ترشيحات «خجولة» وتكتل للمعارضة.. هل انطلق السباق الرئاسي بالجزائر؟

بدأت بعض ملامح الانتخابات الرئاسية في الجزائر تتضح، رغم أن المرشحين الرئيسيين لم يعلنوا بعد موقفهم.
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون كان أول من فتح الباب أمام التكهنات حول ترشحه لفترة رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة نهاية عام 2024.
وخلال جلسة افتتاح الدورة غير العادية للبرلمان بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني) في ديسمبر/كانون الأول الماضي، طالب أعضاء بالبرلمان الجزائري تبون بالترشح لفترة رئاسة ثانية، ليرد الأخير على تلك المطالبات قائلا "إن شاء الله يعطيني الصحة الكافية" دون أن يعلن رسميا موقفه من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية عام 2024.
وانتخب تبون في ديسمبر/كانون الأول 2019 لولاية مدتها 5 سنوات، ويمكنه الترشح لولاية ثانية وأخيرة، وفقا للدستور الجزائري.
وتبون هو أول رئيس جزائري منتخب بعد استقالة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019، إثر حراك شعبي استمر عدة أشهر.
وفاز تبون بأصوات 58.15% من الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وبين استقالة بوتفليقة وانتخاب تبون تولى عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا بالبرلمان) الراحل، رئاسة الجزائر بشكل مؤقت، بحسب ما ينص عليه الدستور الجزائري.
«عسول» في الطريق
وتعد رئيسة حزب "الاتحاد من أجل التغيير والرقي" المعارض زبيدة عسول هي أول مرشحة تعلن رسميا نيتها الترشح للسباق الرئاسي المقبل.
وقال بيان للحزب إنه "بناءً على أحكام المادة 15 من القانون الأساسي للحزب، وبالنظر إلى التطورات الأخيرة التي تعيشها البلاد، قرر المجلس المشاركة في الانتخابات الرئاسية 2024، ولأول مرة منذ تأسيسه، استنادا إلى الوضع الحالي للبلاد".
وأضاف البيان أنه "عملاً بأحكام القانون الأساسي، وعلى ضوء كل ما سبق، قررت السيدة زبيدة عسول رئيسة الحزب الإعلان عن نية الترشح للرئاسة 2024".
واعتبرت عسول أن الانتخابات الرئاسية 2024 "فرصة قائمة على إمكانية القيام بفعل سياسي ناجع".
إعلان ترشيح عسول لاقى ترحيبا من بعض القوى السياسية الجزائرية، منها حزب حركة البناء الوطني المنشق عن الإخوان، إذ رحب رئيسه عبدالقادر بن قرينة بما أسماه "التفاعل الإيجابي الذي أبدته بعض الأطراف، والتي سبق أن قاطعت رئاسيات 2019"، في إشارة منه إلى عسول.
وحل بن قرينة ثانيا في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2019 بنسبة 17.38%، خلف الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، في مفاجأة بررها البعض بتوحد الإخوان والأحزاب ذات التوجه الإسلامي خلفه.
ولم يعلن بن قرينة بعد موقفه أو موقف حزبه من الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنه قال إن "الاستحقاق الرئاسي المرتقب يحتاج إلى تغليب الوعي الوطني الذي يتجاوز المصالح الحزبية والشخصية، كونه استحقاق وطن قبل أن يكون استحقاق أحزاب أو أشخاص".
وأضاف "نحن في حركة البناء الوطني رؤيتنا واضحة وقرارنا يتشكل بقناعة راسخة، بعيدا عن أي مغامرة أو مقامرة بالشكل الذي يدعم الاستقرار المؤسسي ويعطي الوقت الكافي لتحقيق الأهداف وتنفيذ الوعود والبرامج".
وأكد ضرورة "الحرص على إنجاح الاستحقاق الرئاسي، والاهتمام به صيانة للأمن القومي واستمرار الديناميكية التغييرية للجزائر الجديدة".
واعتبر بن قرينة أن الانتخابات الماضية "شهدت انتقالاً سلساً للحكم، من جيل الثورة إلى الجيل المخضرم صاحب التجربة الكبيرة في تسيير العمل داخل الدولة"، في إشارة لتبون الذي تولى عدة مناصب وزارية ورأس الحكومة قبل ترشحه للرئاسة.
