بيان باريس وضمانات إجراء الانتخابات في ليبيا
البيان اكتفى بالتلويح بالعقوبات لأي من الأطراف الليبية التي تعرقل العملية الانتخابية دون الخوض في تفاصيل مهمة حول العملية نفسها.
نجحت فرنسا في جمع كافة الأطراف المتصارعة في ليبيا على طاولة واحدة لبحث سبل إيجاد حل للأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد، والخروج من النفق المظلم والبدء في مشروع بناء دولة المؤسسات التي تحتاجها الدولة الليبية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة الماضية، عقب تجربة مؤسسة الجيش الوطني الليبي في حماية البلاد من الأطماع الخارجية ومحاربة الجماعات الإرهابية التي سعت إلى تحويل ليبيا لبيت مال المتطرفين في منطقة المغرب العربي.
ووضعت باريس بنود مبادرة تحمل نقاطا مهمة لحل الأزمة الليبية والبدء في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية والشروع في الدخول إلى عملية ديمقراطية شاملة تنهي حالة الـ"اللاشرعية" التي تهدد عددا من الكيانات الليبية، وفي مقدمتها المجلس الرئاسي الليبي، والمجلس الأعلى للدولة الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان الإرهابية في البلاد، وهو ما دفع فرنسا للدعوة إلى إجراء انتخابات عامة في البلاد 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
الدعوة إلى إجراء انتخابات في ليبيا قرار حكيم ومهم في توقيت حساس تعيشه البلاد، إلا أنها لم تحقق أمنيات الشعب الليبي في الوصول إلى أولى خطوات الديمقراطية، فالمبادرة الفرنسية لم تقدم أي ضمانات كافية لإجراء الانتخابات في ليبيا، وهو ما يهدد العملية السياسية برمتها ويدفع بليبيا نحو مستنقع الصراعات المسلحة.
واكتفى بيان باريس بالتلويح بالعقوبات الدولية لأي من الأطراف الليبية التي تعرقل العملية الانتخابية، دون الخوض في تفاصيل مهمة حول العملية الانتخابية وأبرزها قبول الأطراف بمخرجات العملية الديمقراطية في البلاد، فعلى سبيل المثال لو ترشح القائد العام للجيش الليبي للانتخابات الرئاسية وفاز بمنصب الرئاسة هل ستقبل القوى الليبية في المنطقة الغربية وتحديدا مصراتة وطرابلس بمخرجات العملية الانتخابية؟ وفي حال نجحت شخصية محسوبة على النظام الليبي السابق هل ستقبل الكتائب والمليشيات المسلحة بنتيجة الانتخابات؟ أسئلة عديدة تحتاج لإجابات واضحة ومحددة من فرنسا التي تحركت لطرح مبادرتها لحل الأزمة الليبية خلال العام الجاري.
وأكد بيان باريس أن "القوى الأمنية" الليبية المسئولة عن تأمين العملية الانتخابية في البلاد، دون توضيح هويتها، هل يقصد البيان الجيش الوطني الليبي؟ وهل مصطلح القوى الأمنية يعني أن المليشيات المسلحة والكتائب التي تعمل خارج سلطة الدولة من القوى الأمنية؟ وهل تحتاج العملية الانتخابية إلى قوات أممية أو عربية لتأمين عملية الانتخابات؟ أسئلة مطروحة للنقاش في أروقة الساسة والمسئولين الليبيين في الوقت الراهن.
وتسببت مقاطعة بعض الأطراف الفاعلة في المنطقة الغربية وتحديدا مصراتة وطرابلس لاجتماع باريس في إضعاف المؤتمر المهم والحاسم، وبات تنفيذ بيان باريس في المنطقة الغربية دربا من دروب الخيال، لأن الأطراف الليبية في مصراتة وطرابلس هي المهيمنة والمسيطرة فعليا على الأرض، وتتحكم بشكل كبير في القرارات التي تصدر عن قوى وكيانات سياسية في المنطقة الغربية لليبيا، خلافا للمنطقة الشرقية التي تمتلك كيانات مؤسساتية قادرة على الوفاء بأية التزامات أو تفاهمات مع الأطراف الأخرى الفاعلة في المشهد السياسي الليبي.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز