مخيمات اللجوء.. جوع وأوبئة تحاصر نازحي الرقة السورية
خيم مهترئة مكدسة بآلاف العائلات من الأطفال والنساء وكبار السن، لا تستطيع أن تحمي هؤلاء الضعفاء الفارين من نيران معركة الرقة.
خيم مهترئة مكدسة بآلاف العائلات من الأطفال والنساء وكبار السن، لا تستطيع أن تحمي هؤلاء الضعفاء الفارين من نيران معركة الرقة، بل تزيد من المأساة والمعاناة أضعافاً مضاعفة في كل يوم تفر فيه مئات الأسر السورية، متجهين إلى الـ4 مخيمات الرئيسية المخصصة لنازحي المدينة السورية.
ومع تقدم قوات سوريا الديمقراطية داخل مدنية الرقة، وإحرازهم نجاحات جديدة ضد عناصر تنظمي "داعش" الإرهابي بمعركة الرقة التي انطلقت في الـ6 من يونيو/حزيران الجاري، تتفاقم أوضاع المدنيين ليفروا بعيداً عن نيران الحرب، بحثاً عن أمل جديد ومأوى آمن يوفر لهم أبسط متطلبات الحياة الأساسية، لتتبدد آمالهم وتزاد المعاناة داخل مخيمات اللجوء غير الآدمية المكدسة بالنازحين السوريين.
ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وحتى بداية الشهر الجاري، فر أكثر من 400 ألف نازح خارج الرقة السورية، آخر معاقل التنظيم الإرهابي، نتيجة اشتداد المعارك على أطراف المدينة بعملية "درع الفرات" التي كانت ضمن استعدادات وخطط القوات المدعومة من التحالف الدولي لانطلاق معركة الرقة، لتستمر حالة النزوح من قبل سكان مدينة الرقة المعروفة بكثافتها السكانية، ليفر نحو 7 آلاف سوري خلال 16 يوماً الماضية.
وبالرغم من النداءات والتحذيرات الكثيرة التي وجهتها المفوضية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من سوء أحوال المدنيين بالرقة، وتدهور الوضع مع اشتداد وتيرة الاشتباكات ضد داعش، إلا أن الخطة الموضوعة من قبل الوكالات المسؤولة عن النازحين لم تُنفذ بالشكل المطلوب، لتتسلم من الأمم المتحدة 299 مليون دولار فقط من أصل 153 مليون دولار، بهدف تغطية المتطلبات الأساسية للاجئين بالمخيمات.
ومع تزايد أعداد النازحين يومياً، أصبحت المواد المقدمة من قبل المفوضية لإغاثة اللاجئين غير كافية من خيم الإيواء ومواد الغداء والأدوية والمتطلبات الأساسية، لتكفي مواد الإغاثة لـ50 ألف نازح فقط من أصل 400 ألف لاجئ سوري، لتظهر هذه الأعداد المأساة الحقيقة التي يعيشها نازحو الرقة.
الكرامة ملاذ الأوبئة
وبين محافظة الحسكة إلى محافظة الرقة، يوزع 90 ألف نازح على أربعة مخيمات، ويصبح باقي الفارين من جحيم الحرب بالرقة مشردين ليس لهم مأوى، ولكن رغم تواجد الـ90 ألف سوري داخل مخيمات، إلا أن الوضع لا يختلف كثيراً عن الحياة خارج المخيمات في العراء والظروف المأساوية.
ويعد مخيم الكرامة أكبر المخيمات وأكثرهم اتساعاً للنازحين، حيث يستوعب المخيم الواقع بمحافظة الرقة أكثر من 70 ألف نازح، خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب وفرار أكثر من 200 ألف خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بتقدم وهجوم قوات سوريا الديمقراطية داخل قرى ومدن بأطراف المدينة السورية.
