السودان واجتماع تشاد..بادرة أمل تزهر من "قمة القاهرة"
لا تهدأ الجهود الدبلوماسية لحلّ الأزمة السودانية، مع قرب إكمالها الشهر الرابع، لكن الأمل لا يزال قائما.
في هذا السياق تُعقد اليوم الأحد في العاصمة التشادية نجامينا، اجتماعات وزراء خارجية دول جوار السودان، وسط ترقب وتساؤل الخبراء ما الذي يمكن أن تقدمه مبادرة "جوار السودان"، ضمن الجهود الدبلوماسية المختلفة.
أهداف المبادرة
تهدف المبادرة إلى اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الراهنة، وفقاً للتكليف الصادر من قمة رؤساء دول وحكومات الدول المجاورة للسودان، والتي انعقدت بالقاهرة في الثالث عشر من الشهر الماضي، وشارك فيها قادة 7 دول أفريقية.
وقد أقرت تلك الدول والتي تضم: مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، خلال اجتماعها في القاهرة، آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشاركة، تتولى بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان، ووحدته وسلامة أراضيه والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار.
وقد كلفت القمة آلية الاتصال بوضع خطة عمل تنفيذية تتضمن حلولاً عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة في تكاملها مع الآليات القائمة، بما فيها منظمة "إيغاد" والاتحاد الأفريقي، وفق البيان الختامي للقمة.
وأعلنت وزارة الخارجية التشادية في بيان لها أمس السبت، عقد الاجتماع الأول للجنة وزراء خارجية دول الجوار للسودان، ولمدة يومين.
وأوضح البيان أن المهمة الرئيسية للاجتماع هي "اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الحالية التي وضعت البلاد على شفير حرب طاحنة خلفت آلاف القتلى، ونزوح وتشريد ملايين السودانيين"، إضافة إلى لفت انتباه الشركاء لتقديم استجابات عاجلة للأزمة الإنسانية المتزايدة.
وضع مقترحات
وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن وزير الخارجية المصري سامح شكري سيشارك في الاجتماع، موضحاً في بيان أن وزراء خارجية دول الجوار سوف يبحثون في اجتماعهم مختلف جوانب الأزمة السودانية، بكافة أبعادها الأمنية والسياسية والإنسانية، وتأثيراتها على الشعب السوداني وتداعياتها الإقليمية والدولية، بهدف وضع مقترحات عملية تمكن رؤساء الدول والحكومات المجاورة للسودان من التحرك الفعال للتوصل إلى حلول تضع نهاية للأزمة الحالية، وتحافظ على وحدة السودان وسلامته الإقليمية ومقدرات شعبه.
فرصة أكبر
يرى الخبراء أن مبادرة دول جوار السودان لديها فرصة، انطلاقا من أن دول جوار السودان المباشر هم الأكثر تأثيرا وتأثرا بما يحدث في السودان، وأن المبادرة وضعت إطارا في القاهرة في مؤتمر القمة على مستوى الرؤساء راعت فيه أخطاء المبادرات الأخرى في الحل، مؤكدة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية بالسودان والحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية.
وتحاول دول جوار السودان أن تنشئ آلية من وزراء الخارجية مهمتها رسم خارطة طريق عملية للحل، بالتوصل مع الطرفين لتحقيق توصيل الإغاثات بطريقة عملية.
ويرى الخبراء أن مبادرة دول الجوار تركز في المرحلة الأولى على جلب الإغاثات ومن ثم تأمين توصيلها للمواطنين، ووجود أماكن بديلة لاستجلاب المساعدات الدولية وإيصالها إلى دول الجوار أولا لتعذر وصولها للسودان في هذه الظروف، مع وضع خارطة طريق لكيفية وقف شامل لإطلاق النار يعقبه تفاوض سياسي يمهد لمرحلة انتقالية حقيقية لا تتعرض لأي هزات كما حدث في السابق.
خارطة طريق
يتوقع عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية أن تبدأ الآلية الوزارية لدول جوار السودان، بوضع خارطة طريق بلقاءات غير مباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع داخل السودان.
وقال ميرغني في حديث مع "العين الإخبارية": يجب أن ترسل آلية المبادرة وفدا إلى السودان يحاول أن يجتمع بمندوبي الطرفين ويستطلع رأيهما فيما يجب أن يتم من اتفاق أو حدود الاتفاق، الذي يمكن أن ينشأ بين الطرفين ولو بشكل إطاري.
