-التركي لتنظيم الإخوان الإرهابي في هذا البلد.
وتطرح مسألة تمويل الأحزاب السياسية في تونس أسئلة حارقة، قبيل الموعد الانتخابي المقرر في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل للانتخابات التشريعية، و10 نوفمبر/تشرين الثاني القادم لـ"الرئاسية".
- "الحزب الحر الدستوري" بتونس.. صعود يصفع قطر والإخوان
- الرئيس التونسي يطالب القضاء بإجراءات ضد الجهاز السري للإخوان
ويرى عدد من المراقبين للشأن التونسي أنه لا يمكن الذهاب إلى انتخابات نزيهة وشفافة في ظل هذه الازدواجية بين أحزاب تتلقى تمويلات من الخارج وأخرى تكتفي بالسقف المحدد بالقانون الداخلي.
تمويل قطري-تركي
وتتجه أصابع الاتهام إلى الدور القطري والتركي في تمويل وتدعيم إمكانيات حزب النهضة الإخواني على حساب خصومه السياسيين، وذلك في مخالفة لكل القوانين المنظمة للأحزاب بتونس، خاصة منها المرسوم 87 لسنة 2011.
ويتجلى الفساد المالي لتنظيم الإخوان في تونس بوضوح في تضارب الأرقام المعلنة رسمياً عن "النهضة" المرتبطة بموازنتهم السنوية والمقدرة بـ3 ملايين دولار في مقابل عقود أبرمها التنظيم مع شركات بريطانية لتحسين صورته في البلاد، وصلت قيمتها إلى 18 مليون دولار.
زهير الرابعي المحامي وأستاذ القانون أكد لـ"العين الإخبارية" أن التمويل القطري للإخوان في تونس لا يتم بطريقة مباشرة، وإنما عبر جمعيات ومنظمات تعمل في المجال الخيري والإغاثة الإنسانية.
وصنَّفت لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي منظمة الإغاثة الإسلامية (قطرية تنشط في بريطانيا) بين المنظمات المشبوهة، وذلك في يناير/كانون الثاني الماضي، لافتاً إلى أنه تم ربط وجودها بتحويلات مالية استفادت منها تنظيمات إرهابية، بحسب الرابعي.
وأشار إلى أن الأيادي القطرية والتركية ظاهرة للعيان في كل المحطات الانتخابية بتونس، منذ سنة 2011، لافتاً إلى أن دائرة المحاسبات (المحكمة المالية) ضبطت في انتخابات 2014 تجاوزات مالية لعديد من الأحزاب من خلال تلقيها تمويلات خارجية من بينها حزب النهضة الإخواني.
شراء الأصوات
وتتهم المعارضة التونسية خاصة منها اليسارية والقومية النظام التركي بوضع يده على السياسة في بلادهم، وضخ ملايين الدولارات لضمان حسم حركة النهضة نتائج الانتخابات لصالحها من خلال شراء الأصوات.
رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بدرة قعلول ترى أن محور الدوحة-أنقرة يدافع عن وجوده من خلال مساندة الأحزاب والتيارات الإسلامية في تونس، معتبرة هذا الدعم "حرب وجود" بعد فشلهم في العديد من المناطق العربية الأخرى.
بدوره، أشار القيادي بالحزب الاشتراكي منصف الشريقي إلى أن حزب النهضة فرع للتمدد الإخواني في المنطقة، موضحا أن تركيا ترعاه وتدعمه بجميع الوسائل، مؤكداً أن الحياة الحزبية في تونس أسيرة للمال الفاسد ما يخلق اختلالا في موازين القوى.
وأوضح أن حزب النهضة فاز في الانتخابات الماضية عبر شراء الأصوات، ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة، مرجعا ذلك إلى أن الديمقراطية في تونس لا تزال "هشة ويشقها عدد من السلبيات".
أرصدة مشبوهة لقيادات النهضة
بين هذا وذلك، تظل التساؤلات الأكبر حالياً في تونس، مرتبطة بمصادر الثروات الطائلة والمقرات الكبرى والاجتماعات في أفخم النزل؛ حيث طالبت الهيئة العليا المستقلة لمكافحة الفساد في تقريرها الأخير عدداً من الأحزاب وعلى رأسها حزب النهضة الإخواني بتدقيق حساباتهم وتقديم كشف عن مصادر تمويلهم.
يقول صابر الرياحي رئيس جمعية "من أجل سياسة نظيفة": إن الإخوان يرفضون تقديم كشف لحساباتهم البنكية إلى هيئة مكافحة الفساد، وهو ما يثير الشكوك حول المبالغ الحقيقية التي يملكها حزبهم.
ونبَّه الرياحي إلى أن هذا الغموض الكبير، خاصة إمكانيات الإخوان المالية، يحول تونس إلى صندوق أسود لتبييض الأموال ومعبر لتمويل التنظيم وما يتفرع عنه من نسيج إرهابي.
كل ما سبق، يلخصه بعض المراقبين في أن الحياة الديمقراطية في تونس تسير بساق عرجاء، وتكبلها أغلال المال الفاسد وسرطان الإرهاب ومؤامرات الإخوان الإقليمية.
aXA6IDMuMTYuNjkuMjQzIA== جزيرة ام اند امز