"شروق" بنت الصعيد تتمسك بحقها في التعليم: "لن أعيش في جلباب أبي"
شروق عبدالبديع، ابنة الأعوام السبعة، تجاوزت كل العقبات التي تمنعها من التعليم، واختارت البقاء بمفردها في قريتها بصعيد مصر للاستمرار
لم يمنعها صغر سنها وجسدها النحيل الذي أتعبه المرض من فرض رأيها، فلم تستسلم الطفلة المصرية شروق عبدالبديع، ابنة الأعوام السبعة، إلى رغبة والديها بترك التعليم كما جرت العادة بين العديد من الأسر بالصعيد، ورفضت العيش في جلباب أبيها وقرار عائلتها بترك المعهد الديني ببلدتها في الصعيد والعيش معهم بالقاهرة.
جمعت شروق أحلامها بين كتبها وأغراضها في شنطة صغيرة تاركة المنزل، واتجهت إلى قريتها الصغيرة بالمنيا في تحدٍّ واضح لأسرتها، حتى تجبرهم على قبول فكرة استمرارها في التعليم بعد محاولات مستمرة من والدها والأسرة بترك الدراسة مثل باقي إخوتها.
مطاي هي قرية مصرية تتبع محافظة المنيا، تقع في شمال محافظة المنيا، يحدها من الشمال مركز بني مزار، ومن الجنوب مركز سمالوط، وتبعد عن مدينة المنيا عاصمة المحافظة 41 كم.
"مستعدة أبيع مناديل في إشارات المرور لاستكمال دراستي" قالتها شروق في وجه والدها عبدالبديع لبيب، البالغ من العمر 48 عاما، والذي يعمل حارس عقار بأحد أحياء القاهرة، ولديه خمسة من الأبناء أصغرهم شروق، حيث ترك كل أبنائه التعليم باستثناء شروق.
تجاوزت شروق كل العقبات التي قد تحرمها من إكمال تعليمها، واختارت البقاء بمفردها في قرية مطاي مركز المنيا والاعتماد على نفسها في تحضير الطعام وترتيب المنزل واستذكار دروسها، للاستمرار في التعليم قائلة: "أنا بحب التعليم ونفسي أكون مهندسة".
ويقول عبدالبديع لبيب لـ"العين الإخبارية" إن تمسك شروق بالدراسة وحبها للتعليم غيّر وجهة نظره وأجبره على تقبل هذا الوضع والإنفاق على تعليمها نزولا لرغبتها، متمنيا أن تنفع نفسها وأسرتها بالتعليم.
في تمام السادسة صباحا تستيقظ شروق من نومها تعد فطورها وترتدي الزي المدرسي متجهة إلى المعهد، وبعدها تذهب لشراء وجبة غذاء متواضعة، لتستطيع الذهاب لمركز تتلقى فيه بعض الدروس والقرآن الكريم، لتذهب بعدها إلى المنزل لأداء واجباتها واستذكار دروسها، وتواصل في اليوم التالي الطقوس نفسها.
سجلت محافظات الوجه القبلي أعلى معدلات للأمية، وبلغ المعدل 37.2% في المنيا، و35.9% في محافظة بني سويف، و34.6% في أسيوط، و34% في الفيوم، و33.6% في سوهاج، وحققت محافظة أسـوان أقل معدل للأمية بين محافظات الوجه القبلي وبلغ 19.1%، وفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017.
وبلغ معدل الأمية للذكور 21.1% مقابل 30.8% للإناث عام 2017، فيما بلغ معدل الأمية بالريف 32.2% مقابل 17.7% بالحضر عام 2017.
فيما يلعب أقرانها بالشارع تقضي شروق وقتها ما بين معهد القلب بالقاهرة ومنزل الأسرة بالمنيا، حيث تعاني من روماتيزم القلب وهو مرض يصيب القلب إثر التعرض للإصابة بما يسمى الحمى الروماتيزمية، وتتسبب هذه الحمى غالباً بإضعاف الصمام التاجي والصمام الأبهري، ما قد يسبب تسرباً في هذه الصمامات أو حتى تضييقها.
والحمى الروماتيزمية هي مرض قد يصاب به الشخص بعد تعرضه لنوع خاص من البكتيريا، وقد تصيب هذه البكتيريا الجلد أو الدماغ أو القلب، ومن أعراضه الحمى وارتفاع درجة الحرارة، والإرهاق والتعب، وخسارة الوزن، وانقطاع النفس وألم في الصدر، والتهاب في عضلة القلب.
بوجه بريء ارتسمت عليه ابتسامة هادئة ونظرة كلها ثقة، قالت شروق لـ"العين الإخبارية " إنها أحبت التعليم والدراسة بالمعهد الديني ولن تتركها أبدا، فهي تتمنى أن تصبح مهندسة وتفيد مجتمعها، كما أنها لا تقبل أن ينعتها أحد بـ"الفاشلة" لعدم إكمال تعليمها، كما حدث من قبل بعض الأشخاص في عائلتها لأقرانها، حيث تؤمن شروق بأن التعليم هو طوق النجاة لأي شخص ويغير واقعه.
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز