استنهاض السلام في السودان.. اتفاق جوبا "مسار إجباري"
مؤتمر سوداني يأتي في إطار المرحلة النهائية للعملية السياسية، ينشد وضع خريطة طريق تجتث ألغام التحديات وتجسد التسوية السياسية.
ولليوم الثاني على التوالي، تتواصل بالعاصمة السودانية الخرطوم، أعمال مؤتمر "اتفاق جوبا للسلام" في السودان، برعاية الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).
ويشارك المئات بالمؤتمر الذي تستمر أعماله حتى الجمعة، وسط آمال متجددة بوضع حد لأزمة السودان، والسير نحو بناء دولة ديمقراطية على أسس السلام والعدالة.
وفي 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية في السودان بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري" المبرم في 5 ديسمبر/ كانون الأول المنقضي بين العسكريين والمدنيين، بهدف التوصل لاتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وكان من المقرر أن يمضي السودان في مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/آب 2019، وتنتهي بانتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.
لكن السودان دخل في أزمة جديدة عقب قرارات أصدرها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قضت بحل مجلسي السيادة والوزراء.
والسلام يعد من قضايا الاتفاق النهائي التي اتفقت عليها الأطراف المدنية والعسكرية بموجب اتفاقية السلام الموقعة بجوبا عاصمة جنوب السودان في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
تحديات
وأمس الثلاثاء، افتتح مؤتمر تقييم اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام بحضور أطراف الاتفاق الإطاري وفاعلين دوليين، وسط مقاطعة حركات رئيسية في الاتفاق.
ومن المقاطعين الرئيسيين حركة تحرير السودان بقيادة مناوي وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، بالإضافة إلى حركات تمازج والجبهة الشعبية للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داوود التي تمثل أحد أطراف مسار شرق السودان بالاتفاق.
وفي كلمته أمام المؤتمر. جدد رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان، فولكر بيرتس "التزام الآلية الثلاثية بدعم الاتفاق الإطاري، وصولا لحل نهائي للأزمة السياسية في البلاد".
وقال بيرتس إن بعثة الأمم المتحدة "موجودة بناء على رغبة الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري من المكونين المدني والعسكري لتيسير العملية السياسية النهائية".
وأعرب المسؤول الأممي عن أسفه لغياب "أطراف رئيسية" موقعة على اتفاق جوبا للسلام عن مؤتمر التقييم، قائلا: "يؤسفني أن بعض الموقعين على اتفاق جوبا لسلام السودان غير متواجدين حاليا، ولكن الآلية الثلاثية ستظل تبحث في التحاق هؤلاء وصولًا إلى اتفاق مشترك".
من جانبه، طالب عضو مجلس السيادة الطاهر حجر، في كلمته بالمؤتمر نفسه، بضرورة وضع خارطة طريق، مشيرا إلى أهمية الوصول إلى توصيات لتفعيل آليات ووسائل لدعم السلام في السودان والنظر إليه بـ"شمولية" لحسن إدارة التنوع.
وأوضح حجر أن اتفاق جوبا قدم تشريحا للأزمة السودانية وناقش قضايا "لم تكن من قبل محل نقاش" مثل الهوية والتعدد والعدالة وإنصاف ضحايا الحروب، معربا عن أمله في أن تلتحق بقية الحركات بالاتفاق الإطاري.
وكشف حجر عن تحديات قال إنها عرقلت تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، منها الانقسام السياسي بين شركاء الفترة الانتقالية والوضع الاقتصادي وإحجام المانحين الدوليين عن دعم تنفيذ اتفاق السلام.
"الترويكا" ترحب
بصفتها شاهدة على اتفاقية جوبا للسلام، رحبت دول “الترويكا” (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية) بانطلاق المؤتمر، مشيرة في بيان إلى أن الفعالية تضم نساء وشبابا وممثلين من جميع أنحاء السودان للمشاركة في نقاش حول "قضية مهمة لمستقبل السودان".
وشدد بيان “الترويكا” على أن تنفيذ اتفاق جوبا للسلام يختزل "أهمية خاصة" للمجتمعات خارج الخرطوم المتضررة لعقود من الصراع.
كما أشار إلى أن ورشة اتفاقية جوبا للسلام ستركز على كيفية “التنفيذ الفعال” للاتفاقية، مضيفا: “نفهم أن هذا الحوار يرحب بالموقعين وغير الموقعين على اتفاقية جوبا للسلام على حد سواء”.
وبحسب البيان، فإن البعض ممن وصفهم بـ“أصحاب المصلحة المهمين“ في هذه العملية اختاروا عدم المشاركة في الورشة، مؤكدا في الآن نفسه أن الباب “ما يزال مفتوحاً للمشاركة في العملية السياسية“.