أزمة السودان.. خط اتصال مفتوح وسلام غائب
مع احتدام القتال في السودان بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني لليوم الثالث على التوالي، دخلت أطراف إقليمية ودولية على خط الأزمة، التي اجتاحت ثالث أكبر أفريقي.
إلا أن تلك المساعي لم تجد آذانًا صاغية حتى الآن من الأطراف التي ترد بشكل "إيجابي" على الاتصالات الهاتفية، بحسب المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس.
وقال المبعوث الأممي إلى السودان، في تصريحات للصحفيين في نيويورك، عبر رابط فيديو أمام مجلس الأمن الدولي، إن الطرفين المتحاربين "لا يعطيان انطباعا بأنهما يريدان وساطة من أجل سلام بينهما على الفور"، رغم أنهما "يردان بشكل إيجابي على اتصالاتي الهاتفية".
وطالب المبعوث الأممي إلى السودان الطرفين في السودان بوقف الأعمال العدائية على الفور، قائلا: "سنواصل بذل جهود من أجل وقف القتال للأغراض الإنسانية في السودان، وإذا نجح ذلك فسنسعى لوقف أكثر تنظيما لإطلاق النار".
توقف المساعدات
وقال مبعوث الأمم المتحدة بشأن السودان: لا يمكننا تقدير من له الغلبة في القتال بالسودان؛ فالوضع غير واضح على الأرض، مضيفا: لا يمكن إرسال مساعدات إلى السودان في الوقت الحالي.
وأعلن رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان فولكر بيرتيس، الإثنين، سقوط أكثر من 180 قتيلاً و1800 جريح في المعارك المستعرة في السودان منذ ثلاثة أيام بين الجيش وقوات الدعم السريع، مؤكدًا أنّ "الوضع مائع للغاية، لذلك يصعب القول بأي اتّجاه يميل ميزان" القوة في الميدان.
في السياق نفسه، دعا البيت الأبيض اليوم الإثنين إلى وقف فوري لإطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، قائلا إن المسؤولين الأمريكيين على اتصال بالقادة العسكريين.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: "نأسف لتصاعد العنف من الخرطوم وأماكن أخرى في السودان. ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار دون شروط بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع".
ماذا عن الوضع الميداني؟
تنتشر رائحة البارود منذ السبت في العاصمة وترتفع أعمدة دخان أسود كثيف في سمائها. ولازم السكان منازلهم، وسط انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن عدد كبير من المنازل.
وتتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة في مناطق عدة في البلاد، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقارّ لقوات الدعم السريع.
ويصعب تشخيص الوضع على الأرض. فقد أعلنت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على مطار الخرطوم الدولي السبت، الأمر الذي نفاه الجيش. وقالت إنها دخلت القصر الرئاسي، لكنّ الجيش ينفي ذلك أيضا ويؤكد أنه يسيطر على المقرّ العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمّعات السلطة في الخرطوم.
أما التلفزيون الرسمي فيؤكّد كلّ من الطرفين سيطرته عليه. لكنّ سكاناً في محيط مقرّ التلفزيون أكّدوا الإثنين أن القتال متواصل في المنطقة، فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية.
وعجزت "الممرّات الإنسانية" التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد عن تغيير الوضع، فاستمرّ سماع إطلاق النار ودويّ انفجارات في الخرطوم.
وفيما لا يرتسم في الأفق أيّ وقف لإطلاق النار، دقّ الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر. فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ السبت.
وضع إنساني "مأساوي"
وأكّد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة، فيما أفادت منظمة الصحة العالمية أنّ "عدداً من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية".
ومع كلّ غارة جوية جديدة أو قصف مدفعي، يفزع الآباء والأطفال، وتقول عائلات إنّها لم تشهد سابقاً مثل هذا العنف في عاصمة الدولة التي بدأت قبل أربع سنوات فترة انتقالية نحو الديمقراطية.
واليوم، يشاهد الجميع من نوافذهم عربات مدرعة ومسلّحين يمرّون في مركبات مدنية أزيلت لوحات أرقامها، آملين ألا تصيب بناياتهم طلقات طائشة أو شظايا.
وإضافة إلى الطلقات النارية العشوائية التي أسفرت خصوصاً عن مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في دارفور، صار يتعيّن على العاملين في المجال الإنساني التعامل مع عمليات النهب في الإقليم، وفق ما أكّدت منظمة "أنقذوا الأطفال".
وأعلنت منظّمات غير حكومية عديدة ووكالات تابعة للأمم المتّحدة تعليق أنشطتها، في قرار له تداعيات وخيمة في بلد يؤثر فيه الجوع على أكثر من واحد من كل ثلاثة من سكّانه البالغ عددهم 45 مليونا.
اعتداء على سفير الاتحاد الأوروبي
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن سفير الاتحاد لدى السودان تعرض لاعتداء في مقر إقامته اليوم الإثنين.
وكتب بوريل على تويتر قائلا "هذا يشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية فيينا. أمن المقار الدبلوماسية والموظفين هو مسؤولية رئيسية للسلطات السودانية والتزام بموجب القانون الدولي".
من جانبها، أكدت البعثة الأوروبية في السودان أن سفير الاتحاد الأوروبي في الخرطوم لم يصب بأذى جراء الاعتداء.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg
جزيرة ام اند امز