اللوم هنا ليس على هذه الوسائل وعلى شعوبنا، بل يعود بالأساس إلى تقصير النخب الفكرية والأكاديمية، وأتمنى أن تتسع صدورهم لهذا" الانتقاد."
حان الوقت لنواجه أنفسنا بالحقيقة، نحن شعوب لنا قابلية التلقي الخاطئ والتصديق والمصادقة، حقيقة من الصعب الاعتراف بها، لكن هذا هو واقعنا فعلاً، وخير دليل على ذلك هو نجاح العديد من المنابر الإعلامية لتكون الآلات الأساسية لهدم دول وزعزعة استقرار دول أخرى، وإسقاط أنظمة وحكومات واقتصاديات.
واللوم هنا ليس على هذه الوسائل وعلى شعوبنا، بل يعود بالأساس إلى تقصير النخب الفكرية والأكاديمية، وأتمنى أن تتسع صدورهم لهذا" الانتقاد."
فعلياً لم تتمكن قطر وحليفاتها من تحقيق الدمار الذي "نجحوا" في إسقاط شعوب ودول فيه بفضل مؤسسات إعلامية قوية أو مهنية، بل نجحوا في ذلك بفضل أموال الشعب القطري التي استباحوها عن غير حق.
التقصير هو في وضع استراتيجيات، وبرامج يتم دمجها ضمن المناهج التعليمية، والكتب وتأسيس منظمات هدفها توعية الناس كمتقبلين للأخبار، متلقين بوعي إيجابي، يمنحهم قابلية التمييز بين الأخبار الكاذبة، والمغرضة والموجهة ضدهم أساساً.
عملت الأنظمة الغربية الحديثة، ومنذ عشرات السنين على خلق مستوى عال من الوعي لدى شعوبها من المتلقين، وهذا لا يعني أنها بذلك كشفت كل أوراق عملها السياسية، بل على العكس تم خلق فسيفساء إعلامية متنوعة، في توجهاتها وفي عملها وفي توظيفها.
والخطأ الشائع غير المقبول في وقتنا الآن هو تعصب بعض النخب الفكرية في بلداننا ضد التوظيف الإعلامي، التوظيف الإعلامي من أجل تحقيق التوازن الفكري والاستقرار.
والأهم من ذلك الأمن والحفاظ على سيادة الدولة ليس عيباً، العيب هو ما رأيناه وما نراه الآن من التوظيف الإعلامي من أجل تدمير الدول وتقتيل وتشريد الشعوب، وهذا من أسوأ ما شهده تاريخ الإعلام الحديث وللأسف أن نرى دولاً مثل قطر وتركيا حركت كل آلاتها الإعلامية، ونجحت في تحقيق الدمار الذي أرادت.
أحرقت بلداناً على آخرها وما أقصده هنا الإحراق الفكري، وتدمير البنى التحتية الفكرية، من أجل زرع البدائل الأيديولوجية التي تريد عبرها تحقيق أحلامها التوسعية.
وفعلياً لم تتمكن قطر وحليفاتها من تحقيق الدمار الذي "نجحوا" في إسقاط شعوب ودول فيه بفضل مؤسسات إعلامية قوية أو مهنية، بل نجحوا في ذلك بفضل أموال الشعب القطري التي استباحوها عن غير حق.
واليوم يواصل النظام القطري دعمه المالي لجماعات متطرفة في اليمن حسب تقرير أصدره فريق اليمن الدولي للسلام، وهو فريق تحقيق قانوني يجمع محامين من عدة دول عربية، دوره التحقيق في الدعم المالي الذي تتلقاه المليشيات الحوثية التي تسببت في زعزعة اليمن، ومازالت تواصل أعمالها الإرهابية.
وكشف الفريق أن الدعم القطري مالياً تجاوز الجانب الإعلامي ليصل إلى الأرض بتمويل جماعات الحوثي المقاتلة، وهنا الخطر الأكبر الذي حان الوقت لتوعية الشعوب به، هو أن يكونوا حذرين في تلقيهم الإعلامي، لأنه وكما يمكن أن يكون مفتاحاً للخير والتوعية، يمكن أن يكون مفتاحاً للشر والحروب.
ولعب الإعلام بمختلف أشكاله ووسائله دوراً أساسياً في بناء البشرية وتطوير الإنسان في كل المراحل والأماكن، كما لعب دوراً محورياً في تدمير أمم، وإسقاط أنظمة وممالك.
ويلقي المتابعون من النخب والشعوب غالباً اللوم على الإعلام، وتوظيفه من جانب الأطراف التي لها مصالح من وراء هذا التوظيف في مختلف السياقات والأزمنة.
والسؤال هنا هو هل لنا الشرعية في لوم الإعلام والإعلاميين ومن يوظفهم، أو يستعملهم أو يعمل عبرهم؟ ولنا من الكلمات التي لا حصر لها لنوجهها وننتقد أي منظومة أو آلية تتحرك سواء في اتجاه الهدم أو البناء؟
المأزق الحقيقي الآن هو كيفية توظيف الإعلام العربي في دولنا العربية للتوعية بالتقبل والتلقي الإعلامي الصحيح، وضرورة الفهم والتساؤل من أجل الوصول إلى الحقيقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة