إسبانيا تفكك شبكة داعشية في سجونها.. وشكوك حول فاعلية تدابيرها الأمنية
المتهم الرئيسي وزعيم الشبكة سبق له تكوين خلية إرهابية في 5 سجون ما أثار تساؤلات بشأن فاعلية التدابير الأمنية في إسبانيا.
فككت الشرطة الإسبانية شبكة إرهابية على صلة بتنظيم داعش داخل وعبر الكثير من سجونها، أسسها وأدارها أحد أبرز الإرهابيين المسجونين في البلاد، وسط شكوك بشأن فعالية تدابيرها الأمنية.
وقال سورين كيرن، باحث بارز بمعهد "جيتستون" الأمريكي المعني بالسياسة الدولية، إن وجود الشبكة كان موضع تساؤل؛ ليس فقط بسبب مدى فاعلية الإجراءات الأمنية داخل السجون الإسبانية، بل أيضا بسبب برامج البلاد الخاصة بالتطرف، التي تستهدف "إصلاح" الإرهابيين من أجل إعادة دمجهم في المجتمع.
- إسبانيا تعتقل مغربيين متهمين بالتخطيط لهجوم إرهابي محتمل
- مسؤول بريطاني: إرهاب داعش و"اليمين المتطرف" أكبر تهديد نواجهه
وتضم المجموعة الرئيسية للشبكة الإرهابية 25 شخصا في 17 سجنا، طبقا لوزارة الداخلية الإسبانية، التي قدمت تفاصيل عن عملية مكافحة الإرهاب التي تم تنفيذها في 2 أكتوبر/تشرين الأول.
ووصفت الوزارة المجموعة بأنها "جبهة السجون" الإرهابية، حيث كانت منخرطة في تجنيد السجناء الآخرين وتلقينهم واستدراجهم إلى الأيديولوجية المتطرفة، فضلًا عن التخطيط لهجمات إرهابية جديدة.
وأشار كيرن، خلال تقريره المنشور عبر الموقع الإلكتروني للمعهد، إلى أن الشبكة ضمت إرهابيين محكوم عليهم، وسجناء أصبحوا متطرفين داخل السجن، من بينهم كثير من الإسبان.
أما زعيم الشبكة فهو محمد أشرف (44 عامًا) مغربي اسمه الحقيقي عبدالرحمن طاهري، ويقضي حكما بالسجن لمدة 14 عاما بتهمة التخطيط لشن هجمات بالشاحنات المفخخة على أهداف رفيعة المستوى في مدريد، من بينها المحكمة الوطنية الإسبانية ومحطة سكة جديد "برينسيب بيو".
وكان من المقرر إطلاق سراح أشرف في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أي قبل 4 سنوات عن موعد إطلاق سراحه الرسمي، حيث سجن عام 2008، وأمضى معظم مدته في الانتقال من سجن لآخر، وهو إجراء متبع يستهدف منع الإرهابيين من إنشاء موطئ قدم لهم داخل أي سجن وتجنيد سجناء آخرين لخدمة أيديولوجيتهم، لكن في فبراير/شباط الماضي، نقل أشرف إلى سجن في مدينة مرسيا الإسبانية، وتم حبسه داخل سجن انفرادي.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول، عندما فتشت شرطة مكافحة الإرهاب زنزانته، اكتشفت أنه كان يدير شبكة منظمة مكونة من سجناء إرهابيين تعمل على تجنيد واستقطاب السجناء الآخرين، بالإضافة إلى التخطيط لتنفيذ هجمات على أهداف محددة.
وأوضحت وزارة الداخلية الإسبانية أن الشبكة مارست أنشطتها عبر التواصل الجسدي بين السجناء داخل نفس السجون، بالإضافة إلى الرسائل بين الموجودين بسجون مختلفة، وعملت الشبكة على التهرب من آليات الرصد عبر قيام أعضائها بالتواصل مع بعضهم البعض من خلال سجناء لا يخضعون لمراقبات خاصة.
ونقلت وسائل الإعلام الإسبانية، عن مصادر شرطية، أن أشرف على الأرجح ستوجه إليه تهم جديدة متعلقة بالإرهاب، وبدلا من إطلاق سراحه مبكرا سيحتجز داخل سجن وقائي.
أشرف له سجل إرهابي طويل في إسبانيا، فخلال قضائه فترة العقوبة بين عامي 1999 و2002 في سجن توباس في سالامانكا الإسبانية، نظم شبكة إرهابية مشابهة، عملت داخل وعبر 5 سجون إسبانية على الأقل، وكانت الشبكة مكونة من 4 زنازين تواصلت مع بعضها البعض بإتقان.
وبعد تفجيرات مدريد عام 2004، التي راح ضحيتها 193 شخصا وأصيب خلالها 2000 آخرون، شنت السلطات الإسبانية حملة على المجموعات الإرهابية، أسفرت إحداها عن اعتقال 36 إرهابيا من بينهم كثير من أعضاء شبكة محمد أشرف، وعثر المحققون خلال الحملة على رسائل تكشف عن تخطيط أشرف لتفجير المحكمة العليا في مدريد.
كما عثر المحققون على رسائل بين أشرف وإرهابيين آخرين، تتضمن خطابا يقول: "لدي أنباء جيدة.. أنشأت مجموعة، ونريد الموت في سبيل الله في أي لحظة. ننتظر إطلاق سراحنا حتى يمكننا بدء العمل. لدينا الرجال والأسلحة والأهداف. كل ما نحتاج إليه التنفيذ".
وفي أبريل/نيسان عام 2005، تسلمت إسبانيا أشرف من سويسرا، التي هرب إليها بعد إطلاق سراحه من السجن وحاول التقدم بطلب لجوء إليها بصفته فلسطينيا لكنه فشل.
وفي فبراير/شباط عام 2008، حكم على أشرف بالسجن 14 عاما بتهمة "تأسيس وإدارة مجموعة إرهابية"، وخلال محاكمته علمت المحكمة كيف استخدم أشرف، الذي كان يلقب نفسه بـ"الأمير"، مسجدا مؤقتا داخل السجن "لتلقين" السجناء الآخرين الأيديولوجية المتطرفة التي يروجها تنظيم داعش.
وبالنظر إلى التاريخ الإرهابي لأشرف وخططه السابقة لتوجيه وتلقين السجناء عند أول مرة وجهت له تهم إرهاب، يظل من غير الواضح كيف سمحت السلطات الإسبانية له بتأسيس أخرى أكبر.