استعادة موارد اليمن المنهوبة.. الشق الآخر لمعارك التحرير
متغيرات إيجابية كبيرة يقبل عليها اليمنيون ليس فقط على المستوى العسكري الذي شهد انتصارات لافتة مؤخرًا في شبوة، لكن أيضا على المستوى الاقتصادي.
ولعل الجانب المعيشي في البلاد، شهد في الآونة الأخيرة تراجعًا كبيرًا، بفعل مضاربات مشبوهة من كيانات مالية محسوبة على مليشيات الحوثي.
وهو ما تطلب تدخل أعلى المستويات في اليمن لتحسين الوضع الاقتصادي عبر قرارات رئاسية اتخذت أخيرًا لمعالجة عمل المؤسسات السيادية النقدية في البلاد.
ويؤكد ذلك أن هناك ترتيبات تقوم بها أجهزة الدولة باليمن، لإعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني، واستعادة موارد البلاد؛ بهدف تحسين الوضع المعيشي.
موارد اليمن
هذه الحقائق والتغيرات، أشار إليها مؤخرًا رئيس الحكومة اليمنية، الدكتور معين عبدالملك، في مقابلة صحفية، متحدثًا عن أن "هناك تغيرًا كبيرًا يحدث في اليمن، ليس فقط من الناحية العسكرية".
وأضاف أن إعادة ترتيب الدولة هي مهمة عسكرية وسياسية واقتصادية وإدارية، مشيرا إلى أن استعادة الدولة ليس فقط من الحوثيين، ولكن تشمل أيضا "استعادة موارد الدولة من أيدي شبكات النفوذ وهي عملية ليست سهلة"، حد تعبيره.
- "العمالقة" تؤمن "النقوب" اليمنية.. تمزيق شعارات الحوثي
- وصول الدفعة السادسة.. منحة الوقود السعودية "تنير اليمن"
حديث رئيس الوزراء اليمني عن استعادة موارد اليمن من "شبكات النفوذ" فسّره بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين بشكل أكثر تفصيلا، عبر اتهام متنفذين في تنظيم الإخوان وبالتنسيق مع مليشيات الحوثي للسطو على مقدرات الاقتصاد اليمني.
وقال أستاذ الاقتصاد، والأكاديمي بجامعة عدن، الدكتور عبدالرحمن بارحمة: إن الإجراءات التي اتخذها ويتخذها البنك المركزي اليمني بعدن منذ فترة بحق شركات الصرافة تصب في هذا الاتجاه.
وأضاف بارحمة، في حديثه مع "العين الإخبارية"، أن هناك شركات مشبوهة تخدم مليشيات الحوثي وتمارس أعمال "حرب اقتصادية" في عدن والمناطق المحررة، عبر المضاربة بالعملة.
مؤكدًا أن هذه الأعمال المشبوهة تهدف إلى السطو على موارد الدولة من العملات الأجنبية وإرسالها إلى صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات؛ لخلق أزمات مالية في المحافظات المحررة.
ثروات شرق البلاد
أستاذ الاقتصاد بارحمة، كشف أيضًا عن تحركات اقتصادية حثيثة لسحب البساط من تحت متنفذين موالين لتنظيم الإخوان، متحكمين بثروات وموارد اليمن من النفط والغاز والمعادن الثمينة.
وقال الخبير الاقتصادي: "إن هناك "قيادات إخوانية" تتحكم بشركات التنقيب في وادي حضرموت وشبوة، وشرق اليمن عمومًا، وتُصادر موارد البلاد لحساباتها الشخصية، متسببةً بحرمان ملايين اليمنيين من ثرواتهم الطبيعية".
مؤكدًا أن الحديث عن تغيير في سياسة الدولة لاستعادة الموارد، يعني حربًا اقتصادية ضد هذه التنظيمات الإرهابية "الإخوان"، والمليشيات الإنقلابية "الحوثيين".
كما تشمل هذه السياسات صرامة في التعامل مع المتحكمين والمتلاعبين بالعملة المحلية، وبموارد اليمن، لا تقل صرامة عن الحرب العسكرية في جبهات القتال، بحسب وصف الأكاديمي بارحمة.
التحركات الاقتصادية التي أشار إليها رئيس الحكومة اليمنية، وخبراء الاقتصاد، أكدها كذلك محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد المعبقي، والذي يمثل تعيينه مؤخرًا إحدى الإجراءات والتحركات التي تبنتها الدولة.
المعبقي كان يجتمع بمجلس إدارة المركزي اليمني، يوم الأحد، حين أشار إلى أن عام 2022 سيكون بداية الاستقرار والتعافي الاقتصادي.
مضيفًا أن هناك دعم كبير من الأشقاء بقيادة السعودية وبقية دول المجلس التعاون؛ لتمكين اليمن من تجاوز الصعوبات وتحقيق الاستقرار واستعادة التوازن والنمو.
إجراءات صارمة
وطالب المعبقي باستشعار المسئولية، ومغادرة حالة السلبية والاسترخاء التي اعتادت عليها خلال الفترات الماضية، خاصةً في مجالات تحصيل الموارد وترشيد الإنفاق والبناء المؤسسي لهياكل الدولة وأجهزتها.
وقال: "سنحرص في عملنا على الالتزام الصارم بالقوانين، وإعمال مبادئ الشفافية والحوكمة في كل أنشطتنا ومهامنا، وسنتعامل بصرامة مع أي تجاوزات ولن نسمح بها".
مشيرًا إلى أن من تلك الإجراءات تنفيذ اتفاق البنك المركزي مع وزارة المالية بوقف التمويل التضخمي لعجز الموازنة، وعدم السماح به لإثارة السلبية الكبيرة على استقرار سعر الصرف ومعدلات التضخم.
وأضاف: "المهام أمامنا كبيرة والمواجهة شرسة ومتعددة الأوجه والمحاور، والبيئة التي نعمل فيها غير صديقة، لكن ليس أمامنا خيار سوى النجاح ولا شيء غير النجاح".