تمثال عروس بيروت.. من ركام الانفجار المشؤوم تحية لضحايا المأساة
بيروت تنفض عنها الركام وتعود عروس مرتدية التاج رغم كل الجروح والندوب التي خلفها انفجار الرابع من أغسطس/آب الماضي.
تلك هي فكرة النصب التذكاري الذي نحته بكل إتقان المهندس هاني تبشراني، بإشراف شقيقه المهندس حبيب تبشراني.
قبيل الذكرى السنوية لليوم المشؤوم ارتفع النصب التذكاري في شارع باستور في منطقة الجميزة القريبة من مرفأ بيروت، التمثال كما قال هاني تبشراني لـ"العين الإخبارية" مصنوع من الردميات التي خلفها الانفجار، أما التاج الذي يكلل رأس العروس فمن الزجاج الذي تطاير في المكان".
وأضاف: "الفكرة من التمثال التأكيد أنه رغم هول الانفجار وما خلفه من خسائر في الأرواح والممتلكات، فإن بيروت عصية على الكسر وكما في كل مرة تثبت أنها أقوى من أن تهزم، من هنا خرجت من تحت الرماد، ووصلت إلى الكمال حيث لا خدوش على وجهها على الرغم كل الجروح التي أصابت جسدها".
وبعد مرور أسبوع على انفجار بيروت بدأ الشقيقان مشروع إنجاز النصب التذكاري "عروس بيروت" وقال هاني تبشراني: "من بلدة بتغرين حيث نسكن قصدنا بيروت جمعنا الردم من مكان الانفجار لاسيما من شارع الجميزة الموازي للمرفأ كون له طابع أثري، شهر من العمل المتواصل لمدة تزيد عن الـ٩ ساعات يومياً استغرق إنجاز التمثال، أما محيطه فاستغرق إعداده أسبوعين".
والتمثال كما قال حبيب تبشراني لـ"العين الإخبارية" عبارة عن جدران مرتفعة لتدوين أسماء الضحايا، الذين لا أطلق عليهم شهداء كون الشهيد يقرر بإرادته أن يقاتل حتى الاستشهاد لكن من قتل في الانفجار لم يكن لديه نية الموت".
وأضاف: "تركت مسافة بين الجدران التي أطلقت عليها جدران الموت كي يتمكن أهالي الضحايا من العبور والوصول إلى التمثال لإضاءة الشموع ووضع الزهور، والى الآن لم ننته من تركيبه، إذ يبقى علينا إنجاز الرصيف والأشجار التي تحيط به".
وعن وجه العروس في التمثال شرح هاني تبشراني: "هو يشبه وجه حبيبتي التي اتصلت بي لحظة وقوع الانفجار، مذهولة ومرعوبة والدموع تخنق صوتها، وكوني سمعت دوي الانفجار في بلدتي البعيدة عن بيروت خشيت عليها من الموت، وبعدما قصدت العاصمة وساعدت في إزالة الركام".
وتابع: "أبهرني تكاتف فتيات لبنان وبيروت على وجه التحديد اللواتي حضرن إلى المكان، يداً بيد تساعد لإزالة مشهد الدمار الذي خلفه ثاني أكبر انفجار في العالم، شعرت كم أن رغبتهن في الحياة أقوى من كل محاولات تدمير وطنهم على يد الفاسدين، فنحن كلبنانيين لا نعطي أهمية للماضي ووجعه دائماً نعمل على شق طريق المستقبل".
وعن كيفية اختيار هاني تبشراني (الذي يهوى النحت، كونه ابن النحات والمهندس سيمون تبشراني الذي نحت أكبر جرس في العالم) مكان وضع النصب التذكاري أجاب: "اخترنا شارع باستور في الجميزة كونه الأقرب للمرفأ، ولا يشهد زحمة سير، وهو معروف بأنه شارع تراثي وسياحي".
ومعظم ما دمر خلال الانفجار كما قال حبيب تبشراني: "أعيد ترميمه، وبيروت عادت تقريباً كما كانت، وسيبقى التمثال شاهداً على ما طال العاصمة من دمار تعجز عن وصفه الكلمات، وسيذّكر الجميع بالضحايا الذين ارتقوا في ذلك اليوم الدموي".
هكذا هي بيروت، دائما تنتفض على الجراح وكطائر الفينيق تحلق من جديد.