جامع السلطان حسن.. درة العمارة الإسلامية في مصر
"بلد الألف مئذنة"، عبارة اشتهرت بها العمارة الإسلامية في العاصمة المصرية القاهرة، لكن الواقع الآن يشير إلى عدد أكبر بكثير.
وفي يونيو/حزيران 2020، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية ارتفاع عدد المساجد الرسمية في القاهرة إلى 2475 مسجدًا و2485 زاوية "مسجد صغير".
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة إن عدد المساجد المصرية يتجاوز 140 ألف مسجد وزاوية، بينما يبلغ عدد المساجد الكبيرة أكثر من 100 ألف مسجد.
ومن الأزهر والسيدة زينب والحسين إلى الرفاعي والسلطان حسن والشافعي، تشتهر القاهرة بمساجد أيقونية تبرهن على براعة عمارتها منذ تم فتحها عام 20 هجرية.
مسجد السلطان حسن
من أكبر مساجد مصر عمارة وأعلاها بنيانًا، أنشأه السلطان حسن بن الناصر بن قلاوون عام 1356، وأتم بناءه عام 1362، ويقع في نهاية شارع محمد علي أمام جامع الرفاعي بميدان صلاح الدين شرق القاهرة.
يتكون المسجد من صحن أوسط مكشوف، تتوسطه فوّارة، ويحيط به 4 إيوانات، وفي زوايا الصحن الأربعة يوجد 4 أبواب توصل إلى المدارس الأربعة المخصصة لتدريس المذاهب الفقهية، بواقع مدرسة لكل مذهب.
وفي عصر المماليك، استخدم المسجد كحصن لقربه الشديد من قلعة صلاح الدين الأيوبي، وكانت تطلق من فوق سطحه القذائف على القلعة عندما تثور الحروب بين أمراء المماليك، وهو ما أدى لتهدم مئذنته.
براعة الزخرفة
وعلى مر العصور، خضع المسجد للعديد من عمليات الترميم، وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية فإن أهم ما يميز المسجد هو القباب ذات الزخارف الرائعة والتصميم المعماري المميز وعلو جدران وسقف المسجد.
ومن بين مساجد القاهرة، يتميز المسجد بدقة الزخارف الحجرية والجصية، خاصة في الأشرطة الكتابية بالخط الكوفي، والأعمال الرخامية والزخارف بمحراب الإيوان الرئيسي ومحراب القبة ومدخل المنبر الرخامي.
وعزم السلطان حسن على بناء 4 منارات ومآذن كبيرة للمسجد، وأتم بناء 2 منها بالفعل، وفي عام 762 هجرية سقطت المنارة الواقعة فوق الباب وقتل تحتها نحو 300 شخص، فتقرر الاكتفاء ببناء منارتين فقط.
الرفاعي والسلطان حسن
ويقول المقريزي إن السلطان حسن جلب لبناء هذا المسجد أمهر الحرفيين من مختلف أقاليم الدولة المملوكية، ووصفه المستشرق الفرنسي جاستون فييت بأنه يجمع بين قوة البناء وعظمته ورقة الزخرفة وجمالها.
ويعد الجامع درة العمارة المملوكية وأبهى أبنية عصرهم، وقال عنه المقريزي: "لا يعرف في بلاد الإسلام معبد من معابد المسلمين يحاكي هذا الجامع وقبته التي لم يبن بديار مصر والشام والعراق والمغرب واليمن مثلها".
وأظهرت لوحة مرسومة لجامع السلطان حسن نحو عام 1799 المئذنة القديمة للجامع، وتختلف عن المئذنة الحالية، بعد أن تهدمت المئذنة القديمة جراء حروب المماليك والقذائف التي كانت تلقى على الجامع من القلعة.
ويقع مسجد السلطان حسن بالقرب من مسجد الرفاعي، ولا يفصل بينهما سوى أمتار، رغم أن الفارق الزمني بينهما كبير، وجاء بناء مسجد الرفاعي بعد نحو 5 قرون، بتكليف من خوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل.
زيارة أوباما
وفي عام 2009، زار الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون مسجد السلطان حسن، ضمن زيارته التاريخية إلى مصر إبان انتخابه الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة.
وكان مسجد السلطان حسن قد أغلق رسميًا أمام المصلين في مصر قرابة أسبوع، في سياق الترتيبات الأمنية للزيارة، كما أغلقت المحال التجارية حول المسجد قبل قدوم الرئيس الأمريكي ومرافقيه لزيارة الجامع.
وخلال الزيارة، تجول الرئيس الأمريكي بين جدران المسجد، وأبدى انبهاره الشديد ببراعة العمارة الإسلامية، وبعد عامين زارت المسجد السفيرة الأمريكية لدى مصر، آن باترسون، رفقة الكاتب جمال الغيطاني.
aXA6IDMuMTUuNy4yMTIg جزيرة ام اند امز