إن التزامنا الراسخ ببناء مستقبل أفضل يتجاوز التحديات الحالية وآلام اللحظة، هذا الالتزام يواصل توجيهنا نحو عالم تسوده قيم الاحترام والكرامة والأمان كحقوق أساسية لكل إنسان.
نحن مصممون على تعزيز هذه المبادئ وتسخير كل مواردنا لمواجهة قوى الكراهية والانقسام، معاً.. نسعى لصياغة مستقبل يصبح فيه التعايش واقعاً نعيشه وليس مجرد حلم.
الحرب الإقليمية الحالية منحت أعداء السلام منصة لتعزيز دعاياتهم وتوسيع نفوذهم، هذه الحرب، التي خلفت معاناة هائلة، يجب أن تنتهي في أقرب وقت، ومع ذلك فإن إنهاء الأعمال العدائية في غزة ولبنان وعودة جميع الرهائن لا يعني العودة إلى الوضع السابق، فقد كشفت الأحداث عن هشاشة وضعف الوضع في الشرق الأوسط وذلك قبل السابع من أكتوبر.
السلام الحقيقي والمستدام يتطلب رؤية شاملة توفر الأمن والعدالة والفرص للجميع، السلام لإسرائيل مرتبط بشكل مباشر بالسلام لغزة ولبنان والمنطقة ككل، إن تحقيق كرامة وأمان جميع الشعوب ليس خيارا بل ضرورة لتحقيق السلام، الطريق الوحيد للمضي قدما هو بناء مستقبل يقوم على الاحترام المتبادل والازدهار المشترك.
شهد العام الماضي تحديات كبيرة أمام صناع السلام في كل مكان، وكان الاغتيال المؤلم للحاخام زفي كوغان في الإمارات دليلاً صارخاً على التهديدات التي نواجهها، هذا العمل البشع لم يكن فقط استهدافاً للمجتمع اليهودي، بل هجوماً على رؤية التعايش والسلام وعلى مجتمع الإمارات وعلى كل من يعيش على أرضها.
لقد كان الحاخام كوغان شخصية بارزة في مجتمع "شاباد لوبافيتش"، وهي حركة عالمية مقرها نيويورك تدعم المجتمعات اليهودية، بما في ذلك المجتمعات اليهودية في الدول العربية والإسلامية، لعب الحاخام دوراً فريداً في تعزيز التفاهم بين المسلمين واليهود داخل الإمارات، وكان عمله يجسد رؤية الإمارات للتعايش والسلام.
أراد الإرهابيون الذين قتلوه القضاء على ما كان يمثله، رؤية للتعايش والاحترام المتبادل التي تجمع بكل من يؤمن بمستقبل أفضل وأكثر سلاماً، لكن إرث الحاخام كوغان سيظل مصدر إلهام، يوجه جهودنا لتعزيز الحوار ومواجهة الكراهية والتصدي للتطرف.
لقد فشلت الأيديولوجيات التي حاول منفذو الجريمة ترويجها من خلال هذا العمل الوحشي، أفعالهم عززت تصميمنا ورسخت التزامنا ببناء مستقبل مشترك.
ونحن في فقداننا الحاخام كوغان نعلن: الإرهاب لن ينتصر، والسلام هو المستقبل.
في ذكراه نجدد التزامنا بتعزيز قيم التعايش والوئام، ستبقى الإمارات نموذجاً للأمل ومنارة للسلام في المنطقة، سنواصل العمل معاً لبناء مستقبل يسوده الاحترام المتبادل والتفاهم.
ولتحقيق هذه الرؤية يتحمل الجميع مسؤولية مشتركة في هذه الرؤية، المنظمات التي نمثلها -مركز منارة للتعايش والحوار، ورابطة مكافحة التشهير (ADL)- ملتزمة بمواجهة التحديات العالمية المتمثلة في نشر الكراهية، سنعمل دائماً لمواجهة التطرف وتعزيز قيم التفاهم والتعايش السلمي في كل مكان.
لكن من الواضح أن الطريق إلى هذا المستقبل يتطلب تعاوناً أكبر، وشراكات أوسع، وإرادة جماعية تتجاوز الحدود الثقافية والدينية والوطنية، إنه يتطلب أشخاصاً أكثر مثل الحاخام زفي كوغان، ممن يكرسون حياتهم لتحقيق رؤية السلام والازدهار المشترك.
------------------------
مقال مشترك لـ:
الدكتور علي راشد النعيمي
رئيس مركز منارة للتعايش والحوار
ورئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات
جوناثان غرينبلات
الرئيس التنفيذي والمدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير (ADL)
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة