نورد ستريم 1.. حلقة مفقودة تغذي "احتقان الغاز" بين روسيا وأوروبا
سلكت موسكو طريقا أكثر دبلوماسية في مبادلة العقوبات مع أوروبا، واستغلت روسيا الغاز كسلاح سياسي لردع "القارة العجوز".
الأمر بدأ في يونيو/ حزيران الماضي، عندما أعلنت روسيا عن وجود عطل في أحد توربينات خط الغاز نورد ستريم1، وكان من المتوقع أن لا تستغرق عمليات الإصلاح أكثر من أسبوع أو أسبوعين على أقصى تقدير، ولكن المفاجأة أن الخط لا يزال متوقفا حتى الآن.
وتزود روسيا 40% من احتياجات الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي، كما أنها توفر 27% من النفط المستورد من قبل الاتحاد الأوروبي، ويدفع الاتحاد لروسيا نحو 400 مليار يورو سنويا في المقابل.
وكانت روسيا قد أوقفت إمدادات الغاز إلى دول بولندا وبلغاريا وفنلندا والدنمارك وهولندا بالفعل بعد أن رفضهم طلب موسكو الدفع بالروبل الروسي
الكرة في ملعب ألمانيا
نفت روسيا مجددا مسؤوليتها عن استمرار عدم تركيب توربين نورد ستريم 1 الذي خضع للصيانة في كندا والموجود حاليا في ألمانيا.
ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس الروسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله اليوم الأربعاء إنه رغم أن التوربين موجود حاليا في ألمانيا، فإن شركة جازبروم الروسية الحكومية للطاقة لا تزال لم تتسلم المستندات اللازمة بوصفها مالكة الخط.
وحذر بيسكوف من فرض عقوبات على التوربين واحتمال التسبب في إيقاف تشغيله عن بعد في نهاية المطاف، ونوه إلى وجود مشاكل في آلة أخرى لكنه قال إن الفنيين في الشركة المملوكة لمجموعة سيمنز" ليسوا في عجلة من أمرهم لإصلاحها".
يذكر أن روسيا دائما ما تستخدم اسم سيمنز لكن المقصود هنا هو شركة سيمنز إنيرجي.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي خفضت روسيا إمدادات الغاز عبر "نورد ستريم 1". وبررت شركة جازبروم ذلك بعدم وجود التوربين، الذي ترى أنه مهم لزيادة الضغط المطلوب لضخ الغاز من خلاله. واتهمت جازبروم مرارا شريكها التعاقدي "سيمنز إنيرجي" بعدم إرسال المستندات اللازمة والمعلومات الخاصة بإصلاح التوربين، بينما نفت الشركة الألمانية هذه الاتهامات.
ألمانيا: روسيا تستخدم الغاز كسلاح سياسي
اتهم المستشار الألماني أولاف شولتس الأربعاء روسيا بأنها مسؤولة عن عرقلة تسليم توربين موجود حاليا في ألمانيا ولا يمكن تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم بشكل طبيعي من دونه، كما تقول موسكو.
وبينما خفضت روسيا حجم شحنات الغاز مؤكدة ضرورة تسلم التوربين، قال شولتس "لا يوجد سبب يمنع التسليم"، موضحا أن كل ما على روسيا فعله هو "تقديم المعلومات الجمركية الضرورية لنقله إلى روسيا"، خلال زيارته لمصنع "سيمنز" في مولهايم أن در رور (غرب) حيث يوجد هذا التوربين.
خفضت روسيا عمليات التسليم عبر نورد ستريم في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، بحجة عدم تسلمها توربينا أرسل للصيانة في كندا. وكانت ألمانيا وكندا وافقتا على إعادة المعدات إلى روسيا، لكن التوربين لم يصل بعد إلى وجهته النهائية.
لطالما اعتبرت برلين ذلك مجرد "ذريعة" وقرار "سياسي" للتأثير على الغربيين على خلفية الحرب في أوكرانيا.
ورأى شولتس أن موسكو بذلك تبعث "رسالة ملتبسة" إلى العالم بأسره من خلال التشكيك في رغبتها "الوفاء بالتزاماتها" في المستقبل.
