عائلة سحر فارس تستعيد ذكريات "بطلة انفجار بيروت" مع "العين الإخبارية"
والدتها التي كانت تنتظر عودة ابنتها من الخدمة لتملأ بيتها فرحاً وسعادة في حالة يرثى لها، تجلس إلى جانب صورة حبيبتها وتحدّثها بحرقة.
دفعت اللبنانية سحر فارس حياتها ثمناً لتلبية نداء الواجب حين همّت وزملاؤها لإخماد النيران التي اندلعت في العنبر رقم 12 قبل الانفجار الكبير في مرفأ بيروت.
من دون استئذان دخل الوجع إلى منزل آلاف اللبنانيين، وفي المنصورية حيث بيت سحر الألم كبير، فمَن فرِحوا قبل سنتين بقبول ابنتهم في فوج إطفاء بيروت، يبكونها اليوم بعدما غادرتهم قبل أن يزفوها إلى عريسها، الذي ارتبطت به قبل 7 سنوات.
والدتها التي كانت تنتظر عودة ابنتها من الخدمة لتملأ بيتها فرحاً وسعادة في حالة يرثى لها، تجلس إلى جانب صورة حبيبتها وتحدّثها بحرقة، قائلة لـ"العين الإخبارية": "سحر حبيبة قلبي، زهرة البيت، سندي ورفيقتي، سحر ما فيه مثلها، حرمونا إياها، ما يعزيني أني عثرت على جثتها، وأعزي أهالي زملائها وأتمنى من الله أن يرحم الشهداء".
وأضافت: "مهما حاولت أن أصف سحر لا يمكن للكلام أن يعبّر عن مَن ربيتها 26 سنة، هي نور عيني ورفيقة دربي التي لا يمكن أن أنساها، وأتمنى من زملائها أن يواظبوا على زيارتي لأرى سحر فيهم".
خطيبها "جيلبير" في حالة من الصدمة على مَن كان يخطط وإياها لزفافها في شهر مايو/أيار الماضي، والذي تمّ تأجيله بسبب انتشار فيروس كورونا وارتفاع سعر صرف الدولار، كما يقول لـ"العين الإخبارية".
وعن آخر اتصال معها، يقول: "اتصلت بي عند خروجها للمهمة، كانت في سيارة الإسعاف، رأيتها عبر المكاملة المرئية، لم تنطق بكلمة بل أشارت إليّ بيدها (باي)، وعندما وصلت إلى مكان الحريق أرسلت إليّ فيديو.. اتصلت بها كانت خائفة، تنظر يميناً ويساراً، طلبت منها أن تركض إذا كان ثمة خطب ما.. بدأت بالركض، حصل الانفجار الأول وبعد 15 ثانية وقع الانفجار الثاني".
وأضاف: "أحبّت سحر عملها بشكل كبير، كل مَن في فوج الإطفاء يحبونها، وقبل نصف ساعة من الحادث أطلعوها أنه يمكنها المغادرة والعودة إلى البيت إلا أنها أصرت على البقاء"، متابعاً: "ما حصل كارثة لا أريد معرفة سببها فما كان يعني لي رحل".
ماريا شقيقة سحر (26 عاماً) تحدّثت والغصة تخنق كلماتها، عادت بشريط ذكرياتها مع شقيقتها الكبرى، قائلة: "في الليلة التي سبقت الحادث طلبت مني سحر أن أعود إلى المنزل بعد مغادرتي لأسبوع عند أقربائي، ويوم الثلاثاء صباحاً غادرت إلى عملها".
وتابعت: "في العادة نصبّح بعضنا على مجموعة العائلة في واتساب، إلا أنه للأسف في ذلك اليوم لم أحادثها، وعندما وقع الانفجار كنت نائمة، استيقظت على خبر وجود سحر في المكان، سارعنا للتفتيش عنها، من مستشفى إلى آخر تنقلنا، لا بل قصدنا مستشفيات عدة مرات، أصررت أن أرى الجرحى والشهداء الذي وصلوا بعيني للتأكد من وجودها، لم نعثر عليها، إلى أن تلقينا خبر العثور على جثتها في اليوم التالي".
وأوضحت: "سحر كانت كبيرة المنزل، فنحن ثلاث شقيقات، كانت سندنا، أينما وجدت زرعت البسمة، معروفة بطيبة قلبها، وقبل أسبوع جلبت لي هدية من دون مناسبة، أعطتني ذكرى ورحلت".
ودفع فوج إطفاء بيروت 10 شهداء في الحادث، 8 منهم لم يعثر على جثثهم حتى الساعة، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عنهم وعن مفقودين آخرين، إلا أن الأمل في العثور عليهم أحياء بات ضعيفاً وفق ما أعلن الجيش اللبناني.
وأكد ضابط في فوج إطفاء بيروت أنه تم العثور قبل قليل على أشلاء في موقع الانفجار "ونحن ننتظر معرفة فيما إن كانت تعود إلى مفقودينا".
وقال قائد فوج الهندسة في الجيش، العقيد روجيه خوري، في مؤتمر صحفي: "من الممكن أن نقول إننا انتهينا من المرحلة الأولى وهي مرحلة إمكان العثور على أحياء".
وأضاف: "كتقنيين نعمل على الأرض، باستطاعتنا القول إن الأمل ضعف في إمكان العثور على أحياء، ولذلك قررت عدة فرق أن تسحب عناصرها بعدما اعتبرت أن عملها انتهى"، فيما بقيت فرق أخرى للعمل على رفع الركام والبحث عن أشلاء الضحايا.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjE0MyA=
جزيرة ام اند امز