سياسة
معارضة جنوب السودان ومحادثات الخرطوم.. "الفرصة الأخيرة"
محادثات مرتقبة بين حكومة دولة جنوب السودان وفصيل منشق عن المعارضة المسلحة، يرى محللون أنها ستكون "الفرصة الأخيرة" لاحتواء الأزمة.
اجتماعات مقررة في الخرطوم عاصمة الجارة الشمالية، يعلق عليها المتابعون آمالا عريضة بحل أزمة المعارضة المسلحة المستفحلة، خصوصا بعد ظهور المجموعة التي انشقت عنها قبل ثلاثة أشهر بزعامة الجنرال سايمون قاتويج، رئيس أركانها السابق، في اجتماع مشترك مع وفد حكومي تابع للرئيس ميارديت سلفاكير.
وانتهى الاجتماع بالاتفاق على الانخراط في مباحثات مشتركة بغية التوصل لتسوية تنهي الأزمة التي كادت أن تطيح باتفاق السلام الموقع قبل سنوات بين الحكومة والمعارضة المسلحة.
وبدخول الحكومة على خط التفاوض المباشر مع المجموعة المنشقة، تكون الأزمة الداخلية للمعارضة قد اتخذت مسارا جديدا يؤكد تلميحات سابقة لزعيمها ريك مشار بوقوف الحكومة خلف الانقسام العسكري الذي شهدته مجموعته في وقت سابق، الأمر الذي سيثير مجموعة جديدة من الأسئلة حول طبيعة التسوية التي ستلجأ اليها الأطراف بوساطة الجانب السوداني.
تحديد أسماء
الجنرال وليم قاتجياث، المتحدث باسم الفصيل المنشق من المعارضة المسلحة والمعروف اختصارا بفصيل "كيتقوانق"، نسبة إلى المنطقة التي عقدوا فيها مؤتمرهم، قال إن السلطات السودانية طلبت منهم تحديد أسماء ستتفاوض عنهم مع حكومة جنوب السودان في جولة يتوقع أن تنطلق الأسبوع المقبل.
وأضاف قاتجياث، في تصريحات لـ“العين الإخبارية": "قبل يومين، التقت قيادة الحركة مع وفد من حكومة جنوب السودان بالعاصمة السودانية الخرطوم، وكان لقاء عفويا سادته روح السلام والجدية".
وتابع أنه "بعد الاجتماع، طلبت منا الحكومة السودانية تجهيز وفدنا المفاوض، بغرض التباحث حول كيفية معالجة المسألة والالتحاق بعملية السلام".
انقسام أم إنقاذ؟
محللون سياسيون يعتبرون أن لقاء وفد الحكومة مع قيادات الفصيل المنشق عن المعارضة المسلحة في الخرطوم الأسبوع المنصرم، ومن ثم الاتفاق على الدخول في تفاوض مباشر، يستبطن محاولة من الحكومة لإضعاف مجموعة مشار والبحث عن صيغة لتكملة عملية الانقسام العسكري في صفوفه.
ويقول بيتر دانيال، الكاتب والمحلل السياسي، إن "ما تم في الخرطوم الأسبوع الماضي بعد لقاء الجنرال المشق سايمون قاتويج بممثلين عن حكومة جوبا، يأتي في إطار تكملة الخطوات الحكومية الرامية لتقليل حجم المعارضة التي يتزعمها ريك مشار كمنافس سياسي محتمل للرئيس كير في الانتخابات المقبلة".
وكانت مجموعة الجنرال سايمون قاتويج قد أعلنت، في بيان لها قبل أشهر، أنها ستطالب الحكومة عبر وساطة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيجاد) باستبدال مشار بالجنرال قاتويج في منصب النائب الأول لرئيس البلاد والذي خصصته اتفاقية السلام للمعارضة المسلحة.
أما بالنسبة للكاتب الصحفي جيمس مارتن لاكو، فإن قيام الحكومة بفتح باب الحوار مع الفصيل المنشق عن المعارضة المسلحة بقيادة سايمون قاتويج، يأتي كخطوة ضرورية لإنقاذ العملية السلمية الهشة من الانهيار.
وقال مارتن لاكو، لـ"العين الإخبارية"، إن الانشقاقات العسكرية تعد الأكثر خطورة لأنها قد تقود إلى توسيع رقعة الحرب، وتجديد معاناة المدنيين العزل في جنوب السودان.
وتابع أن "هذه خطوة مهمة جدا من الحكومة، ففتح باب الحوار أفضل كثيرا من الانزلاق للحرب بسبب الخلافات السياسية داخل المعارضة المسلحة، فما قامت به الحكومة يمثل محاولة جادة لإنقاذ البلاد من الانزلاق مجددا نحو الحرب والدمار".
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، طالبت دول من شرق أفريقيا مشار بـ “فتح سبل الحوار" باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام، وذلك بعد معارك دامية بين أجنحة داخل المعارضة المسلحة.
تعزيز السلام
من جهته، قال ادموند ياكاني، رئيس منظمة تمكين المجتمع وعضو لجنة مراقبة اتفاقية السلام، إن المفاوضات المرتقبة بين الحكومة ومجموعة سايمون قاتويج، تعتبر خطوة إيجابية تصب في سبيل تعزيز السلام والمصالحة بالبلاد.
وأضاف في تصريحات لـ “العين الإخبارية": "نحن في حاجة للسلام والمصالحة بين كافة فصائل المعارضة المسلحة، فصراعات السلطة يجب أن تتوقف، والمطلوب محليا وإقليميا ودوليا هو تنفيذ كافة بنود اتفاقية السلام في جنوب السودان".
وقبل شهرين، اندلعت اشتباكات في منطقة أعالي النيل بين أنصار مشار والموالين للجنرال سايمون قاتويج، بعدما حاول الأخير أن يحل محل الأول في رئاسة الحزب الذي ينتمي إليه كلاهما؛ "الحركة الشعبية لتحرير السودان".
واندلعت الاشتباكات في أعالي النيل بعدما أعلن خصوم مشار عزله من رئاسة الحزب ومن جناحه العسكري، فيما اعتبره حلفاء الرجل "انقلابا فاشلا".