مشاهير تحدوا الاضطرابات العصبية.. أبرزهم رايان جوسلينج وجنيفر لورانس
عدد من المشاهير أصيبوا بمرض نقص الانتباه مع فرط النشاط، ورغم صعوبات التعامل معه استطاعوا التغلب عليه والنجاح في حياتهم العملية.
اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) واحد من الاضطرابات العصبية النفسية الأكثر شيوعا بين الأطفال، يدفعهم دائما للفشل، لكن المثير أن بعض المشاهير حققوا نجاحا كبيرا رغم معاناتهم من هذا المرض، وتغلبوا على الصعوبات المترتبة عليه.
ويتسم هذا الاضطراب بالاندفاعية وتشتت الانتباه بسهولة، وعادة ما يواجه المصاب به مشكلات سلوكية، فضلا عن مشقة كبيرة في طريق تحقيق أهدافه وطموحاته المهنية، لكن هذا الأمر لم يمثل عقبة أمام عدد من المشاهير، من أبرزهم:
1- رايان جوسلينج
كشف الممثل الكندي الشهير عن معاناته من اضطراب (ADHD)، وقال في إحدى المقابلات ردا على سؤاله بشأن بداياته في عالم الفن: "لم أفعل أي شيء بشكل جيد، اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يصعّب الأمور لكنه لا يجعل النجاح مستحيلا".
2- جنيفر لورانس
كشفت النجمة العالمية، في تصريحات صحفية، عن أن هذا المرض يضعها في مواقف محرجة بصفه مستمرة، ويجعلها تصاب بفوبيا من ركوب الطائرة، ما أوقعها في أكثر من موقف سيئ، ما دفعها للخضوع لعلاج مكثف، "لكنها لم تصل لحل جذري يجعلها تخرج من أزمتها"، على حسب قولها.
3- مايكل جوردان
النجم الأمريكي يعد أفضل لاعب كرة سلة في التاريخ، وكشف سابقا عن إصابته بهذا المرض، ورغم ذلك حقق نجاحا ساحقا في مجاله، وفاز بجائزة "اللاعب الأكثر قيمة" MVP نحو 5 مرات، وأصبح اللاعب الأكثر تكريماً في NBA (الاتحاد الوطني الأمريكي للاعبي كرة السلة).
4- مايكل فيليبس
نجح السباح الأمريكي المصاب بمرض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في تحقيق أرقام قياسية في لعبته، وكافح كثيرا ليتحول من مريض نفسي كان يعد من زوار الأطباء النفسيين إلى بطل رياضي حقق نحو 28 ميدالية أولمبية؛ وأصبح بطلا أسطورياً جديداً في السباحة.
5- لويس روخاس ماركوس
تعد من أغرب حالات الإصابة بهذا الاضطراب الطبيب النفسي الإسباني-الأمريكي لويس روخاس ماركوس، الذي أقر في مقابلة مع صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، بأن اضطراب (ADHD) أثر عليه سلبا في البداية.
وقال ماركوس: "حين كان عمري 12 أو 13 عاما كنت أرسب في كل المواد باستثناء 3: التربية البدنية والدين والتربية القومية، وكان والداي يشعران بالقلق الشديد حيال ما إذا كان بإمكاني أن أدرس وأتعلم مهنة ما".
وأضاف: "في النهاية نجحت في المضي قدما بفضل مجموعة من الأشخاص الذين ساعدوني في زمن خمسينيات وستينيات القرن الماضي، لم يكن فيه هذا الاضطراب معروفا، كما أنني تمكنت من استغلال فرط النشاط لدي في ممارسة أنشطة أخرى مثل العزف مع فريق موسيقي، ثم سار الأمر بشكل جيد جدا، لكن كل هذا تحقق بالجهد وبمساعدة الآخرين".
طبيعة المرض
بدورها قالت الطبيبة النفسية ماريا خوسيه كويادو ماتيو إن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يعد واحدا من أكثر الاضطرابات التي تشخص أثناء مرحلة الطفولة، موضحة أنه "يتسم بوجود صعوبة في الحفاظ على الانتباه، وبمستوى عالٍ من الاندفاعية وفرط النشاط، ما يؤثر بشكل كبير على نواحٍ مختلفة من حياة الطفل أو المراهق أو البالغ، وهذه النواحي تتضمن الحياة الدراسية والعملية والأسرية والاجتماعية".
وذكرت أن "الأطفال والمراهقين الذين يعانون من هذا الاضطراب يجدون صعوبة في البقاء جالسين على مقاعدهم أثناء تناول الطعام، كما أنهم يواجهون صعوبة كبيرة في التخطيط للمهام وتنفيذها، فهم يشرعون في بدء العديد من المشروعات، لكنهم ينتقلون من أمر لآخر دون إنهاء أي شيء".
وتابعت: كما أنهم عرضة لمواجهة حوادث تنجم عن مواجهتهم لصعوبة في السيطرة على اندفاعاتهم وعدم قدرتهم على تقييم حجم المخاطر في المواقف التي تواجههم".
نسب الإصابة باضطراب نقص الانتباه
تشيع الإصابة بهذا الاضطراب بين الذكور أكثر منه بين الإناث، لكن العديد من الباحثين يقولون إن هذا لا يعني أن الاضطراب يؤثر على الصبية أكثر من البنات، بل إنه يؤثر بشكل مختلف يجعله يظهر بصورة أقل بين الفتيات.
وأوضحت كويادو أن البيانات تشير بشكل عام إلى أن الفتيات تظهر عليهن أعراض الاندفاعية وفرط النشاط بنسبة أقل مقارنة بالفتيان، لكنهن يواجهن مشكلات في الانتباه بقدر أكبر، كما أن سلوكيات التحدي والعدائية لا تظهر عادة بين الإناث اللاتي يعانين من هذا الاضطراب.
وأكدت الأخصائية أن هذه الاختلافات تستمر خلال مرحلة المراهقة، نظرا لأنه بالنسبة للصبية يولد الاضطراب مشكلات أخرى ظاهرية مثل التعاطي أو السلوكيات العدائية أو الإجرامية.
وأضافت: لكن بالنسبة للفتيات، يولد اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط مشكلات استبطانية مثل القلق أو الاكتئاب، ما يعني أن الطريقة التي يظهر بها الاضطراب عند الفتيات يجعل رصده أكثر صعوبة على عكس ما يحدث في حالة الفتيان.
وأكملت: عندما نتحدث عن اضطراب (ADHD)، تتوارد إلى أذهاننا مرحلة الطفولة أو المراهقة، لكن الحقيقة هي أن هذا الاضطراب يستمر أيضا لما بعد ذلك، مؤكدة أن الأعراض في هذه الحالة تكون تقريبا كما هي، لكن المتطلبات المحيطة بالشخص البالغ والخبرات التي يتعلمها تجعل الأمر يظهر بشكل مختلف.
وقالت كوايادو إن تطور الأعراض منذ الطفولة وصولا لمرحلة الكبر تعتمد على المحيط الذي يكبر فيه هذا الشخص والعلاج الذي يخضع له والمهارات التي يتعلمها بين عوامل أخرى.
فيما يتعلق بالعلاج، يتفق أغلب الخبراء على أن الطريقة الأكثر فاعلية هي المزج بين العقاقير والتدخل النفسي والأسري والمدرسي.
المساعدة النفسية شق أساسي
أوضحت ماريا خوسيه كوايادو أن العقاقير تسعى لتصحيح الخلل في التوازن بين هرموني النورأدرينالين والدوبامين لدى المصاب باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
وقالت: "يُعتقد أن هذا الخلل يؤدي إلى اضطراب تنجم عنه حالة من عدم السيطرة على الاندفاعات وصعوبة في الحفاظ على الانتباه واتخاذ القرارات، كما أنه يؤثر على الوظائف التنفيذية لدى الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب".
وأوضحت أن الوظائف التنفيذية هي المهارات السلوكية المعقدة التي تسمح لنا بالسيطرة على سلوكياتنا وتنظيمها، إضافة إلى تحديد الأمور التي نريدها وكيفية الحصول عليها إلى جانب تحديد الخطة الأنسب لذلك، كل ذلك بإرشاد داخلي دون الاعتماد على مؤشرات خارجية.
وبذلك، فإن الوظائف التنفيذية تسمح لنا بتحديد الأهداف والتخطيط والتنظيم لإنجاز المهام، بالإضافة إلى توقع النتائج وتغيير الخطط إذا لزم الأمر.
وقالت إنه بالنسبة للعلاج النفسي للتعامل مع اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، فالهدف منه هو تحسين المهارات المعرفية والسلوكيات؛ للوصول لتكيف أمثل مع محيط الشخص ولتجاوز مشكلات أخرى مرتبطة بالاضطراب، مثل قلة الثقة بالنفس أو القلق.
وأضافت أن التعامل مع اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط عن طريق العلاج النفسي يجب أن يشمل تثقيفا نفسيا، كي يعلم الشخص أنه يعاني من مشكلة، إضافة إلى علاج سلوكي معرفي وتدريب على المهارات الاجتماعية، وتقنيات للاسترخاء والتعامل مع التوتر.
وأكدت أن المهارات التي يتعلمها المصاب بهذا الاضطراب، هي التي يتحدد على أساسها القوة التي تظهر بها الأعراض في كل مرحلة عمرية.