توقعات صادمة لسوق الوظائف بعد الجائحة.. الأزمة مستمرة
أكّدت الأمم المتحدة، الإثنين، أن جائحة "كوفيد-19"، لا تزال تُلقي بثقلها على الوظائف وسوق العمل حول العالم.
وقالت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة،إن انتعاش السوق وعودة أرقامها إلى مستويات ما قبل الأزمة الصحية قد يتطلّب أعوامًا.
واضطرت منظمة العمل الدولية لمراجعة توقعاتها بشأن انتعاش السوق هذا العام، وخفضتها بشكل كبير لا سيما بسبب تأثير تفشي المتحورتين، دلتا، وأوميكرون على معظم دول العالم.
وتوقعت منظمة العمل الدولية في تقرير، الإثنين، أن تبقى معدلات البطالة أعلى من مستوياتها قبل كوفيد-19 حتى عام 2023 على الأقل وذلك بسبب عدم اليقين بشأن مسار الجائحة ومدتها.
وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جاي رايدر: "بعد عامين على بدء الأزمة، لا تزال الآفاق هشّة، والطريق إلى التعافي بطيء وغير مؤكّدة".
وأوضح رايدر، للصحفيين، أن هناك عوامل عديدة وراء مراجعة المنظمة قائلا "العامل الأساسي هو استمرار الجائحة ومتحوراتها، وأبرزها أوميكرون".
وأضاف: "بدأنا نلاحظ أضرارًا محتمل أن تكون مستدامة في سوق العمل، ونشهد على ارتفاع مقلق بالفقر واللامساواة".
وأشار على سبيل المثال إلى "العديد من العاملين المُرغمين على تغيير وظائفهم" مثلما هي الحال في قطاع السياحة، والرحلات الدولية مثلًا حيث أثّرت القيود الصحية المضادة لتفشي كوفيد-19 على سير العمل بشكل كبير.
وتقدر المنظمة التابعة للأمم المتحدة، أن عدد الوظائف سيقل بما يعادل نحو 52 مليون وظيفة في 2022 مقارنة بمعدلات ما قبل كوفيد-19، وهو ما يصل إلى نحو مثلي التقديرات السابقة للمنظمة في يونيو/حزيران 2021.
وأضافت، أن الاضطرابات ستستمر في عام 2023 حيث سيكون هناك نحو 27 مليون وظيفة أقل، محذرة من انتعاش "بطيء وغير مؤكد" في تقريرها (العمالة العالمية والتوقعات الاجتماعية) لعام 2022.
ولا تزال نسبة البطالة الرسمية أعلى ممّا كانت عليه قبل الجائحة، بحيث قدّرت منظمة العمل الدولية وصول عدد العاطلين عن العمل إلى 207 مليون شخص، مقابل 186 مليون عاطل عن العمل في العام 2019، على أن تبقى مرتفعة حتى العام 2023 على الأقلّ.
وتتوقّع المنظمة، أن يبقى معدل النشاط الإجمالي أقلّ بـ1.2% من معدّل العام 2019، وأن التأثير سيكون أكبر بكثير لأن الكثيرين تركوا سوق العمل، ولم يعودوا بعد.
وشددت على أن الأزمة الصحية التي تسببت بوفاة أكثر من 5.5 مليون شخص حول العالم بحسب الأرقام الرسمية، وبآلاف مليارات الدولارات من الخسائر، أثّرت بشكل أكبر بكثير ممّا تكشفه الأرقام الرسمية لأن هذه الأخيرة لا تشمل الأشخاص الذين تركوا سوق العمل.
تأثير اللامساواة
وقال رايدر: "لن نتعافى من هذه الجائحة بدون انتعاش بعيد المدى لسوق العمل ومن أجل أن يكون مستدامًا، يجب أن يكون الانتعاش مبنيًا على أُسس العمل المُحترم، بما فيها الصحة والأمن والمساواة والحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي".
وبحسب التقرير، تُظهر أمريكا الشمالية، وأوروبا علامات انتعاش بارزة أكثر، على عكس جنوب شرق آسيا، وأمريكا الجنوبية، والكاريبي.
على المستوى الوطني، تلحظ منظمة العمل الدولية أن "انتعاش سوق العمل هو الأقوى في الدول ذات الدخل المرتفع فيما هو الأضعف في الاقتصادات ذات الدخل المتوسط الأدنى".
ويرد أيضًا في التقرير أن "النتائج غير المتناسبة للأزمة على وظائف النساء ستستمرّ في السنوات المقبلة".
ويشير التقرير أيضًا إلى أن إغلاق المدارس أحيانًا لفترات طويلة جدًا "سيكون له آثار متتالية على المدى الطويل" عند الشباب والشابات، وخصوصًا الذين ليسوا متّصلين بشبكة الانترنت.
ويعتبر رايدر أنه "بدون تضافر الجهود والسياسات الفعّالة على المستويين الدولي والوطني، من المحتمل أن يستغرق الأمر سنوات في بعض البلدان لإصلاح الأضرار"، مع عواقب طويلة الأجل "بالنسبة لمعدّل المشاركة ودخل الأسرة ولكن أيضًا من أجل التماسك الاجتماعي وحتى السياسي".