تستمر حرب روسيا-أوكرانيا لعام آخر بلا أي بوادر قريبة لانتهائها.
وتبقى معاناة المدنيين، الذين يقاسون ويلات الحرب وحدهم، مجبرين على النزوح بعيدا عن منازلهم، ودون الحصول على ما يكفي من طعام وماء وكهرباء، في وقت تستعر الخلافات ويزداد التوتر بين الجانبين.
ويبقى الحديث عن فرصة لإحلال السلام مليئا بالتفاؤل، لكنه بعيد عن الواقع، حيث لا يمكن تصور محادثات سلام جادة بالشروط، التي وضعها الجانبان للمفاوضات، والتي لا يمكن تلبيتها في أي وقت قريب، حيث تطالب أوكرانيا بدفع تعويضات بمئات المليارات من أضرار الحرب وتسليم الأراضي التي تم ضمتها روسيا، التي بدورها تطالب أوكرانيا بالاعتراف بالسيادة الروسية على الأراضي المنضمة كجزء من شروط السلام.
في العام الماضي أجرت روسيا وأوكرانيا محادثات مباشرة في الأيام الأولى للحرب، وذلك في بيلاروسيا ثم في تركيا، وكان الجانبان يناقشان اتفاقية تعيد بموجبها روسيا قواتها إلى خطوط القتال قبل بدء العملية الروسية، مقابل تعهد أوكرانيا بعدم السعي إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، "الناتو"، لكن المحادثات انهارت فجأة، أو تم إحباطها تحت ضغط من الغرب، بحسب اتهامات روسيا.. وقد نفت الولايات المتحدة هذا الاتهام، حيث شدد وزير خارجيتها على أن أوكرانيا يجب أن تتخذ قراراتها الخاصة بشأن متى وكيف يتم صنع السلام.
والحقيقة أن الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب لم تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية، لأن الجهود المؤيدة للتفاوض في الحكومات الغربية لم تكتسب سوى القليل من الزخْم، وتم "إغفال" أي أصوات تدعو لإنهاء الحرب، وكأنها مفروضة على جميع الأطراف، وهذا يثير علامات استفهام لدى كثير من المراقبين حول حجم الدور الذي يمارسه الغرب في أوكرانيا ومدة استمرار الدعم الغربي لتسليح أوكرانيا.
وتبقى الحرب الكلامية بين روسيا والغرب، حول مَن هو الأكثر اهتمامًا بإنهاء النزاع سلميا، مستمرة، فيما تمر الأيام وتمر معها حياة البشر بأصعب اللحظات في حرب تشتبك فيها الأحداث وتتعقد كل يوم، ولا تحمل إلا مزيدا من الأذى، وقد آن لجميع الدول أن تعمل على وقف الحرب من خلال مبادرة حقيقية للسلام تُنهي أسبابها، ولعل تلك المبادرة تأتي فجأة دون توقع كأحداث الحرب ذاتها التي كانت بعيدة عن أي توقعات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة