أجمل ما في خبر نهاية عشماوي هو أنه تم اعتقاله حيا وفي كامل قواه البدنية والعقلية ما يعني أنه سيكون لديه كنز ثمين من المعلومات.
سيبقى يوم الثامن من أكتوبر 2018 من الأيام التي لا تنسى في ذاكرة الدول العربية التي عانت شعوبها من ويلات التطرف والإرهاب واكتوت بناره، والتي بذلت حكوماتها وجيوشها وقواها الأمنية ومؤسساتها جهودا كبيرة في مكافحته والتصدي له، لكن اليوم ذاته سيبقى أسود على حكومات كل الدول التي بددت موارد وثروات شعوبها في دعم الإرهاب وتمويل تنظيماته المختلفة، وسخرت أجهزة مخابراتها وفضائياتها وإعلامها في توفير الغطاء السياسي والإعلامي له، ففي هذا اليوم ألقى الجيش الوطني الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر بالتعاون مع الجهات الأمنية المصرية القبض على الإرهابي الهارب هشام عشماوي، أكثر الإرهابيين إجراما وخطورة
بعد اعتقال عشماوي في درنة اعتقد أن الصندوق الأسود للإرهاب سيفتح على مصراعيه ليكشف المزيد من الدلائل والبراهين على عشرات الجرائم الإرهابية التي مولتها الدوحة وأنقرة في حق شعوب مسالمة
عشماوي هو أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى القاهرة لتورطه في 17 عملية إرهابية قتل فيها عشرات الأبرياء من أفراد الجيش والشرطة، أهمها اتهامه بالمسؤولية عن مذبحة كمين الفرافرة في يوليو 2014 التي قتل فيها 28 جنديا من قوات الجيش، واستهدافه الكتيبة 101 في العملية التي عرفت إعلاميا باسم "مذبحة العريش الثالثة" في فبراير 2015، والتي أسفرت عن مقتل 29 من قوات الأمن المصرية وإصابة 60 آخرين، وإصابته هو بطلق ناري في الساق قبل تمكنه من الهروب، إضافة إلى محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، وكذلك اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، والهجوم على حافلات الأقباط بالمنيا، والذي أسفر عن مقتل نحو 30 شخصا، وكذلك هجوم الواحات العام الماضي الذي أوقع عددا من القتلى في صفوف قوات الشرطة المصرية، ومن العمليات التي خطط لها عشماوي واقعة تفجير مبنى القنصلية الإيطالية بشارع الجلاء وسط القاهرة، واستهداف مبنى الأمن الوطني بشبرا الخيمة، وزرع "عبوة لاصقة" بسيارة المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة بهدف اغتياله، كل هذه الجرائم وغيرها الكثير جعلت من عشماوي المطلوب الأول، ليس فقط لدى الحكومة المصرية ولكن لدى الشعب المصري في المقام الأول، لذا كانت حالة الفرحة عارمة في أوساط كافة المصريين الراغبين في قصاص عادل، خاصة أن اعتقاله جاء في ذكرى نصر أكتوبر بما يحمله هذا الشهر من دلالات رمزية بالنسبة للشعب المصري وقواته المسلحة، وعلى الجانب الليبي لم تكن الفرحة أقل، فعشماوي كان ضالعا أيضا في قيادة عمليات إرهابية عدة داخل ليبيا، وكان من أبرز قيادات ما يسمى "مجلس شورى مجاهدي درنة"، ولعل هذا عكسته تصريحات الناطق باسم الجيش الوطني الليبي العميد أحمد المسماري، الذي وصف عشماوي بأنه "من أخطر الإرهابيين على الأمن الإقليمي".
أجمل ما في خبر نهاية عشماوي هو أنه تم اعتقاله حيا وفي كامل قواه البدنية والعقلية دون قتله أو حتى إصابته، ما يعني أنه سيكون لديه كنز ثمين من المعلومات عن الدول وأجهزة المخابرات التي مولت ودعمت إجرامه وإرهابه، والتي كان يعمل نيابة عنها أو بدعم منها لزعزعة أمن واستقرار دول مسالمة وإفساد مسارها السياسي ومسيرتها التنموية، فإجرام عشماوي وخطورته لا تقتصر على ما قام به من عمليات إرهابية راح ضحيتها مئات الأبرياء، بل فيما كان يعتزم القيام به من مخططات تستهدف مفهوم الدولة الوطنية ذاتها، سواء في مصر أو ليبيا أو غيرهما، فمن ضمن ما كان يسعى إليه هو تشكيل ما أطلق عليه "الجيش المصري الحر" التابع لتنظيم القاعدة في مدينة درنة الليبية، بهدف نقله إلى الأراضي المصرية،
الدور القطري في ليبيا ليس خافيا على أحد، فهناك 7 سنوات عجاف من التآمر القطري على ليبيا ومحاولة تدميرها، والهدف نهب ثرواتها عبر دعم وتمويل عدد كبير من المليشيات المتطرفة أو حتى بوجود عسكري مباشر كشفته تصريحات المسئولين القطريين أنفسهم، كذلك كان الدور التركي، لذا فإن أي انتصار يحققه الجيش الوطني الليبي في درنة أو في أي جزء من الأراضي الليبية هو في حقيقته هزيمة للمشروع القطري التركي الذي يقوم على معارضة وجود مؤسسة عسكرية، لكي يتم فتح المجال للمليشيات حتى تبقى كل خيوط اللعبة في أيدي تميم وأردوغان، عبر التمويل والتسليح وتكوين المجموعات المسلحة.
وبعد اعتقال عشماوي في درنة أعتقد أن الصندوق الأسود للإرهاب سيفتح على مصراعيه، ليكشف عن المزيد من الدلائل والبراهين على عشرات الجرائم الإرهابية التي مولتها الدوحة وأنقرة في حق شعوب مسالمة.
تحية تقدير واجبة إلى الجيش الوطني الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر وكذلك قوات الأمن المصرية، وأعتقد أنه قد آن الأوان للمجتمع الدولي ومنظماته الفاعلة بأن يساند جهود الدولتين في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، وأن يرفع حظر التسليح عن الجيش الوطني الليبي باعتباره الضامن الوحيد لوحدة ليبيا وأمنها واستقرارها، والتي ستنعكس بكل تأكيد على أمن واستقرار الإقليم، لا سيما دول الجوار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة