الجيش السوداني والدعم السريع.. خريطة السيطرة والنفوذ
من عاصمة هادئة مطمئنة إلى مدينة تعلوها سحابة سوداء ناجمة عن معارك الجيش وقوات الدعم السريع، بدا المشهد أكثر قتامة في الخرطوم.
محاولات هنا للسيطرة ومساع هناك للتحكم والنفوذ تجر معها مواجهات عسكرية لا تزال مستمرة بين شريكي الحكم سابقا في السودان ومع كل ذلك بدأ كل طرف يتحدث عن مكاسبه من المعارك.
ففي اليوم الثاني للمواجهات العسكرية، أعلن الجيش السوداني استمرار المعارك العسكرية ونشر فيديوهات تشير إلى التحام الشعب مع قواته في الشارع واحتفالات بانتصاراته في العملية العسكرية الخاصة بإنهاء وجود قوات الدعم السريع.
مكاسب الجيش
الجيش السوداني وفي بيان له أعلن هروب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) من مخبأه بعد فرار طاقم حراسته وجنوده المكلفين بتأمينه.
كما نشر الجيش صورا تشير إلى خسائر في الآليات والمعدات العسكرية في صفوف قوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم والولايات السودانية الأخرى.
ونشر الجيش السوداني فيديو لبعض جنوده وهم يقتحمون ويستولون على مقر قوات الدعم السريع، بولاية القضارف، ويمزقون اللافتات ويدوسون بالأحذية على صور قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو شرقي البلاد.
كما نفى الجيش ما أسماها ادعاءات إعلام قوات الدعم السريع بالاستيلاء على مقرات القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، لكنه أقر بتعرض برج القوات البرية للحريق نتيجة لنيران الاشتباكات الصباحية التي تمت السيطرة عليها دون إصابة أحد بأذى.
خريطة غنائم الجيش السوداني امتدت للسيطرة والاستيلاء على قواعد ومقرات قوات الدعم السريع في مدن بورتسودان وكسلا والقضارف (شرق) والدمازين (جنوب شرق) وكوستي وكادقلوي (جنوب) ومعسكر كرري بشمال مدينة أم درمان.
هنا عرض الجيش فيديوهات لاستلام الفرقة الرابعة مشاة بمدينة الدمازين (جنوب) 35 عربة لاند كروزر من قوات الدعم السريع بكامل أسلحتها وعتادها العسكري.
المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد عبدالله، بدوره أكد سقوط أكبر قاعدة لقوات الدعم السريع في كرري (جبل سركاب) غربي مدينة أم درمان، تحت يد القوات المسلحة والاستيلاء على كل آليات وأسلحة وعتاد قوات الدعم السريع.
ومن أمام مقر هيئة البث بالتلفزيون القومي، أعلن الجيش السوداني احتفال جنوده بعد إعلان قوات الدعم السريع إحكام السيطرة عليها، مؤكدا سيطرته على جميع مقرات قوات الدعم السريع بمدينة أم درمان بكل عتادها وآلياتها وأسلحتها، وهروب القوات من مواقعهم.
اتهامات الجيش السوداني لم تتوقف لقوات الدعم السريع بنشر الأكاذيب والترهات عن سيطرتها على القيادة العامة والتصنيع الحربي والقصر الرئاسي بينما يسقط جنودها وضباطها في شوارع الخرطوم دون علاج أو دواء وأن قيادتها تختبئ في أمكنة مجهولة.
كما أعلن الجيش أن رئيس دائرة الاستخبارات بقوات الدعم السريع اللواء ركن الخير أبو مريدات يعلن انضمامه للقوات المسلحة برا بقسمه ويقوم بتسليم دائرة الاستخبارات للقوات المسلحة، موضحا أن سلاح المهندسين تحت سيطرة القوات المسلحة ولا صحة لادعاءات قوات الدعم السريع بالاستيلاء عليه.
غنائم الدعم السريع
أما قوات الدعم السريع فأعلنت سيطرتها على مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر كسلا (شرق)، ومطار وقاعدة مروي العسكرية (شمال) والأبيض والنيل الأبيض (جنوب)، والفاشر والجنينة وزالنجي وكباكبية (غرب).
قوات الدعم السريع في بورتسودان أشارت إلى هجوم من طيران أجنبي، محذرة من التدخل الخارجي. وأهابت بالرأي العام الإقليمي والدولي لوقف هذا العدوان والمسلك.
كما أعلن المستشار السياسي لقوات الدعم السريع، أن القوات تقاتل في كل المحاور، وأن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو يقود القتال وفق الخطة المُجازة مسبقا.
ونفت قوات الدعم السريع، وفاة قائديها بشمال وغرب دارفور، مؤكدة أنهما في تمام الصحة والجاهزية ويشرفان بنفسيهما على معركة العزة والكرامة بالفاشر والجنينة.
وفي مكسب كبير لها، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على مطار مروي، مطمئنة الشعب السوداني على الوضع فيه.
ولليوم الثاني تشهد العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى اشتباكات مسلحة بين قوات من الجيش السوداني و"الدعم السريع".
وأثرت خلافات الجيش وقوات الدعم السريع على توقيع الاتفاق النهائي للعملية السياسية في السودان، الذي كان مقررا في 5 أبريل/نيسان الجاري، قبل إرجائه "إلى أجل غير مسمى".
وانطلقت في 8 يناير/كانون الثاني 2023 عملية سياسية بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري" في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، وهم مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي"، بهدف التوصل إلى اتفاق يحل الأزمة السياسية.