جرس هاتف وطلقة بندقية.. السودان ينتظر الصوت الأعلى
فقد المجتمع الدولي وسائل التواصل مع طرفي الأزمة في السودان مع اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع على مدار 24 ساعة، لكن الهواتف عادت لتدق.
ورغم المناوشات الكلامية والتحرشات العسكرية خلال الأسبوع الماضي، مثلت الاشتباكات العنيفة في الخرطوم صدمة للمجتمع الدولي، لكن تحركاته ظلت محدودة مع عدم القدرة على الوصول لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ورأى المحلل السياسي، أمير بابكر، تحركات المجتمعين الإقليمي والدولي، اختراقا مهما لعودة طرفي المكون العسكري إلى طاولة التفاوض.
وقال بابكر لــ"العين الإخبارية"، "هذا اختراق مهم بعد إعادة تواصل الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية إيغاد) مع طرفي النزاع، بعد فشلها خلال 24 ساعة في ذلك (في إشارة ليوم السبت الماضي)."
وحققت الاتصالات تقدما مبشرا بموافقة الطرفين على هدنة لفتح ممر إنساني لإجلاء الحالات الإنسانية خلال 3 ساعات أمس الأحد.
وفي حرب شوارع وسط المدن تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والمقاتلات الحربية يتحدث السودانيون عن وضع إنساني مأساوي.
لكن اليوم الثالث للأزمة لم يحمل جديدا إذ ظلت المعارك دائرة في البلد الأفريقي ذي الثقل الجيوسياسي.
وتدخل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، فولكر بيرتس بقوة لوقف وتيرة العنف، واقترح وقف مؤقت للقتال للأغراض الإنسانية.
ومثل وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع، بحسب مراقبين بادرة أمل لفتح الطريق للعودة إلى المسار السياسي، والجلوس إلى مائدة التفاوض.
ودعا وزيرا الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، والبريطاني، جيمس كليفرلي، الإثنين، إلى "وقف فوري" لأعمال العنف في السودان والعودة إلى المحادثات.
وقال بلينكن على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع الذي انطلق، الأحد، في مدينة "كارويزاوا" السياحية وسط اليابان: "إن هناك وجهة نظر مشتركة لدى الحلفاء بضرورة وقف أعمال القتال فورا والعودة للمحادثات بالسودان".
كما قررت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) إرسال رؤساء كينيا ويليام روتو، وجنوب السودان سلفا كير، وجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، إلى السودان للتوفيق بين جماعات الصراع.
وقالت الرئاسة الكينية عبر تويتر، إن "إيغاد" قررت إرسال الرؤساء، روتو وكير وجيلي في أقرب وقت ممكن للتوفيق بين الجماعات المتصارعة" في السودان.
ومساء الأحد أعلن الاتحاد الأفريقي، أن رئيس مفوضيته موسى فكي محمد سيتوجه "على الفور" إلى السودان بهدف "إشراك الأطراف في وقف إطلاق النار".
كما دعا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، جميع الأطراف إلى وقف الحرب والعود إلى مسار الانتقال الذي بدأ قبل 3 سنوات ليظل السلام هو الخيار الوحيد المتاح للشعب السوداني لتفادي الانزلاق إلى الحرب الأهلية، وتفادي مآلات الحرب والوضع الكارثي.
وكان الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية، الذي انعقد الأحد، دعا إلى وقف فوري للقتال في السودان، عارضا الوساطة لحل الأزمة التي اندلعت إثر اشتباكات مسلحة.
كما أبلغ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بأهمية التهدئة والعودة إلى "الاتفاق الإطاري".
وقال المحلل السياسي أمير بابكر إن نجاح الآلية في إقناع الطرفين بهدنة إنسانية خطوة إيجابية، بعد يومين من القتال المستمر داخل العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وتابع، "نجاح التواصل بين الآلية وطرفي النزاع ونجاح خطوة الهدنة الإنسانية بالتأكيد يفتح الطريق أمام خطوات أخرى في طريق التهدئة والوصول إلى صيغة لوقف القتال. ومن الطبيعي أي نزاع مسلح نهايته الجلوس إلى طاولة التفاوض إذا لم يستطع أي طرف من المتنازعين فرض الأمر الواقع بالقوة".
من جهته، يقول المحلل السياسي، بشرى الصائم، إن الدعوة للتفاوض السياسي في الوقت الراهن خطوة في اتجاه الطريق الصحيح لوقف الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها في البلاد.
وذكر الصائم في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "على المجتمع الإقليمي والدولي أن يتدخل بقوة لوقف الحرب في السودان، وإجبار قيادة الجيش والدعم السريع بالرجوع إلى طاولة المفاوضات والمسار السياسي للوصول إلى اتفاق سلمي نهائي."
بدوره، قال الخبير العسكري، جلال تاور، إن المجتمعين الإقليمي والدولي، يريدان وقفا للقتال الدموي بين الجيش وقوات الدعم السريع وعدم إهدار المزيد من الدماء والعودة إلى مسار الحل السلمي.
وقال تاور في حديثه لــ"العين الإخبارية"، "حسب قيادة الجيش السوداني فإن الأولوية في الوقت الراهن تتمثل في استسلام قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، مع جميع قواته."
وأضاف، "الحل السلمي لن يكون في متناول الأيدي حاليا، دون الوقف الفوري للقتال، وفتح المسارات الإنسانية للحالات الطارئة."
وتبادل الجيش وقوات "الدعم السريع" اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كل منهما، فيما وصف الجيش "الدعم السريع" بـ"المتمردة"، في خلاف بدأ بتحريك الأخيرة لقواتها نحو عدة مدن سودانية دون إذن من قيادة المؤسسة العسكرية.
وكانت التوتر قد ساد العلاقة بين طرفي المكون العسكري نتيجة الخلافات حول عملية دمج قوات الدعم بالجيش.
وأدت هذه التوترات إلى تأخير التوصل إلى اتفاق مع الأحزاب السياسية لإعادة البلاد إلى عملية الانتقال إلى الديمقراطية رغم التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي أعاد البلاد لمسار الحل السياسي.