استلمتم تركة ثقيلة مليئة بالفساد والسرقة والنهب الممنهج طوال ثلاثة عقود مرت عجافا على أرض السمر
التواضع يخلق الاحترام، وصفة يمتلكها أصحاب النفوس الكبيرة، فعندما تكون في قمة هرم السلطة يجب أن تكون متواضعاً لتحظى باحترام وتقدير الجميع.
استلمتم تركة ثقيلة مليئة بالفساد والسرقة والنهب الممنهج طوال ثلاثة عقود مرت عجافا على أرض السمر، لذا سرعة عملكم في هذا التوقيت توثق أفعالكم وتقطع دابر كل مرجف وخائن لوطنه وشعبه وتمنع المجرمين من الهروب، وتدليس الحقائق والوثائق
طوال 3 عقود مضت بخيرها وشرها لم يلتقِ أي سوداني مغترب أو مهاجر برئيسه ليتحاور معه ويتعرف على مشاكله أو ليستمع إلى احتياجاته وما معاناته في غربته التي فرضها عليه الوضع القاسي والصعب الذي خلقته الإنقاذ، والتي حرصت على عقد اللقاءات مع عضويتها من حزب المؤتمر الوطني، وهم من هجروا أبناء السودان في كل بقاع الأرض.
في عهد الرئيس السابق لن تستطيع الاقتراب من أي وزير ولا مسؤول؛ لأنه سيطاح بك "أرضاً" على أيدي حراسه ومرافقيه من جهاز الأمن، ومن ثم يزج بك في الغرف المظلمة لتنال نصيبك من التعذيب في أحد مباني جهاز الأمن الفارهة، التي تخافها منذ نعومة أظفارك وتتمنى ألا تقترب منها ولا تدخلها لتحظى بالضيافة الفاخرة من قبل "الأمن" لتكن إما "سعيد الحظ" وتخرج ببعض الكدمات والإصابات، وتحمد الله أنك خرجت حياً، أو أن تصبح من المفقودين لعدة سنوات ومجهول الهوية، أو تموت من شدة التعذيب ويترحم عليك أهلك وذويك، لمجرد الاقتراب من وزير أو مسؤول.
لكن هذا العهد قد ولّى وانتهى، فقد حرص معالي الدكتور عبدالله حمدوك على عقد لقاءات مع السودانيين في المهجر، ليقترب منهم ويتعرف على مشاكلهم ويستمع إلى أفكارهم، ويتبادل معهم أطراف الحديث لنهضة وتعمير السودان، هذه اللقاءات أعادت الروح للمغتربين، وأخرجت ما في قلوبهم من كبت سنوات القهر والحرمان، ومرارة بُعدهم وهجرتهم عن وطنهم.
خلال جولاته التقى كل الأطياف السودانية كبيرها وصغيرها، واستمع لهم وناقشهم وتبادل معهم أطراف الحديث وأجاب على تساؤلاتهم، واستمع إلى أفكارهم ومبادراتهم واقتراحاتهم، طرح "المغتربون" العديد من القضايا التي تحتاج إلى إصلاح في السودان، وكانت الأولوية للقضايا الداخلية التي تهم المواطن السوداني.
بعد كل هذه اللقاءات والجولات يعرف معالي رئيس مجلس الوزراء وجميع وزراء الحكومة الانتقالية، أن الثوار "يترقبون" تحركاتكم والشعب ينتظر إنجازاتكم ويتابع خطواتكم وأفعالكم، التي ستقود إلى تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي والتعليمي والصحي، بما ينعكس إيجابا على المواطن السوداني.
الشعب هو من فوض قوى الحرية والتغيير لاختيار كفاءات تقود المرحلة الانتقالية، وأنتم من الكفاءات المتميزة والمشهود لها، وبتوافق قادة الحرية والتغيير تم اختياركم لرئاسة وزراء الحكومة الانتقالية، وقد قمت باختيار وزراء حكومتك لقيادة هذه الفترة الحرجة من عمر السودان وتوافق الجميع على أنكم رجال المرحلة، لذا كونوا على قدر المسؤولية التي منحكم لها الشعب السوداني والثوار.
الشعب يرغب في رؤية خططكم ونظرتكم للمرحلة الانتقالية وبلورتها على أرض الواقع، دون الارتهان أو انتظار توجيهات قوى الحرية والتغيير؛ لأنكم أبناء السودان وتعرفون بواطن الأمور وخفايا الأحداث، لذا شمروا السواعد وابدأوا في الأفعال، فلا يوجد وقت ليهدر على حساب أروح الشهداء وضياع حقوقهم، وانتشال الاقتصاد السوداني الضعيف ومجابهة الغلاء الفاحش في الأسعار، وتدهور الصحة والتعليم.
لا بد أن تعملوا على تحقيق غاية الثورة السودانية، التي في مقدمتها قضية السلام وإيقاف الحرب وإعادة هيبة الدولة السودانية.
استلمتم تركة ثقيلة مليئة بالفساد والسرقة والنهب الممنهج طوال ثلاثة عقود مرت عجافا على أرض السمر، لذا سرعة عملكم في هذا التوقيت توثق أفعالكم وتقطع دابر كل مرجف وخائن لوطنه وشعبه، وتمنع المجرمين من الهروب، وتدليس الحقائق والوثائق.
الشعب يريد "بيانا بالعمل"، لذا أعرضوا خططكم وشاركوا أفكاركم ومبادراتكم مع الشعب، الذي وثق فيكم ومنحكم فرصة لكتابة اسمكم بأحرف من ذهب في تاريخ النضال السوداني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة