«إعلان نيروبي».. هل يطفئ لهيب حرب السودان؟
مع تصاعد وتيرة العنف والمعارك في السودان تحاول أطراف مدنية وعسكرية تفكيك المشهد المتأزم، وإعادة بناء فرصة للحل ووقف نزيف الدم.
فرئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، ورئيس حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور، وقعا السبت "إعلان نيروبي" من أجل وقف الحرب ومواجهة المخاطر التي تهدد البلاد.
وتقاتل حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، في إقليم دارفور "غرب"، وتسيطر على مساحة واسعة بمنطقة جبل مرة.
ونص الإعلان على العمل في المرحلة القادمة لمواجهة كل المخاطر التي تهدد السودان وإيجاد الحلول المستدامة لها.
واتفق حمدوك ونور على دعوة طرفي الصراع الحالي، الجيش وقوات الدعم السريع، للوقف الفوري لإطلاق النار، وحثهما على التعاون الجاد وبإرادة حقيقية، مع الجهود الإقليمية والدولية للخروج من الأزمة، بما في ذلك منبر جدة.
وبالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي عبداللطيف أبوبكر، فإن توقيع "إعلان نيروبي" خطوة في الاتجاه الصحيح، لوقف الحرب التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، وشردت الملايين داخليا وخارجيا.
وأوضح أبوبكر، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الإعلان جهد وطني خالص من أجل المعالجة الشاملة للأزمة السودانية، والمحافظة على البلاد التي أصبحت على المحك".
ويدعو الإعلان الأطراف المتحاربة إلى الالتزام التام بمسؤولياتها أمام القانون الدولي الإنساني عبر إزالة كافة المعوقات أمام العون الإنساني، والسماح بالعون عبر دول الجوار وعبر خطوط المواجهة، إذ تصل هذه المساعدات لكل المواطنين دون عوائق وتوفير الحماية لكل العاملين في الحقل الإنساني من منظمات دولية ومحلية.
تأسيس جيش قومي
الإعلان شدد على ضرورة تأسيس منظومة عسكرية وأمنية جديدة وفقا للمعايير المتفق عليها دوليا، تفضي إلى جيش مهني قومي واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية جديدة يلتزم بحماية الأمن الوطني وفقا للدستور، وأن يكون ولاؤه للوطن ويعبر تشكيله عن كل السودانيين وفقا لمعيار التعداد السكاني وينأى عن العمل السياسي والنشاط الاقتصادي بصورة كلية.
ونص الإعلان أيضا على تأسيس حكم مدني ديمقراطي فيدرالي في السودان، يضمن قيام الدولة المدنية، والمشاركة العادلة والمتساوية لجميع المواطنين في السلطة والثروة وتضمن حرية الدين والفكر، وضمان فصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة، ومعالجة تركة الانتهاكات الإنسانية من خلال العدالة والمحاسبة التاريخية.
الأكثر من ذلك، أكد الإعلان "ضرورة العمل من أجل المعالجة الشاملة للأزمات التراكمية عبر عملية تأسيسية ترتكز على مبادئ رئيسية أهمها: وحدة السودان شعبا وأرضا وسيادته على أراضيه وموارده، وأن تقوم وحدة السودان على أساس الوحدة الطوعية لشعوبه والحكم الديمقراطي اللامركزي".
ووفقا للإعلان، تلتزم الدولة بالتنوع التاريخي والمعاصر، على أن تكون الهوية السودانية التي لا تميز بين السودانيين بسبب العرق والدين واللون واللغة والجهة هي أساس المواطنة.
عقد مائدة مستديرة
وشدد الإعلان على ضرورة عقد مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بهذه المبادئ المضمنة في هذا الإعلان.
وتوجه حمدوك ونور بالنداء إلى الشعب السوداني للاصطفاف خلف الجهود الوطنية لوقف الحرب، ودعوتهم للوقوف ضد خطاب الكراهية والمساس بالوحدة واللحمة الوطنية والنسيج المجتمعي، وتفويت الفرصة على الدعوات الرامية إلى تمزيق وتفتيت الوطن بدلا عن مواجهة جذور الأزمة السودانية
وناشد الإعلان المجتمعين الإقليمي والدولي بممارسة الضغط على الأطراف المتحاربة ومضاعفة الجهود لوقف عاجل للحرب، والإسراع بالوقوف، وتقديم الدعم للشعب السوداني في مواجهة الكارثة الإنسانية.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب -أحد أفقر بلدان العالم- يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، نقصا حادا في الغذاء. وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا.
كما انهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان، وتقدر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.