وأضاف أن هذه هي الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية فهي دعوة الطرفين لمفاوضات مباشرة في القاهرة، في وقت يحدد بصورة عاجلة، حتى يمكن أن يكون هناك اتصال بين الخطوتين.
وذلك بدءا بخطوة الاتفاق الإطاري بين الطرفين ثم التفاصيل التي يمكن أن تنشأ بعد ذلك، كما أتوقع -يضيف الصحفي السوداني- أن تنشأ مفاوضات أخرى موازية لهذه المفاوضات العسكرية، تكون بين السياسيين فقط.
ويفسر الميرغني طرحه قائلا إن المفاوضات يجب أن تبحث في الوضع السياسي الذي هو سبب هذه الأزمة، وتحاول أن تشكل نوعا من الآليات لاختراق الوضع السياسي.
ولفت إلى أن القوى السياسية لو كانت جادة ستكون هذه المفاوضات بذرة لهياكل الحكم المتوقعة، التي يمكن أن تنشأ بعد الحرب، مستدركا شرط أن يتم تشكيلها الآن، ثم بعد ذلك تواصل عملها بصورة متصلة بعد الحرب حتى لا ينشأ فراغ عندما تنتهي الحرب.
ومضى إلى القول إذا كانت القوى السياسية جادة يمكن أن تبدأ هذه الاجتماعات داخل السودان بإشراف الآلية الوزارية لدول الجوار، مقترحا أن تكون منطقة أركويت في البحر الأحمر مكانا لهذا اللقاء السياسي، حتى تأخذ هذه الخطوة – وفق رؤية ميرغني- شكلا جادا أمام الشعب السوداني الذي سيكون داعما لمثل هذه الخطوة، عندما تكون داخل السودان لأنها تعطيه الأمل بإمكانية العودة سريعا.
ويدعو ميرغني إلى قوات رقابة على اتفاق وقف إطلاق النار، من دول الجوار وليس من قوات شرق أفريقيا التي تعتمدها مبادرة إيغاد، وبالتنسيق بين جوار السودان ومبادرة جدة، يمكن أن تضافر الجهود لحل الأزمة.
ضمانة إقليمية
مبارك أردول القيادي بقوى الحرية والتغيير ( الكتلة الديمقراطية) فيتوقع من جهته أن تضع اجتماعات وزراء خارجية دول جوار السودان مصفوفة واضحة فيما بين دول المبادرة، تعنى بوجهة نظرهم في معالجة الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية وإعادة الإعمار والعدالة والخروج بوجهة نظر موحدة تجاه الأزمة.
وقال أردول لـ"العين الإخبارية" إن دول الجوار يمكن أن تلعب دورا أكبر، متوقعا أن تقدم مبادرة قوية، لأن دول الجوار تأثروا بهذه الأزمة وأصبحوا طرفا فيها، وأنهم لم يتحركوا بدون مصالح خاصة، وأنهم يتحركون لأنهم متضررين.
وأردف قائلا لابد أن يكون التحرك مؤثرا، ويعتبر كضمانة إقليمية نجاحا في حد ذاته، سيضع حلولا لمعالجة الأزمة بالبلاد، لافتا إلى أنه من الضروري أن تنطلق هذه المصفوفة بشكل واضح وسريع,
وشدد على أنه يجب أن يدعم الاتحاد الأفريقي والإيغاد والاتحاد الأوروبي والترويكا والولايات المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن، وبقية الشركاء في العالم مبادرة دول الجوار، وأن يقفوا خلفها كمساندين حتى يحققوا السلام والاستقرار في السودان.
أردول يرى أن من النقاط الإيجابية في مبادرة دول الجوار في أنها أطراف أولية، وليس لديها أطماع ذاتية، وأنها تخاطب جذور الأزمة بشكل حقيقي.
في الأثناء يحاول كل من الجيش والدعم السريع بسط سيطرته على الأرض قبل الجلوس لأي تفاوض، وسط تضارب الأنباء حول تكثيف الجيش لضربات قوية لكسر شوكة "الدعم السريع"، في وقت تنفي فيه تلك القوات سيطرة الجيش على مجريات الأحداث.
aXA6IDE4LjIyNy4xMTEuMzAg جزيرة ام اند امز