ويشارك حزب حركة البناء الوطني بوزيرين في الحكومة الحالية التي يرأسها نذير العرباوي، أحد المقربين من الرئيس تبون ورئيس ديوانه السابق.
موقف تبون
وعلى الرغم من أن الرئيس تبون لم يعلن بعد موقفه رسميا من الترشح، وإن كانت أغلب المؤشرات تظهر أنه سيترشح لولاية ثانية.
وأعلنت أحزاب سياسية تأييدها لتبون، إلا أن حزب "جبهة التحرير الوطني" أكبر أحزاب البلاد، الذي كان تبون عضوا بهيئته العليا، قبل أن يتولى الرئاسة لم يعلن بعد موقفه.
وقال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر الأحزاب الجزائرية، مصطفى ياحي، نقف صفا واحدا خلف رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون وندعمه بقوة في مواقفه وقراراته الشجاعة لنصرة القضية الفلسطينية".
وانتقد ياحي وجود "أصوات تحركها في الخارج لوبيات أجنبية تحاول زرع الشكوك والقلاقل من خلال التشكيك في موعد انتخابي دستوري".
الجيش يؤيد تبون
وعن موقف المؤسسة العسكرية، أعرب رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة عن دعمه لتبون، مرحباً بـ"المشاريع المنفذة خلال السنوات الأربع الماضية"، ودعا إلى "مواصلة هذا العمل".
ونشرت «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، في يناير/كانون الثاني الماضي، «حصيلة إيجابية» عن ولاية تبون الأولى، ورأت استمراره في السلطة.
ودائما ما كان يوصف الجيش في الجزائر بأنه "صانع الرؤساء"، إذ يسود اعتقاد أنه لا يمكن أن يصل رئيس إلى الحكم لا يوافق عليه الجيش.
ويردد البعض أن وصول تبون إلى قصر "المرادية" كان بتأييد من رئيس الأركان الراحل الفريق أول أحمد قايد صالح، الذي توفي بعد تنصيب تبون بأيام.
غموض في معسكر الإخوان
ولم تعلن "حركة مجتمع السلم" المعروفة اختصارا باسم "حمس"، حزب الإخوان في الجزائر، بعد موقفها من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن قاطعت انتخابات 2019، ولم يترشح رئيسها في ذلك الوقت عبدالرزاق مقري.
ويتولى رئاسة الحركة حاليا عبدالعالي حساني، الذي يصفه البعض بأنه "ظل مقري".
وسبق لمقري مغازلة السلطات الجزائرية بالإشادة بالرئيس تبون وتوجيه الشكر له على الأجواء الإيجابية التي كانت بين حزبه وتبون، الذي وصفه بأنه "فتح صدره للحوار والنقاش حول قضايا البلد، كما كان لديه صدر واسع لوجهات النظر التي يمكن القول إنه يوجد فيها نوع الاختلاف".
وحلت "حمس" في المركز الثاني في آخر انتخابات للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى بالبرلمان) التي جرت في يونيو/حزيران 2021، إلا أن الحركة تراجعت إلى المركز السادس في انتخابات المجالس البلدية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، الأمر الذي يعكس الرفض الشعبي الواسع لها.
تكتل معارض
والشهر الماضي، أطلقت 5 أحزاب معارضة تكتلاً سياسياً بحث، في أول اجتماعاته، اختيار مرشح واحد عنها لخوض الانتخابات.
والأحزاب الخمسية هي "التحالف الوطني الجمهوري"، الذي يرأسه وزير السابق بلقاسم ساحلي، وحزب "التجديد والتنمية" برئاسة أمير طيبي و"الحزب الجزائري الأخضر" برئاسة علي عمارة، وحزب "الاتحاد من أجل التجمع الوطني" برئاسة هواري حميدي وحزب "الحركة الوطنية للعمال الجزائريين" برئاسة سالم حديدي.
والأحزاب الخمسة، تصنف من الأحزاب الصغيرة التي لا تملك أي مقاعد في البرلمان.