الإقصاء التاريخي لمكارثي.. مستقبل "الجمهوريين" على المحك
في خطوة تاريخية أطاح مجلس النواب الأمريكي برئيسه الجمهوري الأمر الذي يطرح الأسئلة حول مستقبل الجمهوريين في ظل حالة الانقسام.
وتهيمن على الولايات المتحدة منذ سنوات حالة انقسام، تغلغلت داخل الحزب الجمهوري قبل عام من السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
- تمرد بمعسكر الجمهوريين.. إقالة رئيس "النواب" الأمريكي في سابقة تاريخية
- قبل مناظرة الجمهوريين.. ديسانتيس يناور وترامب يركز على بايدن
ولا تبدو حالة الصراع والمعارك المندلعة بين أجنحة الجمهوريين في صالح الحزب الذي يهيمن على مجلس النواب حاليا فمن ناحية ستنعكس هذه التوترات على أداء الجمهوريين داخل المجلس وتؤدي إلى ضعف موقفهم كأغلبية ومن ناحية أخرى ستؤدي إلى اهتزاز ثقة الناخبين.
وبعد 269 يوما فقط من فوزه برئاسة مجلس النواب وقف كيفن مكارثي أمام الكاميرات ليلقى "نعيه السياسي" حسب تعبير صحيفة "التليغراف" البريطانية التي نقلت تصريحات مكارثى حين قال "لقد صنعت التاريخ، أليس كذلك".
والحقيقة أن مكارثي صنع التاريخ مرتين الأولى عندما خاض 15 جولة تصويت قبل الفوز برئاسة مجلس النواب بسبب تعنت أعضاء التيار اليميني المتشدد داخل الحزب الجمهوري الذين دعموه في النهاية بعد إبرام اتفاق يسمح لأي عضو في المجلس بالدعوة إلى تصويت سريع للإطاحة به وهو ما حدث فعلا بعد انضمام 8 جمهوريين يمينيين متشددين إلى الديمقراطيين فى المجلس لإقالته بأغلبية 216 صوتًا مقابل 210 أصوات.
وبإقصائه صنع مكارثي التاريخ مجددا عندما أصبح أول رئيس لمجلس النواب يتم التصويت للإطاحة به من منصبه على مدار تاريخ المجلس الممتد 234 عاما لتصبح فترة ولايته الأقصر في تاريخ الولايات المتحدة منذ عام 1876 عندما تولى مايكل كير المنصب لمدة 257 يوما قبل وفاته.
واعتبرت صحيفة "التليغراف" أن مكارثي كان رهينة للجناح اليميني لحزبه منذ اليوم الأول لكنه فشل، في تمرير قائمة أولوياتهم المحافظة حتى نفد صبرهم بعد إبرامه اتفاقا مع الديمقراطيين لتجنب إغلاق الحكومة.
واتهم مكارثي اليمين المتشدد بـ"اختيار الفوضى بدلا من التسوية"، وقال: "ما أخشاه هو أن المؤسسة سقطت اليوم"، مضيفا: "لا تستطيع القيام بالمهمة إذا كان 8 أشخاص.. يستطيعون الشراكة مع الجانب الآخر بأكمله".
وتثير تصريحات مكارثي إضافة إلى الانقسام الجمهوري أسئلة حول وضع الحزب من بينها قدرة أي شخص يخلف مكارثي على رئاسة المجلس والسيطرة على أداء الأغلبية بما فيها التيار المتشدد الذي يعتبر أن زملاءهم الوسطيين ليسوا أفضل كثيراً من الديمقراطيين.
الفكرة نفسها عبر عنها العضو الجمهوري عن ولاية داكوتا الجنوبية داستيجونسون حين قال: "لست متأكدا أنني أتمنى هذه الوظيفة لأي شخص"، وتساءل: "هل مجلس النواب قابل للحكم؟". وفي ظل غياب مرشح يحظى بالإجماع، لا يوجد مسار واضح لتعيين رئيس جديد لمجلس النواب. ومن المرجح أن يبحث المتشددون الجمهوريون عن شخص أكثر تشددا من مكارثي وبعد نجاحهم في الإطاحة به من غير المرجح أن يقبلوا أية حلول وسط بعد ذلك.
ورغم أن خط المتشددين الثمانية يبدو أقرب إلى الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلا أن استراتيجيتهم لا تلقى إعجابه. ودعم ترامب مكارثي لرئاسة مجلس النواب في يناير/كانون الثاني الماضي، على الرغم من اعتراضات مساعديه في المجلس كما رفض الرئيس السابق التحركات للإطاحة بمكارثى.
وقال ترامب: "لماذا يتقاتل الجمهوريون دائمًا فيما بينهم، ولماذا لا يقاتلون الديمقراطيين اليساريين الراديكاليين؟".
ولا يبدو أن المتشددين الجمهوريين يفكرون في عواقب سلوكهم أو يشعرون بالقلق تجاهها لكن المعركة المقبلة لانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب ستجعل الأغلبية الجمهورية داخل المجلس أضعف.
كما أن تحركات الجمهوريين تمثل مخاطرة في لصق تهمة الفوضى بهم قبل انتخابات الرئاسة 2024 وتدفع الناخبين الأمريكيين للتساؤل إذا كان بإمكانهم الوثوق في الحزب.