إسرائيل ترصد الآثار الدولية لقمة "السيسي- ترامب": تحالف ومفاوضات
زيارة الرئيس المصري لواشنطن تسفر عن اتفاق لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنشاء تحالف دولي لمواجهة داعش
تتابع إسرائيل باهتمام بالغ فعاليات زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل تأكيدات على فتح صفحة جديدة من العلاقات بين الدولتين، بعد فترة جمود ونفور في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وتجمع التقارير والتحليلات السياسية على أن زيارة الرئيس المصري إلى واشنطن ستكون لها آثار إقليمية ودولية، لافتة إلى أن 4 موضوعات رئيسية فرضت نفسها على مائدة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأمريكي دونالد ترامب، خلال قمتهما في واشنطن. أولها هو الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في سيناء وليبيا، وحجم المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، وكيف يمكن للولايات المتحدة المساعدة في دعم الاقتصاد المصري، وأخيرا العمل على استئناف المفاوضات السياسية بين العرب وإسرائيل.
مصادر إسرائيلية قالت، إن مصر طلبت زيادة المساعدات العسكرية الأمريكية لها، والبالغة الآن 1.3 مليار دولار سنويا، متوقعة أن يوافق الرئيس الأمريكي، وأن يدبر مصادر زيادة هذه المساعدات رغم قراراته الرامية إلى تقليص ميزانية المساعدات الأمريكية الخارجية.
ونقل موقع "ديبكا" الإسرائيلي عن مصادر إسرائيلية قولها، إن مشكلة الإرهاب في سيناء، لا تخص مصر وحدها، وإنما تخص أيضا الأردن وفلسطين وإسرائيل.
وقالت المصادر، إن الجماعات الإرهابية العاملة في سيناء تحتفظ بعلاقات وطيدة مع الجماعات القائمة في قطاع غزة، لا سيما على صعيد تهريب السلاح والأشخاص مع حركة حماس.
وأضافت أن العديد من قاعدة تنظيم داعش الإرهابي ومقاتليه انتقلوا من العراق إلى سيناء عبر جنوب الأردن وشبكات تهريب السلاح والمرتزقة من ليبيا، من خلال طريق بري يراقبه داعش في شمال سيناء.
وقالت المصادر، إن الولايات المتحدة تريد إقامة تحالف مصري أردني أمريكي إسرائيلي لمواجهة داعش، وهو ما فشل فيه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسبب سوء علاقاته مع القاهرة، والذي كان يريد ضم تركيا أيضاً. ولهذا فإن ثمة فرص متزايدة لإقامة تحالف كهذا الآن بسبب العلاقات الخاصة بين ترامب والسيسي.
- القاهرة تطرح على واشنطن توسيع اتفاق الكويز
- من الأزمة إلى الانفراجة.. 3 مراحل لعلاقات القاهرة - واشنطن
وقالت مصادر عسكرية للموقع الإسرائيلي، إن ثمة تعاون استخباراتي قائم بالفعل بين عدد من العواصم العربية والولايات المتحدة وإسرائيل من أجل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي. وأوضحت أن الخبراء الاستراتيجيين العاملين بإدارة ترامب يدركون جيدا أن مثل هذا التحالف ضد داعش لن يتحقق بدون إحراز تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولذلك سيكون هذا الموضوع من أهم الملفات التي سيناقشها السيسي وترامب.
ودللت المصادر على ذلك بأن ترامب سيلتقي السيسي، ثم العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، وبعد ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لم يتحدد موعد مقابلته مع ترامب بعد، ما يشير إلى أن هذه المباحثات لم يتم حسمها بعد.
سفير إسرائيل السابق لدى القاهرة، إسحاق ليفانون، قال إن الرئيسين عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب يتقاسمان الكثير من المواقف المشتركة، فكل منهما ليس فقط حريصا على محاربة الإرهاب، وإنما القضاء عليه. كما أنهما يدركان أن قضية حقوق الإنسان أمر مهم، ولكن يسبقها في الأهمية تحقيق الهدوء والاستقرار.
