تمرة وماء وكِسرة حب.. حزام البقاء يشد بطون السودانيين
صراعٌ يائسٌ من أجل البقاء يخوضه سودانيون رفضوا مغادرة الخرطوم تحت نيران المعارك، وسلاحهم لشد البطون تمرة وماء وكِسرة حب للوطن.
على ضفاف النيل الأبيض بالخرطوم، سودانيون يحفرون ثقوبا صغيرة على الشاطئ للحصول على المياه النقية، تروي ظمأ طال أمده، مع تواصل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الـ٢٧ على التوالي.
فمنذ اندلاع القتال في السودان في الـ15 من أبريل/نيسان الماضي، يقول أحد سكان الخرطوم لوكالة رويترز، إنه ووالده لم يغادرا منزلهما ويعتقد أنهما هما المدنيان الوحيدان في الحي.
وعلى الهاتف من العاصمة التي تحاصرها نيران المعارك، تحدث عمر عن يومياتهما التي تقتصر على تناول وجبة واحدة في اليوم، على أمل أن تستمر إمداداتهما الغذائية المتضائلة لمدة شهر أطول.
مضيفا "بعد ذلك، لا نعرف ماذا سنفعل سوى البقاء على قيد الحياة على الماء والتمر".
عمر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته بالكامل خوفا على سلامته، روى أنه "بينما فر آخرون فقد مكثا في الخرطوم في منطقة بالقرب من المطار، حيث كان هناك قتال عنيف، لأنهم لم يرغبوا في مغادرة منزلهم".
روايةٌ تكشف مدى الوضع اليائس الذي يواجهه ملايين الأشخاص الذين ما زال يُعتقد أنهم موجودون في الخرطوم منذ أربعة أسابيع.
وفي حين فرّ عشرات الآلاف من العاصمة التي كان عدد سكانها قبل اندلاع الصراع حوالي 10 ملايين، بقي معظمهم في أماكنهم، بعضهم بسبب تعلقه بالأرض، والبعض الآخر بسبب خطورة أو تكلفة المغادرة أو للاحتفاظ بمنازلهم من السيطرة عليها أو نهبها.
لكن هؤلاء يواجهون تضاؤلا في الإمدادات الغذائية وانقطاعا للتيار الكهربائي ونقصا في المياه واتصالات غير مكتملة.
انزلاق ملايين للجوع
وتقول الأمم المتحدة التي حذرت من وقوع كارثة إنسانية كبرى في السودان، إنها تعمل على التفاوض بشأن وصول المساعدات بشكل آمن إلى الخرطوم.
أما برنامج الغذاء العالمي فحذر من انزلاق 2.5 مليون شخص في السودان إلى الجوع.
يُذكر أنه قبل بدء أعمال العنف كان ملايين الأشخاص في السودان والدول المجاورة يعتمدون على المساعدات بسبب الفقر والصراع.
وتزامنا مع المعارك على الأرض تستمر محادثات الفرقاء في جدة، على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية.
لكن القتال استمر في الخرطوم، حيث يمكن رؤية طوابير طويلة أمام عدد محدود من المخابز التي لا تزال تعمل.
هاشم ، 35 عاما، صاحب أحد المخابز، كان سيغادر السودان لكنه لم يستطع لأنه فقد جواز سفره قبل بدء القتال.
يقول لرويترز إنه لم يتمكن من العثور على الأرز أو المعكرونة منذ أسبوع.
وأضاف "هناك من لا يملكون المال لجأوا إلى منازل جيرانهم المهجورة ويأخذون أي طعام يمكنهم العثور عليه". "كنت أعيش من مدخراتي الخاصة، لكن في النهاية سينفد ذلك".
حتى إن أصحاب الأموال كافحوا لإنفاقها، حيث جف النقد وتوقفت التطبيقات المصرفية التي يعتمد عليها الكثير من السودانيين عن العمل.