رفع أسعار فائدة الدولار والاقتصادات العربية.. الخسارة حاضرة
سبقت المؤسسات المالية الدولية، اجتماع الفيدرالي الأمريكي الذي أعلنت نتائجه مساء الأربعاء، للحديث عن الأسواق النامية والناشئة.
وتصنف غالبية الدول العربية على أنها اقتصادات نامية، تتأثر مباشرة بأي قرار أمريكي برفع أسعار الفائدة، وتكون التأثيرات السلبية متفوقة على إيجابيات القرار، لذا فإنها تتابع ارتفاع أسعار الفائدة بقلق بالغ.
يعتبر قرار رفع أسعار الفائدة، أحد عوامل الضغط خارج سيطرة راسمي السياسات النقدية والمالية للدول العربية، فهو تأثير مستورد ويفرض عليها مباشرة، بحكم اعتماد الدولار عملة رئيسة ثانية إلى جانب العملات المحلية.
ويأتي قرار رفع أسعار الفائدة اليوم، بينما غالبية الدول العربية غير النفطية تعاني من ضغوطات وضربات بدأت قبل عامين، مع تفشي جائحة كورونا، فاقمتها ضربة ارتفاع أسعار المستهلك منذ الربع الأخير 2021.
- ما علاقة تغيير الفائدة الأمريكية بسعر صرف الدولار؟
- ماذا تترقب الأسواق الناشئة من رفع الفائدة الأمريكية؟.. "لعنة الدولار القوي"
والضربة الثالثة تمثلت في الأزمة الأوكرانية وتبعاتها على سلاسل الإمدادات وتأثر الأسواق المالية وحدوث بعض التخارجات من أدوات الدين العربية، كما حصل في مصر مؤخرا.
جاءت الضربة الرابعة من جانب الفيدرالي الأمريكي الذي لم يكتف برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بل قال إنه سيزيد أسعار الفائدة بشكل أكبر إن لم تستجب نسب التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة، لقراراته.
هذه الضربات الأربع، تأتي بينما واجه معظم الاقتصادات العربية المستهلكة للنفط تباطؤا في وتيرة التعافي الاقتصادي أكبر، مما تواجه الاقتصادات المتقدمة.
وفق مدونة لصندوق النقد الدولي، فإن ما يُخشى حدوثه الآن، هو أن تتكرر نوبة الاضطراب التي وقعت في 2013، حين أدت مؤشرات مبكرة للتراجع عن عمليات شراء السندات الأمريكية، إلى اندفاع تدفقات رأس المال إلى خارج الأسواق الصاعدة.
تعتبر مصر حتى اليوم، إحدى البلدان الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، فيما رفع الفائدة الأمريكية وارتفاع عوائد السندات، قد يكثف من تخارج هذه الاستثمارات، ما قد يجبر البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة.
ويعقد المركزي المصري اجتماع لجنة سياسته النقدية في 24 مارس/آذار الجاري، وسط توقعات برفع أسعار الفائدة فوق 10% لأول مرة منذ عام 2017.
لذا، فإن ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، إذا كان مدفوعا بتوقع إجراءات أكثر تشددا من جانب البنوك المركزية، فمن شأنه أن يلحق الضرر باقتصادات الأسواق الصاعدة ومنها الاقتصادات العربية.
الخطوة المتوقعة خلال الفترة القريبة المقبلة، هو تزايد تخارج الأموال الساخنة في أدوات الدين، لدى الاقتصادات العربية إلى الأسواق المتقدمة بقيادة الولايات المتحدة.
التبعات المباشرة للقرار الأمريكي برفع أسعار الفائدة، تتمثل في زيادة كلفة الاقتراض في الأسواق العربية، ما يعني تراجع فرص الاستثمار، وتراجع الاستهلاك، والنتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل نسبي.