ورغم أن الكرامة هو أكبر مخيمات لنازحي الرقة، إلا أن الحياة ومستوى المعيشة بالمخيم يزداد سوءاً في كل فترة، فقصة إنشاء المخيم ترجع إلى شهر مارس/آذار الماضي على ضفاف أحد فروع نهر الفرات بين محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، ليصبح له دور في غاية الأهمية لاستقباله حوالي 300 عائلة بشكل يومي، لتصل أعداد الأطفال إلى 55% من أعداد النازحين به، بينما تمثل السيدات الأرامل 30%، ويمثل المسنون وكبار السن 15% من إجمالي اللاجئين المتواجدين بالمخيم.
ويضم بداخله 800 خيمة رديئة الحال ومهترئة، فضلاً عن أن مستوى مواد الإغاثة والمؤن المقدم للنازحين من خزانات مياه وأغطية بالية وليست بحالة جيدة، ليتدهور حال أكبر المخيمات بريف الرقة، ويصبح أغلب الأطفال دون سن الـ4 غير مقيدين بسجلات رسمية ودفاتر العائلة، وليس لديهم حصص غذائية، ويمثلون عبئاً إضافياً للوكالات التي تدير هذه المخيمات.
وبداخل المخيم يصبح الوضع غير آدمي ومهدد لحياة الآلاف النازحين، حيث يفتقر المخيم كل أشكال الصرف الصحي، ما يجعل المكان بيئة مناسبة لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، فضلاً عن نقص المواد الطبية والأدوية المقدمة لهم.
معاناة الغذاء والدواء
وبمحافظة الحسكة، يوجد مخيم المبروكة الذي يتسع لـ4 آلاف لاجئ، ويخضع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وبداخله 500 خيمة في حالة سيئة تفتقر إلى أبسط التجهيزات التي لا تكفي 20% من إجمالي اللاجئين المتواجدين بداخله، لتجد نسبة كبيرة من العائلات نفسها بلا مأوى أو غذاء أو دواء، ليلجأ بعضهم إلى أفكار في تجهيز الخيم لمواجهة هذه المعاناة.
وكانت المركبات المكشوفة هي سبيل العائلات النازحة من خطر الحرب، ليقوموا بتحويلهم إلى مكان للمبيت وبديل عن الخيم، بوضعها على بعض السيارات أو في العراء، ليقسو الطقس في كل تغيراته على الأطفال الصغار، خاصة أن أغلب الخيم موجودة في مناطق صحراوية.
وبداخل 800 خيمة يعيش 8400 شخص، ليصبح الوضع بمخيم بن عيسى الموجود شمال محافظة الرقة، غير آدمي ومأساة تتضاعف مع زيادة أعداد النازحين، حيث تندر الخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية المقدمة للنازحين، وتصبح الاحتياجات الأساسية من الغذاء والماء غير كافية لأعداد اللاجئين داخل المخيم الذي تم تأسيسه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليستقبل مئات النازحين من أطراف الرقة وتحديداً القرى، ليصبح جلب المواد الغذائية أمراً بالغ الصعوبة لوقوع المخيم بمنطقة قريبة من الاشتباكات.
فعشرات العائلات داخل خيمة واحدة، مشهد متكرر داخل مخيم الطويحنة الذي أنشئ شمال غرب ريف الرقة، بهدف استيعاب الآلاف النازحين، ولكن سوء حالة الخيم وتكدسها باللاجئين، جعله يستوعب بداخله 5 آلاف نازح فقط، يعيشون ظروفاً إنسانية سيئة لنقص أعداد الخيم، وسوء حالة الخيم لتفتقر أبسط التجهيزات الأساسية.
ومع مرور الأشهر أصبح الطويحنة ملاذاً لجميع الأوبئة وأمراض الحصبة والجهاز الهضمي والجدري المائي والللشمانيا، ليصبح المخيم مهدداً لحياة الأطفال وكبار السن، خاصة مع نزوح المئات يومياً وغياب المنظمات الدولية عن دورها في إغاثة اللاجئين ومساعدتهم بالشكل الكافي.