هل حان الوقت القيّم لتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؟
تساؤل يطرح نفسه بين يدي المشهد الآني، لا سيما في ظل النيّات الواضحة والفاضحة لمكنونات صدر هذه المليشيا، التي تراهن على الإرهاب كأداة لإنهاء صراعاتها مع الشعب اليمني بداية، ومع جيرانها الإقليميين تاليا.
لم يعد الوقت الراهن يحتمل مراهنات أمريكية جديدة على المقاربات الدبلوماسية مع الحوثيين، فقد فشلت محاولة الرئيس "بايدن" طوال عام كامل، ذلك بعد أن آمن الرجل بأن مدّ غصن الزيتون إلى إيران من خلال رفع اسم "الحوثي" من قوائم الجماعات الإرهابية، للتمهيد لعقد صفقة كبرى مع طهران، سيدفع "الملالي" في طريق جادة الصواب.. هل يكفي الرئيس "بايدن" القول بأنه "يعيد النظر" في موقفه من مليشيا الحوثي الإرهابية؟
يبقى المطلوب من الإدارة الديمقراطية الحالية هو سرعة توصيف الحوثي كواحدة من كبريات قوى الشر الإرهابية في حاضرات أيامنا، ثم العودة إلى مساندة مسار قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، في معركتها ضد الحوثيين الانقلابيين، وذلك لإعادة الاعتبار للسلطات الشرعية في البلاد.
هل من عواقب تقف في طريق قرار أمريكي حاسم حازم دفعة واحدة؟
الخطيئة الكبرى والأصلية في أركان الحزب الديمقراطي اليوم تتمثل في الدور الضار الذي يقوم به الجناح اليساري من الديمقراطيين، والذين يضغطون على الرئيس "بايدن" كي لا يُدرج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية.
حجة هذا التيار واهية، وذريعته ضعيفة إلى حد الانعدام، والقول بأن عدم فرض عقوبات على الحوثيين سببه "الخوف من تأثر المساعدات الإنسانية لبقية اليمنيين" هو قول "يُراد به باطل"، ذلك أن استمرار سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة على سبيل المثال أمر يكفل لهم الدعم اللوجستي لاستمرار إرهابهم وللسطو على مساعدات نحو ثلثي الشعب اليمني، ناهيك بتحويل الميناء إلى بؤرة إجرامية حاضنة للأسلحة المهربة من إيران.
لعل عاما كاملا من محاولة الرئيس "بايدن" كافٍ لأن تكون طبيعة الحوثي الإرهابي باديةً على حقيقتها، ذلك أنه كلما سيطرت مليشيات الحوثي على مساحات أوسع زادت فرص المأساة اليمنية الإنسانية من جهة، وتهددت المنطقة والإقليم وأمن وتجارة العالم بمزيد من المخاطر.
في واقع الأمر، إن الأصوات الأمريكية المطالبة بإعادة الحوثي إلى خانة الإرهاب الدولي ربما هي أكثر من نظيرتها على الجانب العربي أو الخليجي.
فقبل بضعة أيام، كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقول: "في الوقت الذي تكرر فيه إدارة بايدن تمسكها بالدبلوماسية في سياستها الخارجية، يرد خصوم واشنطن بالدفع بمصالحهم عن طريق القوة، كما هي الحال مع الحوثيين".
أما النائب الجمهوري، دون بيكون، وهو أحد الذين يفهمون حقيقة المشهد في اليمن، فيصرح بأن: "حدة الهجمات الحوثية قد تضاعفت منذ أزال الرئيس بايدن هذه المنظمة المدعومة من إيران من قائمة المنظمات الإرهابية.. علينا إعادة وضع الحوثيين على القائمة مجددا ومنع إيران من إرسال الأسلحة إلى اليمن".
لم يتعلم الرئيس "بايدن" الدرس من تجربة باراك أوباما، ذلك أن الاتفاق سيئ السمعة مع إيران في 2015، لم يؤد إلى تراجع إيران عن دعم وكلاء حروبها من الجماعات المليشياوية في المنطقة، وإرهابها المتنامي، وبخاصة بعد أن توافرت لها مليارات الدولارات، التي كانت مجمدة في الداخل الأمريكي.
يتكرر المشهد من جديد في اليمن، إذ إن رفع اسم الحوثي من قائمة الإرهاب قاد هذه المليشيا إلى التصعيد، والذي يُتوقع له الاستمرار في قادم الأيام.
الجزئية المحورية في هذه السطور تتمثل في استيفاء الحوثي الشروط والمعايير القانونية لتسميته رسميا بالإرهابي، فعطفا على أن هذه المليشيا وجهت صواريخها الباليستية إلى الأعيان المدنية في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن للمرء أن يضيف جرائمها، التي تجعل منها منظمة تنخرط في نشاط إرهابي يهدد المصالح والمواطنين الأمريكيين، عطفا على تهديدات الشحن والملاحة الدولية.
لا يمكن لإدارة الرئيس "بايدن" أن تُحاجج بالقول إنها "لا تريد التورط في اليمن"، فهذا قول يعود بنا إلى فلسفة الرئيس السابق باراك أوباما، والمعروفة باسم "القيادة من وراء الكواليس"، تلك التي أدت إلى تفاقم أزمات الإرهاب في سوريا واليمن وغيرهما، وإلى تدهور الأوضاع في لبنان، وتجلّي سماسرة الحروب شرق أوسطيا.
لا يمكن لإدارة الرئيس "بايدن" أن تخلط أوراق مكافحة الإرهاب مع أوراق تقديم المساعدات الإنسانية لليمنيين، ولا يمكن للأمم المتحدة التذرُّعُ بأن إعادة توصيف الحوثيين كجماعة إرهابية "تغلق الباب أمام إمكانية تسوية سلمية في اليمن"، فهذا قول يساوي الظالم بالمظلوم.. الإرهابي بالمواطن.
الطريق الوحيد لخروج اليمن من أزمته يتمثل في دعم الشرعية الدولية من خلال الجماعة الوطنية، التي لا تدور في الدوائر المؤدلجة إيرانيا.. لذا على إدارة الرئيس "بايدن" سرعة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، لأن "الوقت القيّم" كما يقول علماء النفس، والذي تعظم فيه المصلحة والفائدة، هو الآن دون تلكؤ.. فالانتظار ليس في صالح الأمن القومي الأمريكي أول الأمر وآخره.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة