كواليس التراجع عن تجميد أصول بنوك لبنان.. ضغوط سياسية وبرلمانية
شهد لبنان حالة من التخبط والارتباك المالي خلال اليومين الماضيين بعد التراجع عن قرار النائب العام المالي بتجميد أصول 20 بنكا.
شهد لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، حالة من التخبط والارتباك المالي خلال اليومين الماضيين، بعد التراجع عن قرار النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بتجميد أصول 20 بنكاً محلياً، على خلفية هجوم برلماني وسياسي حاد طال القرار.
وعلق النائب العام اللبناني غسان عويدات أمراً بتجميد أصول 20 بنكاً محلياً، بعد ساعات من صدور قرار من النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، بهذا الشأن، وقال عويدات إن قرار التجميد يسهم في إدخال البلاد وقطاعها المالي في فوضى.
- قرارات حاسمة في لبنان.. رفع السرية المصرفية وتجميد أصول 20 مصرفا
- خطوة لبنانية مهمة في أزمة سداد الديون
وكان النائب العام المالي قد أصدر قراراً بوضع إشارة "منع تصرف" على أصول عشرين مصرفاً لبنانياً وإبلاغها إلى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجل التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية، إضافة إلى تعميم المنع على أملاك رؤساء ومجالس إدارة هذه المصارف.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، في بيان لها، الجمعة، أنه لا دور لرئيس الجمهورية ميشال عون في الإجراء الذي اتخذه إبراهيم في حق عدد من المصارف.
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: "رئيس الجمهورية انطلاقاً من مسؤولياته الدستورية، لا سيما بموجب القسم (المادة 50)، يسهر على احترام القوانين ومنع أي خلل في تطبيقها، وفي كل ما يمكن أن تكون له مضاعفات سلبية على الاستقرار الأمني والاقتصادي والمالي في البلاد".
وأكد البيان أن الرئيس يقوم بدوره من دون أن يكون له أي موقف تجاه هذا الفريق أو ذاك، أو أن يكون طرفاً في النزاعات عموماً، والقضائية منها خصوصاً.
ورداً على اتهامات طالت رئيس مجلس النواب نبيه بري بالوقوف خلف قرار تجميد أصول 20 بنكاً، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب هاني قبيسي عبر حسابه على "تويتر": "رداً على التخريفات والتهم الجزاف، لو كان الرئيس نبيه بري خلف خطوة تجميد أصول المصارف لما تراجع عنها".
قرار تأميمي للتعمية السياسية
وكانت قوى سياسية بارزة قد أعلنت، قبل تعليق قرار تجميد أصول 20 بنكاً، رفضها قرار النائب العام المالي، أمس.
وقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "النائب العام المالي اتخذ تدبيراً دون أي تبرير، ودون الاستناد إلى أي مواد قانونية، مما يجعل هذا القرار أقرب إلى قرار تأميم منه إلى قرار قضائي قانوني مسند".
وأكد جعجع أن "محاسبة بعض المصارف على إهمالها ودائع الناس أمر، وضرب القطاع المصرفي عن بكرة أبيه للتغطية والتعمية السياسية أمر آخر مختلف تماماً".
وشدد جعجع على أن المصارف في لبنان لم تلعب دورها؛ خاصة في السنوات الأخيرة، وانساقت خلف ربح سريع أغرتها به الدولة من خلال سندات الخزينة"، مستدركاً :"لكن هذه المخالفة تعالج بالقانون كما يجب، وليس باستعمالها من قبل البعض للتغطية على المخالفات الكبرى والجسيمة التي اقترفتها السلطة السياسية".
وواصل نواب في تكتل الجمهورية القوية (الكتل النيابي لحزب القوات) هجومهم على قرار النائب العام المالي، وقال النائب وهبي قاطيشا "صحيح أن قرار القاضي علي إبراهيم لا يستهدف المودعين، لكنه أخطر من ذلك بكثير لأنه يستهدف النظام المصرفي اللبناني بأكمله.. شو ناطرين (ماذا ننتظر)!".
كما تعرض قرار تجميد أصول 20 بنكاً لهجوم مماثل من تكتلات نيابية أخرى، وغرد عضو "اللقاء الديمقراطي" (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي) النائب فيصل الصايغ عبر "تويتر": "لم نعف المصارف يوماً من الانتقاد العلمي ومن تحميلهم جزءاً من المسؤولية عما وصل إليه الوضع المالي من تردي".
وتابع: "لكن صدور قرار قضائي بحق 20 مصرفاً، أمر خطير قد يهدد بانهيار القطاع برمته في وقت لبنان بحاجة إلى إعادة تنظيم وتنقية ودمج المصارف بجو تكافل وطني مسؤول".
ودخل نواب مستقلون على خط انتقاد القرار القضائي بحق أصول المصارف وأصول أصحابها؛ حيث وصف النائب نهاد المشنوق في بيان أصدره اليوم القرار بأنه "إعلان حرب عديمة المسؤولية مع المصارف، في ذروة خشية الناس على ودائعها وعلى سعر صرف الليرة".
واستطرد: "هذه خطوة تفتح الباب أمام كم هائل من الشائعات، وعلى حرب ضد أموال الناس العالقة في الوسط بين الطرفين؛ المصارف والسلطة السياسية"، متهماً "الحكومات المتعاقبة بإهدار الأموال، وليست المصارف، على الرغم من طمعها في الأرباح".
وبخلاف الانتقادات التي طالت القرار، قال النائب سليم عون عضو تكتل لبنان القوي الموالي لرئيس الجمهورية عبر حسابه على "تويتر": "قرار القاضي علي إبراهيم بحق المصارف أقل قساوة بكثير مما تسببت به من حرمان المودعين من أموالهم، ومن تضييق الخناق على لبنان في عز أزمته ببيعها سندات اليوروبوند لجهات خارجية".
وكان وزير الصناعة اللبناني عماد حب الله، طالب مؤخراً مصرف لبنان المركزي والمصارف الخاصة بالتوقف عن حجز أموال المودعين.
يذكر أن المصارف تحدد سقفاً لسحب المودعين لأموالهم منذ نحو 4 أشهر، ويتراوح سقف السحوبات حالياً بين 100 دولار و250 دولاراً كل أسبوعين، ما فاقم الأزمة المالية والاقتصادية.
ووافقت الحكومة على نحو منفصل، الخميس، على مسودة قانون تهدف إلى رفع السرية المصرفية. وقالت وزيرة الإعلام إن القانون، الذي سيُعرض على البرلمان، سيُطبق على الوزراء والنواب ومجموعة من المسؤولين في الحكومة.
ويعاني لبنان من أزمة حادة في السيولة دفعت البنوك إلى فرض ضوابط صارمة خشية هروب رؤوس الأموال، وتراجعت الليرة اللبنانية بنحو 60% في السوق الموازية، مما زاد التضخم.
aXA6IDMuMTQzLjIzNS4xMDQg جزيرة ام اند امز