عقب "تفجيرات الطيران".. هل تخلع بغداد أحزمة داعش؟
منذ وقوع التفجيرات الدامية التي استهدفت منطقة الطيران بالعاصمة بغداد، الخميس الماضي، والسلطات الأمنية تواصل تكثيف إجراءاتها العسكرية والاستخبارية لتعقب فلول تنظيم داعش الإرهابي في مسعى لتحصين المدن من حدوث هجمات مماثلة.
وعشية وقوع التفجيرين الانتحاريين، اتخذ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في رد على تلك الخروقات جملة من القرارات بوصفه القائد العام للقوات المسلحة تضمنت إقالة واستبدال قادة أمنيين وإطلاق عملية عسكرية جاءت تحت عنوان "ثأر الشهداء".
وأثار ذلك الهجوم الذي نفذه انتحاريان بمنطقة الباب الشرقي وراح ضحيته أكثر من 150 شخصاً بين قتيل وجريح، الخوف لدى أبناء العاصمة بغداد، من تكرار سنوات السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي حصدت الآلاف من الضحايا.
وتعززت تلك الهواجس ومشاعر القلق عند العرقيين بعد وثائق أمنية مسربة تحدثت عن 15 انتحارياً آخرين يجوبون شوارع بغداد لتنفيذ هجمات مماثلة على غرار ما حدث في سوق الملابس القديمة في ساحة الطيران.
وفيما سارعت السلطات الأمنية إلى فتح تحقيق بالوثائق المسربة والبيانات التي تضمنتها بشأن معلومات عن عناصر داعش، استبعدت تكرار سيناريو الخميس الدامي وقدمت في الوقت ذاتها تطمينات للمواطنين.
الثأر من فلول داعش
وعقب يوم من تلك التفجيرات، وانطلاق عملية "ثأر الشهداء"، أعلنت السلطات العسكرية عن الإطاحة بعدد من عناصر التنظيم فضلاً عن مقتل عدد آخرين، فيما توالت تلك العمليات في تتبع وإسقاط مسلحي داعش.
وفي رد على تداعيات تلك التطورات بعد أيام من تفجيرات الباب الشرقي، قال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إنه "فور حدوث التفجيرين الإرهابيين، كانت هناك سلسلة من الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها، كما يحدث في الكثير من بلدان العالم، حيث باشرت القوات الأمنية عملها بأسلوب جديد لاسيما في العاصمة بغداد".
وأضاف أن "ما حدث هو خرق أمني، ونحن نعمل للوصول إلى أسبابه وكيفية حدوثه، ومن هي الجهات التي ساعدت هؤلاء الإرهابيين في الوصول إلى هذا المكان".
وبين أن "الضغط الكبير الذي مارسته القوات الأمنية على الإرهابيين كان له تأثير كبير، لاسيما في الأيام القليلة الماضية، حيث تم قتل وإلقاء القبض على عدد كبير منهم، كما تم الحصول على معلومات مهمة بشأنهم".
وبين أن "هذا الضغط دفع هؤلاء الإرهابيين لتنفيذ عملياتهم، لاسيما العملية الانتحارية في بغداد، لإيصال رسالة بأن العاصمة ليست آمنة".
بدوره، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول أن "القوات الأمنية ستصل إلى منفذي جريمة ساحة الطيران".
وأضاف رسول في حديث متلفز، تابعته "العين الإخبارية"، أن "القائد العام للقوات المسلحة وجه بوضع جميع إمكانيات الدولة لمواجهة الإرهابيين، ووضع القطعات الأمنية والاستخباراتية في حالة استنفار للقصاص من المخططين لهذا الهجوم الجبان ،وتكثيف الجهد الاستخباراتي للقبض على الإرهابيين"، مؤكداً أن "القوات الأمنية ستصل للجناة ومن خططوا وساعدوا في ارتكاب هذه الجريمة".
المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، لفت إلى أنه "ومنذ سنوات لم يحصل حادث إرهابي داخل مدن أو داخل بغداد بفضل القوات الأمنية التي استطاعت خلال الفترة الماضية من إيقاف العشرات من العمليات قبل حدوثها، وهذا مؤشر على فائدة الجانب الاستخباراتي"، مضيفاً أنه "وبعد الخرق الأمني الأخير في بغداد أكد القائد العام للقوات المسلحة بضرورة التركيز على الجانب الاستخباراتي من خلال تغيير بعض القيادات".
ويستدرك في القول أن "هذه التغييرات ستعطي دفعة جديدة لعمل القوات الأمنية التي قدمت جهوداً وإنجازات مهمة أسفرت عن تفكيك شبكات عصابات داعش الإرهابية، وأن الإشراف المباشر من القائد العام يدلل على أن هناك المزيد من الدعم وإسناد الاستخبارات".
دعوة برلمانية
يأتي ذلك في وقت دعت لجنة الامن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي، إلى عقد اجتماع عاجل مع الكاظمي، لمنع تكرار الخروقات الأمنية التي حصلت مؤخراً.
وفي وقت متأخر من الليلة الماضية، عقدت لجنة الامن والدفاع النيابية "اجتماعاً هاماً" لبحث الخروقات الأمنية الأخيرة التي حدثت في البلاد.
وقال رئيس اللجنة، محمد رضا آل حيدر، في بيان حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إن الاجتماع طالب بعقد لقاء عاجل مع القائد العام للقوات المسلحة لوضع الحلول اللازمة لمنع تكرار تلك الخروقات.
كما قررت اللجنة "استضافة المسؤولين العسكريين والأمنيين للوقوف على اسباب تلك الخروقات وتقديم التوصيات اللازمة بهذا الصدد".
وفي ذلك الصدد، قال الخبير الأمني والضابط المتقاعد ياسين العبودي، إن "عودة التفجيرات الدامية مؤشر واضح على تسرطن خلايا داعش داخل المدن وتمتعها بالقدرة الكبيرة على الحركة بعيداً عن الأجهزة الأمنية".
واستدرك بالقول إن "النيران العسكرية ليست كافية لمواجهة خطر الإرهاب في العراق.. نحتاج لمعلومة استخبارية".
وأشار العبودي إلى أن الكثير من المعلومات المتوافرة ومنذ أكثر من عامين تؤكد خطر داعش وقدرته على معاودة تهديد المدن وليس كما قد يتصور البعض أن المعركة انتهت مع التنظيم باسترجاع آخر المدن التي اغتصبها.
وشدد الضابط المتقاعد، على ضرورة "شن حملة معلوماتية استخباراتية مكثفة لضبط مناطق توزيع داعش في العراق وتشخيص الداعمين والذين يوفرون الملاذات الأمنة لعناصر التنظيم".
من جانبه، اعتبر الخبير الأمني طارق حسان أن "هنالك إرادات خفية تحاول إبقاء الوضع الأمني في العراق مرتبكاً وفي حال ضعف وانحدار مستمر لخدمة مصالح حزبية وسياسية".
ويبين حسان أن "الفصائل المسلحة التي تتحرك خارج نطاق الدولة تسعى من خلال ذلك الارتباك في المشهد الأمني إلى توفير أسباب بقائها وتقديم نفسها كضرورة تفرضها المرحلة الآنية".