"تركة الحرب الثقيلة" في لوحات الفنان العراقي سيروان باران
سيروان باران يتعامل مع حركة أبطاله ككتل ناطقة تؤرخ لمنعطفات العراق لتكون أقرب للمشاهد المسرحية التي تحاكي يوميات الحرب.
في معرضه الذي يستضيفه جاليري "مصر" بالقاهرة، يقدم الفنان العراقي الكردي سيروان باران عزفاً منفرداً مثقلاً بحمول الحرب وويلاتها، وهو المعرض الذي يواصل أعماله حتى 20 فبراير/شباط الجاري.
يدفع باران بوجوهه إلى سطح لوحاته ما بين حضور فردي ومجاميع محتشدة، لم يجعل لها ملامح محددة بقدر ما انحاز إلى التجريدية في صبغ وجوه لوحاته، وكأنه يقدم شهادة عن أثر الحرب التي لا تُفرق بين الأسماء ولا الوجوه، وتُوحد الجميع بلون المذلة والموت.
تعامل سيروان باران مع حركة أبطاله ككتل ناطقة تؤرخ لمنعطفات العراق، لتكون أقرب للمشاهد المسرحية التي تُحاكي يوميات العراق مع الحرب والأسر والاحتلال، وهي المشاهد التي عايشها باران بشكل شخصي وعن قُرب ما جعل اللوحات أقرب للتصوير الحي.
يقول الفنان سيروان باران لـ"العين الإخبارية" إن مشروعه الذي يمتد لـ16 عاماً يسعى لتقديم شهادات عن الانكسار والخذلان والخسارة والإحباط والظلم.
وجوه باران مثقلة بالصمت، والتكبيل، والموت، ويرصد عبر لوحاته التي تبلغ نحو 27 لوحة، أبطالاً يرتدون بذلة السجن زرقاء مقبضة، وكذلك حمراء تقترب بهم إلى مشانق الموت، وآخرون مقيدون ومعصوبو الأعين في انتظار مصير ذليل.
الفنان يستدعي لوحاته من فداحة مصائر العراق منذ الحرب العراقية الإيرانية مروراً بسقوط بغداد على يد الاحتلال، ومن قبلها ويلات السجن والقهر في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وأفرد الفنان في معرضه لوحات تمنح صوتاً لسجناء الرأي في بلاده، الذين جعلهم مكممين في مواجهة آرائهم المطالبة بالحرية.
ويقول محمد كمال مدير جاليري مصر عن المعرض: "ربما ندرك أن سيروان باران استطاع أن يلتحم ويتوحد مع كيانه النفسي والعصبي والوجداني عبر حالته التصويرية الثورية تبعاً لسياق مشروعه الفنى الممتد الذى كان ولم يزل جسراً لتجسيد القهر واستنفار الروح بفرشاة غاضبة".
وشارك الفنان العراقي سيروان باران، مواليد بغداد 1968، في بينالي فينسيا الدورة 58 العام الماضي، وكان مشروعه بعنوان "أرض الوطن"، والذي ارتكز على الصراع في العراق والمنطقة المحيطة به، وحمل إدانة قوية لأهوال الحرب.
وحصل سيروان باران على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة بابل، وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين، وعضو اللجنة الوطنية للفنون التشكيلية.
أقام الفنان العراقي العديد من المعارض الخاصة والمشاركات الجماعية الدولية والمحلية، وحاز عدداً من الجوائز منها جائزة الشباب الأولى 1990، والجائزة الذهبية (مهرجان الفن العراقي المعاصر) 1995، ووسام تقديري (بينالي القاهرة) 1999، والجائزة التقديرية بينالي بغداد العالمي الثالث 2002، والوسام الذهبي (مهرجان المحرس الدولي) تونس 2002.