"العين الإخبارية" في شوارع الخرطوم.. مرارة الصراع تفتك بالسودانيين
لا تزال الخرطوم، عاصمة السودان المنكوب، تستنشق البارود ودخان القصف في أزمة تراكم غيوم النقص بالخدمات الأساسية.
والخميس، اندلعت بالخرطوم اشتباكات جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تخللها استخدام للأسلحة الثقيلة والخفيفة مع تحليق مكثف للطيران الحربي.
- قمة دول الجوار بميزان محللين سودانيين: نجاح بانتظار خطوات عملية
- مدنيو السودان.. "أموات على حافة الحياة"
وأفاد شهود عيان لـ"العين الإخبارية" بأن الأحياء الجنوبية للمدينة شهدت اشتباكات عنيفة خاصة في مقر "سلاح المدرعات"، مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وطبقا للشهود، فإن المنطقة تعيش أوضاعا صعبة بسبب نقص الدواء والمياه والكهرباء والإنترنت، مع صعوبة الحركة داخل الأحياء السكنية.
وقال المواطن عبد الله أحمد: "تعيش أحياء الشجرة والرميلة والصحافة وجبرة، أوضاعا مأساوية جراء استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع".
وأشار أحمد، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الأحياء السكنية تعاني جراء نقص الكهرباء والمياه والدواء."
وأضاف: "نتمنى إيقاف الحرب وإحلال السلام، لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويعود الناس إلى ديارهم."
ووفق المصادر نفسها، فإن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة ما أدى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
ويقول المواطن ياسر عبد الله إن "منطقة شمال مدينة بحري تعيش أوضاعا صعبة بسبب استمرار الاشتباكات المسلحة".
ويضيف عبد الله في حديثه لـ"العين الإخبارية": "نعاني من الانقطاعات الطويلة في خدمات الكهرباء والمياه، والحياة قاسية"، معربا عن أمله بـ"استقرار الأوضاع لنعود إلى ممارسة حياتنا الطبيعية."
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا قصفا مدفعيا وتبادلا للنيران بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ووفقا للشهود، فإن الطيران العسكري حلق بكثافة في سماء المدينة، مع سماع أصوات مضادات الطيران التابعة لقوات الدعم السريع، مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
على الأرض
الجيش السوداني أعلن أن قواته قتلت 12 عنصرا من قوات "الدعم السريع" عند جسر "المك نمر: وسط الخرطوم.
وقال المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله في تسجيل صوتي نشرته صفحة الجيش عبر فيسبوك مساء الأربعاء: "تقوم قواتنا المسلحة بعمليات ناجحة تكبد المليشيا المتمردة (الدعم السريع) خسائر فادحة".
وأضاف: "استطاعت قواتنا تنفيذ عملية نوعية عند مدخل جسر الملك نمر (الرابط بين الخرطوم ومدينة بحري) وتمكنت من قتل 12 من قوات العدو (الدعم السريع) وتدمير 4 مركبات".
وأشار المتحدث إلى أن "القوات الجوية للجيش السوداني تقوم بتوجيه ضربات جوية على أماكن تجمعات الدعم السريع في جنوبي ووسط الخرطوم ومناطق أخرى بالعاصمة".
من جانبها، أعلنت قوات الدعم السريع، في بيان، مساء الأربعاء، أن "أشاوس الدعم السريع يأسرون عدد 40 فردا من قوات الانقلابيين لحظة هروبهم من سلاح الإشارة بحري."
وأمس، أعلنت قوات "الدعم السريع" استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة للتحقيق بشأن مزاعم انتهاك حقوق الإنسان.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين قائد ثاني قوات "الدعم السريع" عبدالرحيم حمدان دقلو والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي باميلا باتن، بحسب بيان للدعم السريع.
وأضاف البيان أن" قائد ثاني الدعم السريع، أعلن استعداده للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة للتحقيق بشأن أي مزاعم انتهاك لحقوق الإنسان".
فارون من النزاع
مع اشتداد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، مساء الأربعاء، أن الصراع في السودان أجبر ما يقرب من 4 ملايين شخص على الفرار من ديارهم خلال ما يزيد قليلاً عن 100 يوم.
وتشير أحدث البيانات الخاصة بالمنظمة إلى أن "الاشتباك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أدى إلى نزوح عدد هائل من الأشخاص، حيث لجأ أكثر من 926 ألف شخص إلى الخارج، وما مجموعه 3.02 مليون نازح داخليًا".
وجاء في بيان صادر عن المنظمة حول الوضع الإنساني في السودان أن "عمليات النزوح وقعت في جميع ولايات السودان، البالغ عددها 18 ولاية".
أما المناطق ذات النسب الأعلى من النازحين فهي نهر النيل (15 في المئة)، والشمال (11 في المئة)، وشمال دارفور (9 في المئة)، والنيل الأبيض (9 في المئة)، حسب البيان نفسه.
وغالبية النازحين داخليًا من ولاية الخرطوم، وبلغت نسبتهم 71 في المئة، وفق المصدر نفسه.
وأكدت المنظمة الأممية أن "التقديرات الحالية لحالات النزوح على مدى الأيام الـ108 الماضية تفوق الإجمالي المسجل خلال السنوات الأربع المنقضية".
واستطردت أن الوصول إلى العديد من المناطق لا يزال مستحيلًا بسبب القتال، "ما يعني أن التقييمات الحالية استندت إلى تقارير، أو تقديرات أولية".
الأمن الغذائي
قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، إن أكثر من 20 مليون شخص بالسودان يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
جاء ذلك في بيان أصدرته المنظمة حول آخر توقعات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بالفترة بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول 2023.
وقالت المنظمة: "يعاني أكثر من 20.3 مليون شخص، يمثلون أكثر من 42 بالمئة من سكان السودان، من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد".
ومحذرة من أزمة الغذاء المتصاعدة في السودان، أضافت أنه "في ظل استمرار النزاع والتدهور الاقتصادي في البلاد، هناك حاجة ماسة إلى دعم إنساني عاجل ومكثف للمجتمعات الريفية".
وأشارت إلى أن الولايات الأكثر تضررا هي تلك التي تعاني من "النزاع النشط"، بما في ذلك الخرطوم (وسط) وجنوب وغرب كردفان (جنوب) ووسط وشرق وجنوب وغرب دارفور (غرب)، حيث "يواجه أكثر من نصف السكان الجوع الحاد".
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان قتالا في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما خلَّف آلاف القتلى، معظمهم مدنيون، وأكثر من 3 ملايين نازح ولاجئ في دول الجوار، فضلا عن تفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق الاشتباكات، وفقا لأرقام رسمية.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg
جزيرة ام اند امز