كما فتح الباب أمام مواصلة تشغيل محطات الطاقة النووية في ألمانيا.
وقال إنه "من المنطقي" الإبقاء على محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في ألمانيا قيد التشغيل رغم خطط وقفها.
وأكد أنه "فيما يتعلق بإمدادات الطاقة في ألمانيا، فإن المحطات النووية الثلاث الأخيرة هي فقط لإنتاج الكهرباء، وفقط لنسبة صغيرة منها".
وتمثل المحطات الموجودة في مختلف أنحاء البلاد، ستة بالمئة من إمدادات الكهرباء في ألمانيا. وقالت الحكومة إنها ستنتظر نتيجة "اختبار إجهاد" جديد لشبكة الكهرباء الوطنية قبل اتخاذ القرار بشأن الالتزام بالوقف التدريجي.
وقال شولتس إن ليس على مشغّلي خط الأنابيب سوى القول "إنهم يريدون التوربين وأن يقدموا المعلومات الجمركية الضرورية لنقله إلى روسيا".
غير أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن غازبروم لا تزال بانتظار وثائق تؤكد أن التوربين "غير مشمول بالعقوبات".
لكن "من الممكن من الناحية التكنولوجية" برأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواصلة الإمدادات عن طريق خط الأنابيب نورد ستريم-2، وفق بيسكوف.
وخط الأنابيب الثاني، الذي يمر بموازاة نورد ستريم 1، أغلقته الحكومة الألمانية على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر الذي وقع بنفسه على مشروع خط الأنابيب أثناء ولايته، لمجلة شتيرن الألمانية إن "الحل الأسهل" هو استخدام نورد ستريم 2.
غير أن شولتس رفض تلك الدعوة قائلا إن نورد ستريم 1 يوفر قدرة كافية لإمدادات الغاز.
يربط خط أنابيب الغاز نورد ستريم الذي تبلغ طاقته، وفقًا لشركة جازبروم، 167 مليون متر مكعب يوميًا، روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق.
سينعكس قطع الإمدادات الروسية أو خفضها بشكل كبير، سلبا على الاقتصادات الأوروبية. وألمانيا هي أكبر قوة اقتصادية في القارة، إلا أنها الأكثر عرضة للأثر السلبي لذلك نظرا لاعتمادها الكبير على واردات الغاز من روسيا.
ويتهم الغربيون موسكو باستخدام الغاز كسلاح سياسي ردا على العقوبات التي تم فرضها بعد الهجوم على أوكرانيا.
يقول الكرملين، من جانبه، إن العقوبات هي أصل المشاكل الفنية التي تتعرض لها البنية التحتية للغاز، وبالتالي فإن أوروبا تعاني من التدابير التي تفرضها على روسيا.
بلغاريا تتودد إلى جازبروم بعد الخصومة
صرح رئيس مجلس إدارة شركة "بلغارجاز" الحكومية البلغارية بأن البلاد لا تزال تجري محادثات مع شركة "جازبروم" الروسية بشأن إمدادات الغاز، رغم أنها لا تتلقى أية كميات منذ أوقفت روسيا ضخ الغاز لها في أبريل/نيسان.
ونقلت وكالة "بلومبرج" للأنباء عن إيفان توبتشيسكي القول في مقابلة تلفزيونية مع قناة محلية خاصة: "القضية لم تُغلق تماما" لكون روسيا قد غيرت "افتراضيا" شروط الإمدادات.
وكانت بلغارجاز قد أجرت آخر اتصال مع جازبروم قبل ثلاثة أسابيع، وأعربت فيه عن قلقها، قبل أن توصل الرسالة نفسها بصورة مكتوبة.
ووفقا لبلومبرج، فإنها لم تتلق ردا من جازبروم بعد.
يشار إلى أن بلغاريا تعتمد بقوة على واردات الطاقة الروسية، ولكن موسكو أوقفت صادرات الغاز المباشرة إلى بلغاريا بعدما رفض رئيس الوزراء السابق الدفع بعملة الروبل.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg
جزيرة ام اند امز