وأضاف ليفانون، في مقال كتبه بصحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية، أن ترامب أعلن عن تغيير موقفه في سوريا، وبات مؤيدا لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، وهو ما يتسق برأيه مع موقف السيسي الذي يؤيد هو الآخر بقاء الأسد لحين التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وقال السفير الإسرائيلي السابق، إن ترامب يدرك أهمية مصر لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكن الواقع أصعب بكثير مما يعتقد البعض، مما يتطلب تفاهمات استراتيجية بين مصر والولايات المتحدة.
أما صحيفة "معاريف" الإسرائيلية فأعادت توجيه الانتقادات اللاذعة إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لتخليه عن نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 2011، وقالت إنه تخلى بذلك عن واحدة من أهم الدول المركزية في الشرق الأوسط وفي العالمين العربي والإسلامي السني.
وأشارت الصحيفة إلى دعم أوباما لجماعة "الإخوان" الإرهابية حتى وصولها إلى حكم مصر وبعد الإطاحة بها في ثورة 30 يونيو، فجمد صفقات للسلاح ومساعدات أمريكية لمصر، فضلا عن توجيه انتقادات علنية للنظام المصري.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن المصريين انتقموا من إدارة أوباما بطريقتهم الخاصة، عبر إهانة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري وإذلاله في المطار عبر تفتيشه ذاتيا خلال وصوله للقاهرة من أجل مقابلة السيسي.
وذكرت الصحيفة أن ذلك كله بات جزءا من التاريخ الآن، حيث بدأت الأوضاع تتغير منذ فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، مشيرين إلى أن العلاقات الوطيدة بين السيسي وترامب ظهرت بوضوح حتى قبل الانتخابات الأمريكية، وأن ترامب يحرص على استغلال زيارة الرئيس المصري من أجل إعادة تعزيز العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
وقالت إن السيسي وترامب يتقاسمان أيضا عدم خوفهما من الصدام مع المنظمات الليبرالية ووسائل الإعلام. وأشارت إلى مسؤول بالإدارة الأمريكية قال لصحيفة "جارديان" البريطانية، إن "أسلوبنا يقوم على إدارة القضايا الحساسة بطريقة خاصة وحاسمة، ونؤمن أن هذا هو أفضل أسلوب لإحراز تقدم في مثل هذه الموضوعات من اجل تحقيق أفضل النتائج".
وأوضحت أن ترامب يدرك أن مصر تشكل محورا رئيسيا في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة أن السيسي يملك كثير من النفوذ المتزايد على السلطة الفلسطينية وحركة حماس على حد سواء، فضلا عن أن السيسي يرأس دولة من دولتين عربيتين وقعتا اتفاقية سلام مع إسرائيل.
وأكدت أن اهتمام السيسي بمكافحة الإرهاب عبر حربين على جبهتين، في سيناء وليبيا، يصب في نفس الاتجاه الذي يتبناه الرئيس الأمريكي المهتم للغاية بالقضاء على الإرهاب، لا سيما في سوريا والعراق. وذهبت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن "استئناف العلاقات بين القاهرة وواشنطن سيتيح لقوات الجيش الأمريكي تعلم أمر أو اثنين عن كيفية الحرب ضد داعش".
وذكرت أن مصر ستساعد ترامب في مجالين آخرين، الأول هو التقرب من العالم العربي الذي كان قد بادر بالنفور من أوباما بسبب مواقفه، لا سيما الدول السنية ومنطقة الخليج العربي، حيث يمكن للسيسي أن يؤدي دورا مركزيا في ذلك.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن المجال الثاني هو رغبة ترامب في تحقيق نتائج عظيمة مع "رجل القاهرة القوي" مما يلفت انتباه الإعلام الأمريكي عن مبادرات ترامب الفاشلة في مجال حظر سفر المسلمين أو إلغاء مشروع "أوباما كير"، أو يأخذ الرأي العام بعيدا عن التحقيقات الجارية مع رجال الرئيس الأمريكي حول العلاقة مع روسيا والكرملين.
وقالت إن للقاهرة أرباح كثيرة من الزيارة، فهي ترغب في الحصول على دعم أمريكي لتعزيز الاقتصاد المصري، والحصول على أسلحة أكثر تقدما لاستخدامها في الحرب ضد الجماعات الإرهابية.
وأضافت أن العلاقات الطيبة مع واشنطن ستعزز مكانة الرئيس المصري على الساحة السياسية الدولية، عندما يؤدي دوره كوسيط في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز