انبعاثات الميثان القوية.. مطالب بتركيز الانتباه عليها في «COP28»
غالبا ما تدور محادثات المناخ حول الحد من أخطر غازات الدفيئة ثاني أكسيد الكربون.
ولكن من المرجح أيضا أن تكون الانبعاثات القوية الأخرى المسببة للاحتباس الحراري -الميثان- في مرمى المفاوضين في الاجتماع الحاسم لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي COP28، الذي يبدأ يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
- انبعاثات الميثان تُشعل حرارة الأرض.. هل تنجح جهود المناخ للحد منها؟
- إنشاء تحول عالمي للطاقة يشمل دول الجنوب.. فرصة فريدة بـCOP28
ويعد غاز الميثان، غاز قوي، ولكنه قصير الأمد نسبيا، هدفا رئيسيا للبلدان الراغبة في خفض الانبعاثات بسرعة وإبطاء تغير المناخ.
ويرجع ذلك بشكل خاص إلى أن كميات كبيرة من غاز الميثان تتسرب ببساطة إلى الغلاف الجوي من البنية التحتية للوقود الأحفوري.
ما هو الميثان؟
يوجد الميثان الموجود في الغلاف الجوي (CH4) بكثرة في الطبيعة باعتباره المكون الأساسي للغاز الطبيعي، وهو ثاني أكبر مساهم في تغير المناخ، وهو ما يمثل حوالي 16% من تأثير الاحترار.
ويبقى الميثان في الغلاف الجوي لمدة 10 سنوات فقط، لكن تأثيره الاحتراري أقوى بكثير من تأثير ثاني أكسيد الكربون، فتأثيره الحراري أكبر بنحو 28 مرة من تأثير ثاني أكسيد الكربون على مدى فترة زمنية مدتها 100 عام (و80 مرة على مدى عشرين عاما).
ولا تزال كمية الميثان المنبعثة في الغلاف الجوي تخضع "لقدر كبير من عدم اليقين"، وفقا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، على الرغم من التقدم في مراقبة الانبعاثات من خلال استخدام الأقمار الصناعية.
ويحتار العلماء بشأن الزيادة المطردة في نسبة غاز الميثان في الغلاف الجوي، حيث تجاوزت تركيزاته حاليا مستويات ما قبل الصناعة بأكثر من مرتين ونصف.
تسرب الغاز وتجشؤ البقر
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن غالبية انبعاثات الميثان، حوالي 60%، مرتبطة بالنشاط البشري، في حين أن حوالي 40% تأتي من مصادر طبيعية، خاصة الأراضي الرطبة.
والزراعة هي المذنب الأكبر فهي مسؤولة عما يقرب من ربع الانبعاثات، ويأتي معظم ذلك من الماشية، حيث تطلق الأبقار والأغنام غاز الميثان في أثناء عملية الهضم وفي روثها، ومن زراعة الأرز، حيث تخلق الحقول المغمورة بالمياه ظروفا مثالية للبكتيريا التي ينبعث منها الميثان.
ويعد قطاع الطاقة -الفحم والنفط والغاز- ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان التي يسببها الإنسان، كما يتسرب غاز الميثان من البنية التحتية للطاقة، مثل خطوط أنابيب الغاز، ومن الإطلاقات المتعمدة أثناء الصيانة.
كما تطلق النفايات المنزلية المهملة كميات كبيرة من غاز الميثان عندما تتحلل، إذا تركت لتتعفن في مدافن النفايات.
ماذا يمكن أن يفعل؟
ويقدر تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية أن التخفيضات السريعة في انبعاثات غاز الميثان المرتبطة بقطاع الوقود الأحفوري من الممكن أن تمنع ما يصل إلى 0.1 درجة مئوية من الانحباس الحراري بحلول منتصف القرن.
وقال مؤلفو التقرير إن هذا قد يبدو بمثابة تخفيض متواضع، لكن مثل هذا التخفيض سيكون له تأثير أكبر من "إبعاد جميع السيارات والشاحنات في العالم عن الطرق على الفور".
ووصفه فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، بأنه "أحد أفضل الخيارات وأقلها تكلفة" للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال إصلاح البنية التحتية المتسربة والقضاء على الحرق والتنفيس الروتيني في أثناء صيانة خطوط الأنابيب.
ويقول مدير برنامج الطاقة ويليام جيليت في الأكاديميات الأوروبية للعلوم في تصريحات لوكالة "فرنس برس" إن "التسرب المرتفع للغاية في العديد من المناطق التي يتم فيها استخراج الغاز الطبيعي، يسهم بنسبة كبيرة، لكن بعض البلدان، ولا سيما النرويج، أظهرت أنه من الممكن استخراج وتوريد الغاز الطبيعي مع الحد الأدنى من مستويات التسرب".
وفي حال الزراعة من الممكن تعديل النظام الغذائي للحيوانات، على سبيل المثال عن طريق إضافة مركب لتحسين صحتها وصحة الكوكب.
وبالنسبة لحقول الأرز فإن التغييرات في إدارة المياه هي الطريقة "الواعدة" للحد من الانبعاثات، وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة.
اتفاق ملزم
تم إطلاق "التعهد العالمي لغاز الميثان" المشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في عام 2021، بهدف تقليل انبعاثات غاز الميثان في جميع أنحاء العالم بنسبة 30% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2020.
ووقعت نحو 150 دولة على المعاهدة، لكن الصين والهند وروسيا كانت غائبة بشكل ملحوظ.
ويقول جيليت: "لإبطاء تغير المناخ سيكون من الأهمية بمكان أن يلتزم أهم اللاعبين الذين لم ينضموا حتى الآن بهذا التعهد".
كما تفتقر المبادرات التطوعية مثل هذه إلى تدابير صارمة لمحاسبة البلدان، ودعا علماء المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية مؤتمرَ الأطراف الثامن والعشرين COP28 إلى الاتفاق على "تعزيز كبير" لتعهد غاز الميثان، مع هدف رسمي لخفض غاز الميثان بنحو 60%، بما يتماشى مع لوائح الاتحاد الأوروبي الأخيرة.
وأضافوا أنه إذا حدث مثل هذا الالتزام العالمي في محادثات المناخ في دبي في وقت لاحق من هذا الشهر، سيشكل ذلك "نجاحا كبيرا".
وأعلنت الولايات المتحدة والصين أنهما ستدرجان غاز الميثان في خطط عملهما المناخية، وكشفت بكين عن خطة للسيطرة على انبعاثاتها، على الرغم من عدم وجود هدف كمي.
وقال بايفورد تساند من مركز أبحاث المناخ (E3G) إن "خطة الصين هي خطوة حاسمة إلى الأمام في معالجة أحد الغازات الدفيئة الرئيسية في البلاد، والتي تمثل 10% من إجمالي الانبعاثات في البلاد".
وأضاف "لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتقييم ما إذا كانت الخطة يمكن أن تحقق "تأثيرا كبيرا" في غياب أي أهداف محددة لخفض الانبعاثات.
واقترحت شركات النفط والغاز العملاقة أيضا التزامات، بما في ذلك مبادرة النفط والغاز للمناخ، والتي تهدف إلى خفض الانبعاثات من أنشطتها إلى الصفر بحلول عام 2030.
aXA6IDE4LjExNi4xNC40OCA= جزيرة ام اند امز