من الأزمة إلى الانفراجة.. 3 مراحل لعلاقات القاهرة - واشنطن
سعيد اللاوندي قال إن التعاون بين القاهرة وواشنطن يرشح مصر كصديق وحليف دائم لأمريكا خلال فترة إدارة ترامب.
عقب أحداث ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013 في مصر، والتي أنهت حكم جماعة الإخوان الإرهابية، تحول الموقف الأمريكي والإدارة السياسية الأمريكية بقيادة الرئيس السابق باراك أوباما تجاه القاهرة، وذلك بداية من تصريحات المسؤولين الأمريكيين الرافضة للتحول السياسي في مصر عقب هذة الثورة والاعتراف بالثورة نفسها كـثورة شعبية مروراً بعدة إجراءات زادت من التوتر بينهما.
لكن تسعي الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، لإعادة بناء العلاقات الأمريكية مع مصر في الاجتماع المرتقب، الإثنين المقبل، بالبيت الأبيض مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي سيركز على القضايا الأمنية والمساعدات العسكرية بالإضافة إلى الحرب على الإرهاب.
وقال مسؤول أمريكي، الجمعة، إن ترامب يريد للصحفيين استغلال زيارة السيسي لإعادة بناء العلاقات الثنائية وتعزيز الصلات القوية التي أقامها الرئيسان، عندما اجتمعا أول مرة في نيويورك، سبتمبر/أيلول الماضي.
بداية الأزمة
خلال الفترة من 30 يونيو/ حزيران وحتى 14 أغسطس/ آب من نفس العام، تجمع المئات من أنصار جماعة الإخوان الإرهابية بميداني النهضة ورابعة العدوية، وسط القاهرة، مهددين أمن واستقرار البلاد، بمطالبات إسقاط الدولة وترويع المدنيين بخلاف ارتكاب عمليات عنف وجرائم بحق المواطنين الأبرياء، نتيجة الاختلاف السياسي بينهما.
وعلى إثر هذا الاعتصام، الذي مثّل نقطة خلاف جوهرية بين القاهرة وواشنطن، عقب قيام قوات الأمن المصرية بفض هذا الاعتصام المسلح بعد تجمع عدد من قيادات الإخوان ومئات الإرهابيين، الذين خططوا لعمليات إرهابية بالبلاد.
وعلى إثر هذا التوتر، أعلنت الإدارة الأمريكية يوم 15 أغسطس/ آب تجميد المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين، التي كانت ستجري تحت مسمى "النجم الساطع".
كما أعلنت واشنطن في أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام، وقف جزء من المساعدات العسكرية الأمريكية التي ترسل لمصر بشكل سنوي، وتعليق إرسال 10 مروحيات أباتشي وقطع غيار دبابات وصواريخ "هاربون" للقاهرة، ما زاد من حدة التوتر بين البلدين.
ورقة ضغط
ولم يقف التصعيد من الجانب الأمريكي عند هذا الحد، بل امتد إلى إيقاف جميع المساعدات والقروض المقدمة للحكومة المصرية، والذي تمثل في تعليق واشنطن إرسال مبلغ 260 مليون دولار، بالإضافة إلى تراجعها عن إرسال 300 مليون دولار كـضمانات للقروض الأمريكية السابقة، ما أثار غضب الحكومة المصرية للتدخل في الشأن الداخلي والاستعانة بالمساعدات كورق ضغط لتغيير مسار ثورة 30 يونيو، حسب ما تراه الإدارة الأمريكية، لتعلن الدبلوماسية المصرية صراحة أن العلاقات المشتركة بين البلدين تتسم في هذه الفترة بالاضطراب والتوتر.
ووفقاً لتحليلات سياسية، فإن رؤى الإدارتين المصرية والأمريكية لم تتفق معاً حول مشروع الإخوان أثناء تواجدهم في الحكم، حيث عانى المصريون من تدهور الأوضاع الاقتصادية بالإضافة إلى انتهاج هذه الجماعة للعنف كوسيلة لمحاربة المصريين طوال فترة حكمهم وعقب إزاحتهم من الحكم.
عهد جديد
ومع تصاعد الخلافات بين الطرفين، توقفت الزيارات بين البلدين فترة ليست بالقليلة، ليستأنف جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي السابق، هذه الزيارات بالتوجه للقاهرة في 22 يونيو/ حزيران 2014، بهدف متابعة الأوضاع الحالية ومناقشة القصايا الأمنية بمصر.
كما استكمل كيري ذلك بزياراته في نفس العام، 13 سبتمبر/ أيلول، لمتابعة تطورات المفاوضات الفلسطينية مع الحكومة المصرية، ليختتم الجانب الأمريكي زياراته للقاهرة عام 2014 بالزيارة التي قام بها للقاهرة جابكوب وزير المالية الأمريكي السابق.
وخلال عام 2015، استمرت الزيارات من الجانب الأمريكي للقاهرة، وبحضور كيري ووزيرة القوات الجوية الأمريكية، لبحث التعاون في قضايا اقتصادية وأمنية وعسكرية على مدار 3 أشهر في لقاءات مختلفة.
ويبدو أن العام الماضي هو كان بداية لانفراج الأزمة، لبدء تبادل الزيارات وتردد وفود الكونجرس ووفود عسكرية، فضلًا عن زيارات لسامح شكري، وزير الخارجية المصري لواشنطن، كمحاولة لإعادة العلاقات الثنائية.
واكتمل هدوء العلاقات بين الطرفين بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث مثلت بداية عهد جديد بين الجانبين.
وعن هذا الأمر، قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، إن هذه الزيارة بداية عهد جديد بين النظامين الأمريكي والمصري، موضحاً أن العلاقات في الـ3 سنوات الماضية مرت "بتوعك شديد" إذ لم يتم توجيه أي دعوة رسمية من أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للسيسي، خلال العامين الماضيين، بينما كانت اللقاءات مع قادة الإخوان مستمرة.
وحول تجاوز العلاقات الثنائية للأزمات السابقة، أضاف اللاوندي في تصريحات خاصة لبوابة "العين" الإخبارية، أن "وجود مصر كحليف استراتيجي لأمريكا يحتم على الطرفين تدشين صفحة جديدة من التعاون المشترك".
وتابع خبير العلاقات الدولية، أن أسباب عودة العلاقات، أولهما ملف مكافحة الإرهاب، فأمريكا ومصر يسعيان للقضاء على التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، وخلق نوع من الأمان والاستقرار بالعالم، خاصة أن مصر لديها تجربة ناجحة في محاربة العناصر الإرهابية خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن العلاقات والتعاون المستمر له عدة جوانب سياسية وعسكرية واقتصادية، ما يؤكد على ضرورة استئناف العلاقة بينهما، مشيراً إلى أن هذا التعاون يرشح مصر صديقاً وحليفاً دائماً لأمريكا خلال فترة إدارة ترامب.
وعن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، قال سعيد اللاوندي، إنها سبب ثالث يحرص الجانبان الحفاظ عليه، فمن جانب مصر تهتم باستمرار المساعدات لاسيما العسكرية، ومن جانب أمريكا تحرص على بقاء مصر حليف قوي داعم لرؤيتها في محاربة ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
وتوقع اللاوندي، أن ملف الأزمة السورية والقضيتين اليمنية والليبية، تصبح سبباً كافياً لإقامة علاقة متوازنة بين الطرفين، نظراً لدور مصر بالمنطقة العربية وبحثها عن الحل السياسي في احتواء الأزمات الثلاث، وهو نفس الحل الذي تبحث عنه إدارة ترامب.