أوروبا تفتح أبوابها للسيارات ذاتية القيادة.. بداية ثورة في عالم النقل

تستعد القارة الأوروبية لاستقبال السيارات ذاتية القيادة خلال الأشهر المقبلة، بعد أن أصبحت مشهدًا مألوفًا في شوارع الولايات المتحدة وبعض مدن الصين.
وقالت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، إنه "على الرغم من أن الطريق نحو انتشار السيارات ذاتية القيادة، لا يزال محفوفًا بالحذر والتدرج، فإن بوادر ثورة في عالم النقل تلوح في الأفق، حيث تتحول فكرة "القيادة الآلية" من مجرد مشروع مستقبلي إلى واقع ملموس على الطرقات الأوروبية.
من سان فرانسيسكو إلى القارة العجوز
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه في مدينة سان فرانسيسكو، باتت السيارات ذاتية القيادة جزءًا من المشهد اليومي، حيث تجوب الشوارع بثقة وتخضع لاختبارات عملية وسط الناس.
أما في أوروبا، فإن البداية تقتصر حتى الآن على تجارب محدودة مع وجود "سائق أمان" خلف المقود، مهمته التدخل في حال وقوع أي طارئ. ومع ذلك، يتوقع أن تتحول هذه الاختبارات إلى مرحلة أكثر جدية خلال فترة وجيزة، مدفوعة بسباق الابتكار بين الشركات العالمية الناشطة في هذا المجال، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
تجارب عملية
وفي يوليو الماضي، أعلنت الشركة الصينية – الأمريكية Pony.ai عن إطلاق اختبارات لمركباتها ذاتية القيادة في قرية "لينينجن" الصغيرة في لوكسمبورغ، والتي لا يتجاوز عدد سكانها 2000 نسمة.
وقد حصلت الشركة على موافقة السلطات المحلية، في خطوة تمثل أول اختبار رسمي لها داخل الاتحاد الأوروبي. هذا الاختيار لم يكن عشوائيًا؛ فالقرى الصغيرة تمثل بيئة مثالية لتجربة تقنيات القيادة الآلية بعيدًا عن التعقيدات المرورية الكبيرة.
شراكات كبرى في لندن
وقبل ذلك بشهر واحد فقط، أعلنت شركة Wayve البريطانية الناشئة أنها وقّعت اتفاقية شراكة مع شركة Uber لتشغيل روبوت-تاكسي في شوارع لندن. هذا التعاون يجسد رؤية مشتركة لمستقبل النقل الحضري، حيث تتلاقى الخبرة التكنولوجية للشركات الناشئة مع خبرة شركات النقل العالمية في تقديم خدمات أكثر ذكاءً واستدامة.
تحديات أمام الانتشار الواسع
ورغم هذه الخطوات، يبقى الانتشار الواسع للسيارات ذاتية القيادة في أوروبا رهنًا بعدة عوامل. أبرزها الإطار القانوني والتنظيمي الذي لا يزال قيد التبلور في معظم الدول الأوروبية، إضافة إلى المخاوف المتعلقة بالسلامة العامة، وتقبّل الناس لفكرة التخلي عن "السائق البشري".
كما أن كلفة تطوير هذه التكنولوجيا وتشغيلها تظل عالية نسبيًا مقارنة بخدمات النقل التقليدية.
المستقبل أقرب مما نتخيل
مع ذلك، يرى خبراء أن القارة الأوروبية لن تبقى خارج السباق العالمي لفترة طويلة. فالتطورات التقنية، والحاجة إلى حلول نقل أكثر استدامة، والضغط المتزايد لتقليل انبعاثات الكربون، كلها عوامل تدفع باتجاه تسريع إدماج السيارات ذاتية القيادة في الحياة اليومية للأوروبيين. وربما تشهد السنوات المقبلة بداية مرحلة جديدة تعيد رسم مشهد التنقل الحضري والريفي على حد سواء.
وقد يبدو دخول السيارات ذاتية القيادة إلى أوروبا، بطيئًا وحذرًا، لكنه بلا شك بداية لثورة في عالم النقل، ثورة ستغيّر ليس فقط طريقة تنقل الأفراد، بل ستعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والآلة، لتقود القارة العجوز نحو مستقبل أكثر ذكاءً وابتكارًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUwIA== جزيرة ام اند امز