هكذا خاض السعوديون الحروب الليلية ضد الصهاينة

عناصر الجيش السعودي الذين شاركوا في حرب 1948 قدروا بنحو 3 آلاف و200 جندي شكلوا ربع الجيش المصري آنذاك
على مدار عقود من الصراع العربي الإسرائيلي كانت السعودية سباقة، ليس بعطائها المالي الذي لم ينقطع، بل بدماء شهدائها التي رسمت حدود فلسطين بسهولها وجبالها، منذ أول يوم تجلت فيه مكائد العصابات الصهيونية.
- إرث السعودية الداعم للقضية الفلسطينية يُعرّي مزايدات الملالي
- السعودية أمام الاجتماع العربي الطارئ: ندعو ترامب للتراجع عن قراره
ويستعرض تقرير نشرته صحيفة عكاظ كيف كان الدعم السعودي بالمقاتلين قبل السلاح ديدن القيادة السعودية، التي كانت أيضا الأكثر سخاء في حملات التمويل العربية.
ولم يقتصر الدعم العسكري من السعودية على قتال جيشها بجانب الجيش المصري، بل انضم مواطنوها للواء الجهاد المقدس.
وعندما قررت الجامعة العربية، في 1947، تدريب شباب العرب في المناطق غير المتاخمة لليهود، وتعبئتهم للمعركة، بتمويل بلغ نحو مليون جنيه مصري، التزمت الرياض بـ20% من المبلغ الإجمالي.
واستشهد التقرير بما أورده الباحث محمد بن ناصر الأسمري في كتابه "الجيش السعودي في حرب فلسطين (1948)"، إذ يفيد بأمر الملك عبدالعزيز بن سعود لوزير دفاعه بإرسال فرقة سعودية للجهاد في فلسطين، في ظرف 24 ساعة.
ووفقا لما أوردته صحيفة عكاظ توجهت الدفعة الأولى بالطائرات المسلحة، مؤلفة من جند سرايا الرشاشات والأسلحة الخفيفة والمشاة، وبقية السرايا أرسلت بالبواخر.
ويُقدر عناصر الجيش السعودي الذين شاركوا في حرب 1948 بـ3 آلاف و200 جندي، يشكلون ربع الجيش المصري آنذاك.
ووفقا لما أورده الأسمري في كتابه كانت المعركة الأولى للجيش السعودي في بيت حانون، على بعد 9 كيلومترات عن غزة شمالا، وبعدها خاض معارك كوكبات والمدرسة والحليقات ودير سنيد وعراق سويدان.
وكان المراسل الحربي شكيب الأموي قد وصف هذه المعارك بأنها من أعمال البطولة الخالدة للجيوش السعودية المجاهدة لإعلاء كلمة الله.
ومن أهم المواقع والمعارك التي شارك فيها أيضا الجيش السعودي أسدود، نجبا، المجدل، بيرون إسحاق، كراتيا، بيت طيما، بيت لاهيا، غزة، رفح، العسلوج، تبة الجيش، علي المنطار، الشيخ نوران.
ويتضح فعالية الدور السعودي في هذه المعارك من خطاب اللواء أركان حرب أحمد علي المواوي، قائد عام القوات المصرية في فلسطين إلى قيادته، طالبا مكافأة رجال الجيش السعودي.
وجاء في الخطاب "أرى أنه من باب المجاملة للدولة الوحيدة التي اشتركت معنا اشتراكا واقعيا بجيشها، أن نكافئ رجالها الذين اشتركوا وامتازوا في الميدان أسوة برجالنا".
ويقول سعيد الكردي في مذكراته -التي رأت النور على يد الباحث محمد بن ناصر الأسمري- إن "القوة السعودية كانت قليلة العدد، ناقصة التدريب، تسودها الفوضى الإدارية، إلا أنها تقدم على المعارك كأنها قادمة على زفاف، وعندما تركبها حمى القتال تندفع مثل العاصفة".
واستدل على ذلك بما حدث في معركة "بيرون إسحاق" التي وقعت في 10 يوليو/تموز 1948، إذ قال القائد المصري عبدالحليم الدغيدي، وهو ينظر إلى تقاعس جنوده عن خوض المعركة وتدفق الجنود السعوديين إلى داخل المستعمرة "الآن آمنت بتاريخ وعرفت كيف أنهم فتحوا الدنيا".
ويذكر الأسمري، نقلا عن شهادات الضباط الذين التقاهم، أن مجموع خسائر الجيش السعودي قد بلغت 173 مقاتلا، 104 منهم ليسوا في سلك الجندية.
ومن فتوحات الجيش السعودي، يضيف التقرير، بسالتهم في الحرب الليلية التي كان الجيش المصري يجهلها كل الجهل، ولا يقدم عليها أبدا، إلا أن القوات السعودية قامت بها في معركة "بيت طيما".
في هذه المعركة قال الصهاينة "هاجمتنا في الجنوب قوات لا ندري من أين أتت، إنما قامت بهجوم ليلي لم يعودنا إياه الجيش المصري". وبعد أن صدر البلاغ الرسمي الذي أذيع من القاهرة وعلمت إسرائيل أنها قوات سعودية، قالت إذاعتها إنه لا يستنكر على هؤلاء القتال الليلي لأنهم من محترفي القتال.